مندوب فلسطين بالجامعة العربية: مصر لم تغلق معبر رفح وكانت سباقة فى إرسال المساعدات (حوار)
- مهند العكلوك طالب بتشجيع المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية للتحرك ضد إسرائيل
- علاقات الدول بإسرائيل مسألة سيادة.. وكل ما نطلبه هو الضغط على الاحتلال
أشاد مهند العكلوك، مندوب دولة فلسطين الدائم لدى جامعة الدول العربية، بالدور المصرى الداعم للقضية الفلسطينية، وبموقف الرئيس عبدالفتاح السيسى الرافض للعدوان الإسرائيلى على غزة ومحاولة تهجير الفلسطينيين من القطاع.
ودعا «العكلوك»، فى حوار مع «الدستور»، لتصعيد الموقف العربى ضد الجرائم الإسرائيلية، ليتحول من مجرد مطالبات إلى إجراءات تظهر قوة الدبلوماسية العربية.
وشدد «العكلوك» على أهمية تشجيع المدعى العام المحكمة الجنائية الدولية على التحرك ضد إسرائيل، عن طريق تقديم المزيد من الإحالات للمحكمة، مشيرًا إلى أن إسرائيل منعت المدعى من دخول غزة عبر رفح، حتى لا يوثق جرائم الحرب التى يمارسها الاحتلال.
■ كيف تتفاعل جامعة الدول العربية مع العدوان الإسرائيلى على غزة؟
- منذ اندلاع العدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، قبل شهرين، تبين لنا سريعًا أنه حرب انتقامية، تهدف للإبادة الجماعية، وظهر ذلك فى قتل الآلاف من المدنيين وتدمير المنازل، إذ وصل عدد المنازل المدمرة جزئيًا أو كليًا نحو ٣٠٠ ألف منزل.
كما أوضحت التصريحات العنصرية التى قالها قيادات الاحتلال حقيقة الكيان الصهيونى، فقد وصفوا الشعب الفلسطينى بالحيوانات البشرية، ووصفوا المعركة بأنها «معركة الظلام والنور».
الجامعة العربية فى البداية اجتمعت على مستوى وزراء الخارجية العرب، وأرى أن الجامعة لم تتفاعل بالشكل المناسب مع الحدث فى هذا الوقت.
ثم حدث التصعيد، فدعت الجامعة لعقد قمة عربية طارئة، التى كانت بمثابة قفزة فى العمل العربى وزادت من التفاعل مع الصراع.. وعقدت القمة العربية الإسلامية بحضور ٥٧ دولة، وتبنت عدة قرارات لوقف الحرب فى غزة.
■ ما الخطوات المستقبلية للدفاع عن فلسطين؟
- ما ننتظره حاليًا أن تستخدم الدول العربية ما لديها من أوراق قوة وضغط لحماية الشعب الفلسطينى الذى يتعرض لإبادة جماعية، والتحرك الفورى عبر الإجراءات لمنع تهجير الشعب الفلسطينى، الأمر الذى سيكون له ضرر واسع على دول عربية، من بينها مصر والأردن، اللتان عبّرتا بوضوح عن أن قضية التهجير خط أحمر، باعتبارها شكلًا من أشكال تصفية القضية الفلسطينية.
■ ما الأدوات التى يمكن أن تستخدمها الدول العربية للضغط لوقف العدوان الإسرائيلى؟
- إذا نظرنا إلى القمة العربية الإسلامية المشتركة، نجد أن ٤ دول من بين الدول التى اجتمعت فى هذه القمة أعضاء فى مجلس الأمن.. تستطيع كل منها اقتراح قرار داخل مجلس الأمن بخصوص وقف الإبادة الجماعية التى يتعرض لها الفلسطينيون، لا سيما أن القمة العربية الأخيرة تبنت قرارًا لمطالبة مجلس الأمن بإصدار قرار لوقف العدوان الإسرائيلى على غزة ووقف إطلاق النار.
كما أن هناك ٢٥ دولة عربية وإسلامية، أعضاء فى المحكمة الجنائية الدولية، تستطيع أن تحيل الجرائم الإسرائيلية إلى المحكمة، وهناك ٣١ دولة عربية وإسلامية لها علاقات مع الاحتلال، ونحن نعتبر هذه العلاقات تمثل سيادة الدول.. وكدولة فلسطين لا نطلب قطع هذه العلاقات ولا نتدخل فى سيادة الدول، ولكن نطلب منها استخدام هذه العلاقات كأوراق ضغط دبلوماسية لإنهاء الحرب على غزة.
وأخيرًا هناك الأدوات الاقتصادية التى يمكن استخدامها، ففى القمة العربية دعت الدول الأعضاء باتخاذ كل الإجراءات لممارسة الضغوط على الاحتلال الإسرائيلى وعلى من يدعم الاحتلال.. هناك دول عربية لديها إمكانات اقتصادية هائلة ولديها اتفاقيات اقتصادية مع الاحتلال والدول الداعمة لها، نحن نرى أن من المهم استخدام هذه العلاقات الاقتصادية، وربما تطبيق بعض العقوبات على إسرائيل مباشرة أو من يدعمها كأدوات للضغط.
■ ما الإجراءات التى جرى اتخاذها لإحالة جرائم الاحتلال للمحكمة الجنائية الدولية؟
- جرى تقديم إحالات من ٥ دول، هى جنوب إفريقيا وبوليفيا وجزر القمر وجيبوتى وبنجلاديش، أى أن ٣ دول إسلامية وعربية، من بين ٢٥ دولة، تقدمت بطلبات إحالة للمحكمة.. وننتظر أن تتحرك بقية الدول لتقديم إحالات.
وهناك أدوات قانونية يمكن استخدامها حتى لو لم تكن الدول الأعضاء فى المحكمة الجنائية، وذلك من خلال تقديم شكاوى جنائية، إضافة إلى إمداد المحكمة ببيانات ومعلومات وآراء، يمكنها أن تشجع المدعى العام للمحكمة الجنائية على التحرك، الذى زار معبر رفح، وقال إنه لم يستطع دخول غزة، وذلك لأن الاحتلال يخشى أن يوثق جرائم الحرب التى يمارسها ضد الشعب الفلسطينى.
هذه الخطوات تضمن محاسبة مرتكبى جرائم الحرب أمام المجتمع الدولى، بالرغم من أن هناك إحباطًا عربيًا وفلسطينيًا كبيرًا بشأن آليات العدالة الدولية أو ما يمكن أن نطلق عليه المعايير المزدوجة التى يستخدمها المجتمع الدولى فى التعامل مع معاناة الشعب الفلسطينى.
■ ماذا عن تشكيل اللجنة الوزارية المشتركة تفعيلًا لقرارات القمة العربية الإسلامية؟
- تشكيل وتحرك اللجنة الوزارية، برئاسة المملكة العربية السعودية، باعتبارها رئيس القمة العربية الإسلامية، كان جيدًا، فى إطار عملى لتنفيذ قرارات القمة الطارئة، وتابعنا إجراءها مباحثات مع عدد من الدول، واجتماعاتها مع جميع الدول الأعضاء الدائمين فى مجلس الأمن.
كانت للجنة ثلاثة مطالب رئيسية، هى: وقف العدوان، وكسر الحصار، وإدخال المساعدات الإغاثية والإنسانية للشعب الفلسطينى والحل السياسى وإنهاء الاحتلال لمعالجة هذه القضية من جذورها.
أقول إن تحرك اللجنة كان مهمًا وجاء تنفيذًا لقرارات القمة، وتوقعنا استجابة المجتمع الدولى للمطالب الثلاثة، لكن لم تكن هناك استجابة سوى من الصين، التى تحركت باعتبارها رئيس مجلس الأمن، ودعت المجلس لاجتماع، وكان هناك حديث مهم به، لكن إذا نظرنا للنتائج على أرض الواقع سنجد العدوان الإسرائيلى بعد الهدنة عاد بشراسة أكبر، لارتكاب المجازر والإبادة الجماعية.
المطلوب حاليًا أن يكون هناك تصعيد فى الموقف العربى، ليتحول من مجرد مطالبات إلى إجراءات تظهر قوة الدبلوماسية العربية، لأن إسرائيل ومن يدعمها من الواضح أنهم لا يهتمون بالاستجابة للمطالب، لذلك نطالب باستمرار عمل وتحرك اللجنة ولكن يجب أن يكون على أسس أكثر عملية.
■ كيف ينظر الشعب والحكومة الفلسطينية للدور المصرى فى دعم القضية؟
- نحن كدولة وحكومة وشعب فلسطينى نرى موقف مصر ليس بحاجة لمراجعة، لأننا نعلم أن مصر داعم حقيقى واستراتيجى قوى للقضية الفلسطينية، بحكم دور مصر القيادى فى الأمة العربية.
القضية الفلسطينية بالنسبة لمصر جزء من الأمن القومى، وهذا ما عبر عنه الرئيس عبدالفتاح السيسى، منذ بداية العدوان الإسرائيلى.
وحتى موضوع معبر رفح، نحن نعلم تمامًا أن من يغلق معبر رفح ليس الجانب المصرى، فمصر أعلنت منذ اللحظة الأولى للعدوان عن تخصيص مطار العريش لاستقبال كل المساعدات الإغاثية للشعب الفلسطينى.
وكانت مصر سباقة بإرسال الشاحنات، والآن لدينا مئات الشاحنات التى تحمل الإغاثة الغذائية والطبية ومختلف المساعدات، ولذلك نعلم تمامًا أن من يحاصر قطاع غزة هو المحتل والمعتدى الإسرائيلى، من يغلق معبر رفح هو أيضًا المحتل الإسرائيلى، وكان ذلك واضحًا فى بداية العدوان عندما قصف الطيران الإسرائيلى معبر رفح من الجانب الفلسطينى.
■ ما تقييمك لتعامل المجتمع الدولى مع ما يحدث فى غزة؟
- المجتمع الدولى يتعامل بازدواجية مع قضية فلسطين.. هنا سقط القانون الدولى والإعلان العام لحقوق الإنسان وسقط القانون الدولى الإنسانى واتفاقية جنيف المسئولة عن حماية المدنيين فى أثناء الحرب والنزاعات المسلحة.
سقطت فى بلادى القيم والأخلاق، لأن العالم يكيل بمكيالين، وأدعو جميع الدول والشعوب العربية والحرة التى لا تزال تؤمن بأن هناك منظومة وقانونًا دوليين، بالتحرك لمعرفة لماذا كل هذا السقوط فى القيم والقوانين.
هناك نظرة عنصرية تسيطر على العالم، صنعتها الصهيونية العالمية.. فعندما يقتل ٦ آلاف و٥٠٠ طفل فلسطينى يكون لهذا تبرير فى إطار دفاع إسرائيل عن نفسها، رغم أن القانون لا يتيح للمحتل الدفاع عن نفسه، ويتيح للشعب الذى تحتل أرضه حقه فى الدفاع عن نفسه وأرضه وتقرير مصيره، ومن ذلك حق المقاومة.
العالم ينظر لأطفال فلسطين نظرة عنصرية، هذه النظرة من شأنها تدمير القوانين الدولية، وجعل العالم غير آمن ويقتل به كل مساعى السلام.
■ ألم يؤثر الحراك الشعبى الغربى على تعامل المجتمع الدولى مع ما يحدث فى غزة؟
- سيؤثر التحرك الشعبى إن كانت هناك ديمقراطية حقيقية، لكننا نعلم أن الديمقراطية سقطت أيضًا، فالشعوب فى دول الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية، خرجوا بمئات الآلاف يطالبون بكلمة واحدة «وقف إطلاق النار»، ويرفض ساستهم الاستماع لهم، ويؤيدون جرائم إسرائيل.
■ هل ترى أن أمريكا تتطلع للتوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار؟
- موقف أمريكا لم يتغير، فالصحف الأمريكية قالت إن إدارة الرئيس جو بايدن زودت الاحتلال الإسرائيلى بـ١٥ ألف قنبلة بعد الهدنة، فهل هذا يعنى أن هناك مطالبة بوقف إطلاق النار؟
- كل ما تجود به علينا الإدارة الأمريكية هو تقليل عدد الضحايا المدنيين، ربما من عشرات الآلاف إلى آلاف فقط، وحتى ذلك لا نرى له نتيجة.
يستخدم الأمريكان مصطلح «الأضرار الجانبية» وهو مصطلح معروف فى الحرب يستخدم عند سقوط بعض الضحايا المدنيين عند استهداف قاعدة عسكرية، لكن عندما يستشهد قرابة ٢٠ ألف شهيد، ١٥ ألفًا تم دفنهم فعليًا و٥٥٠٠ تحت الأنقاض، ومن هذا المجموع نحو ٦ آلاف طفل و٤ آلاف امرأة- فهل يمكن أن يسمى هذا العدد العظيم أضرارًا جانبية؟
■ لماذا يتجاهل البعض جرائم الاحتلال ويرى أن الخطأ كان ما حدث فى ٧ أكتوبر؟
- قبل ٧ أكتوبر كان هناك ٧٥ عامًا من نكبة وتهجير ومعاناة الشعب الفلسطينى، وكان هناك ٥٦ عامًا من الاحتلال لغزة والضفة والقدس الشرقية، وكان هناك ١٧ عامًا من حصار قطاع غزة، وكان هناك ٨٠٠ ألف مستوطن يزيد عددهم بوتيرة متسارعة ليصبحوا مليون مستوطن خلال عام ٢٠٢٥ وفقًا للمخططات الإسرائيلية، وكان هناك نظام فصل عنصرى تطبقه إسرائيل على الشعب الفلسطينى، تحدث عنه الكثير من المنظمات الدولية. كما كان هناك ٢٢٠ شهيدًا فى الضفة الغربية، واستمرار لتهويد القدس والمزيد من اقتحامات الأقصى المبارك. وقبل ٧ أكتوبر بـ١٠ أيام كان هناك اقتحام من قبل عشرة آلاف مستوطن للمسجد الأقصى، فلا يأتى أحد اليوم ويقول إن الأمر بدأ فى ٧ أكتوبر.. هذه كذبة يحاول الاحتلال تسويقها للغرب، وعلينا جميعًا أن نواجه هذا الكذب والتضليل.
■ كيف يصعّد الاحتلال من عدوانه فى باقى المدن الفلسطينية؟
- هناك اقتحام يومى تقريبًا لمعظم القرى والمدن والمخيمات الفلسطينية، لدينا أكثر من ٣٠٠ شهيد منذ ٧ أكتوبر فى الضفة الغربية، وهناك يوميًا تدمير فى البنية التحتية بالضفة الغربية المحتلة، ويوميًا عمليات حرق وتخريب الممتلكات وحصار الكثير من المدن، وعلى مدار شهرين يُمنع المصلون من دخول المسجد الأقصى إلا من يزيد عمرهم على ٦٠ عامًا، كما يزيد الاستيطان ويزيد نظام الفصل العنصرى وتزيد جريمة ضم الأراضى.