أحمد فضل شبلول: القضية الفلسطينية لا تزال حية على الأرض
قال الكاتب أحمد فضل شبلول في تصريحات خاصة لـ " الدستور"، حول أثر الحرب علي غزة في الأدب، إنه من الصعوبة بمكان متابعة كل ما يُكتب بأقلام الأدباء والكتَّاب والمثقفين العرب، وغير العرب، إزاء ما يحدث على الأراضي الفلسطينية بعامة، وقطاع غزة على وجه الخصوص، وخاصة بعد العملية التاريخية "طوفان الأقصى"، التي لم تكن متوقعة على الإطلاق من أشد الناس تعاطفًا مع القضية الفلسطينية وانتصارًا وتأييدًا لها.
القضية الفلسطينية لا تزال حية على الأرض وفي الوجدان
وأوضح أحمد فضل شبلول، ويومًا بعد يوم تتكشف حقائق وأرقام وخرائط لم تكن معروفة سواء قبيل إطلاق الطوفان، أو بعده، ولكن من خلال ما تم نشره وأتيحت لي الفرصة للاطلاع عليه، لم يأتِ الأدب بحجم ما حدث وما يحدث، وما سوف يحدث، وخاصة الشعر الذي من خصائصه الاستجابة الفورية لما يحدث، على عكس الرواية التي قد تأخذ وقتًا أطول، وتحضيرًا أوسع، وتهيئة أكبر.
كل الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في غزة كانت فوق كل تصور وكل وهم وخيال
وأضاف، ما اطلعت عليه من شعر وقصة قصيرة وقصيرة جدا، كان في معظمه تقليديًّا في رؤيته ومعالجته لما يحدث على أرض الواقع، لأن الواقع أشد فداحة ويفوق الخيال، فكل الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل ضد الأطفال والنساء والشباب والشعب الأعزل في غزة كانت فوق كل تصور وكل وهم وخيال واحتمال، وهدم المنازل والهجوم على المستشفيات وسرقة جثث المتوفين والشهداء لأسباب معلومة وغير معلومة، وغير ذلك من جرائم إنسانية غير مشهودة من قبل، لا يستطيع الأدب الإتيان به ولا خيال الكاتب الوصول إليه، بل مثلها ما يغذِّي خيال الكاتب، ويبني عليه إبداعه.
وأيضا ما فعلته المقاومة الفلسطينية في غزة كان مفاجأة المفاجآت، وهذا سيتطلب وقتًا لاستيعابه وفهمه أيضًا، لذا كتبتُ في بداية الأحداث وفور سمعي بعملية "طوفان الأقصى" التي أكدتْ أن القضية الفلسطينية لا تزال حية على الأرض وفي الوجدان، فقلتُ في قالب غنائي تحت عنوان "جاء ليبقى":
طوفانُ الأقصَى
جاءَ ليبقَى
في قلبِ الطفلِ الأنقَى
في عزمِ الحجرِ الأقوَى
في هُدْبِ الشمسِ الأحْمَى
طوفانُ الأقصَى
جاءَ ليبقَى
جاءَ ليَمْتدَّ ويعلو
فوقَ جراحِ الثكْلى
طوفانُ الأقصَى
***
شكرًا شكرًا يا مصرُ
جاء العونُ وجاء الخيرُ
أنتِ الأملُ وأنتِ النصرُ
أنتِ ملاذُ المجروحينْ
أنتِ عمادُ الدُّنيا..
ورباطُ الدينْ
***
قومي يا دنيا (هنيني)
وطني في حِضني ويقيني
وطني في قلبي ووَتِيني
لا دبَّابَاتٌ تأخذُه مني
أبدًا أبدًا في حضني
لا غوَّاصاتٌ أو رشَّاشاتٌ
تسرقُه من عيني
أبدًا أبدًا في حضني
لا قنَّاصاتٌ أو رجمُ صواريخْ
إني أصعدُ أعلو أصلُ إلى المريخْ
وهنالكَ..
أُرسلُ طوفانَ الأقصَى
يُغرقُ أعداءَ الإنسانْ
يمحو أصحابَ الزُّورِ
وخلَّانَ البُهتانْ
نبدأُ دنيانا طاهرةً..
من كلِّ جبانْ
من كلِّ حقيرٍ رِعْدِيدٍ خوَّانْ
ونعيشُ أمانًا وحنانَ الشجعانْ
بعد الطوفانْ
طوفانُ الأقصى
جاءَ ليبقَى
جاءَ ليبقَى
طوفانُ الأقصى.
وتابع أحمد فضل شبلول، هذه هي الاستجابة السريعة والفورية لما حدث على أرض الواقع الفلسطيني في قطاع غزة، ولا أقول إنه أجود ما كُتب، ولكنه على الأقل يعبر عن تفاعلي بما حدث، وأثمِّن جهود مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية بالكويت التي ناشدت الشعراء العرب الذين كتبوا عن الحرب على غزة، أن يرسلوا إليها قصائدهم لجمعها في ديوان يحمل عنوان "ديوان شهداء العزّة"، يُخصص ريعُه كاملا لصالح المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، وآمل أن نجد في هذا الديوان ما يرقى إلى الحدث العسكري والسياسي والزلزال الكبير الذي أعتقد أن سيغير كثيرًا من أفكار وطروحات السلام وتوازن القوى في منطقة الشرق الأوسط، وأعتقد أن العالم بعد 7 أكتوبر، سيكون غير العالم قبله.
ليس هناك ما يُجبر الأديب والشاعر على الكتابة في هذا الموضوع سوى ما يمليه عليه ضميره الإنساني
وقال "شبلول"، أعتقد أن ما كُتب أو سيُكتب في هذا الإطار أتى وسيأتي عفويًّا تمامًا، وليس مقصودًا، لأنه ليس هناك ما يُجبر الأديب والشاعر على الكتابة في هذا الموضوع سوى ما يمليه عليه ضميره الإنساني وتضامنه مع أهل فلسطين وغزة، وسيظل الفارق أو الفيصل بين عملٍ وعملٍ وكتابةٍ وكتابةٍ، هو إجادة الكاتب لأدواته وكيفية التعبير عن رؤاه إزاء هذه القضية الإنسانية العظمى.