«القيادة مصرية».. كيف تدير القاهرة «هدنة غزة»؟
- وفود مصرية تشرف على عملية تبادل الأسرى والمحتجزين فى غزة وإسرائيل
- دخول شاحنات المساعدات إلى مدينة غزة وشمال القطاع للمرة الأولى منذ بدء العمليات العسكرية
- استقبال المصابين لعلاجهم فى مستشفيات مصر.. ونقل آخرين لتركيا والإمارات
- اتصالات مكثفة لإطلاق سراح مزيد من الأسرى والمحتجزين وإدخال كميات أكبر من المساعدات
قادت أجهزة الدولة المصرية المعنية، بنجاح كبير، جهود التوصل إلى الهدنة الحالية بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية فى قطاع غزة، بعد نحو ٥٠ يومًا من التصعيد العسكرى، الذى أوقع آلاف الضحايا من المدنيين فى غزة، ٧٠٪ منهم من الأطفال والنساء.
ولم تتوقف جهود مصر عند التوصل إلى الهدنة المتفق عليها بين الطرفين بوساطة مصرية قطرية أمريكية، تمتد إلى ٤ أيام مع إمكانية تمديدها، بل نجحت جهودها المتواصلة على مدار اليومين الماضيين فى قيادة وإدارة تنفيذ بنود هذه الهدنة.
وظهر هذا فى إشراف مصر على تنفيذ كل الخطوات المتفق عليها فى الهدنة المؤقتة، سواء كانت عملية تبادل الأسرى والمحتجزين بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، أو إدخال شاحنات المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى الفلسطينيين، بالتزامن مع استمرار استقبال المرضى والجرحى لتلقى العلاج فى مستشفيات «أم الدنيا».
وعلى صعيد تبادل الأسرى والمحتجزين بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية، استقبلت مصر عددًا من الإسرائيليين ومزدوجى الجنسية المحتجزين فى غزة، عبر معبر رفح البرى، من فرق تابعة لـ«الصليب الأحمر».
وتسلمت مصر ٢٤ محتجزًا فى اليوم الأول للهدنة، بينهم ١٣ إسرائيليًا، و١٠ تايلانديين، وفلبينى واحد، وعلى الأراضى المصرية تم فحصهم طبيًا، وتقديم الرعاية اللازمة لهم، ثم نقلهم من معبر رفح إلى الجانب الإسرائيلى، تحت إشراف وفد أمنى مصرى.
كذلك أشرف وفد أمنى مصرى ثانٍ على عملية إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، البالغ عددهم ٣٩ فلسطينيًا من السيدات والأطفال.
وضمت قائمة الأسرى الفلسطينيين الذين تم إطلاق سراحهم، فى اليوم الأول للهدنة، ١٠ مواطنين من القدس المحتلة، ومواطنين من الخليل والضفة الغربية ونابلس ورام الله وجنين.
وحسب مصادر مصرية، أفرجت السلطات الإسرائيلية عن هؤلاء الأسرى الفلسطينيين من سجن «عوفر» فى الأراضى المحتلة، ثم تم إيصالهم إلى ذويهم فى مختلف المحافظات الفلسطينية، تحت إشراف الوفد الأمنى المصرى.
وتتواصل عملية إشراف الوفود المصرية على عملية تبادل الأسرى والمحتجزين بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى طوال مدة الهدنة المتفق عليها، التى تبذل مصر جهودًا مضنية لتمديدها أكثر من ٤ أيام.
وفيما يخص المساعدات الإنسانية والإغاثية، نجحت مصر فى إدخال ٢٠٠ شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة، فى اليوم الأول من الهدنة، إلى جانب شاحنات أخرى تحمل نحو ١٣٠ ألف لتر سولار، و٤ شاحنات تحمل غاز الطهى، التى دخلت القطاع للمرة الأولى منذ بدء التصعيد.
وأدخلت مصر عبر معبر رفح سيارتى إسعاف منحة من صندوق «تحيا مصر»، بالإضافة إلى ٢٦ شاحنة إلى المستشفيات الميدانية فى قطاع غزة، تنقسم إلى ١٥ شاحنة تابعة للمستشفى الميدانى الأردنى، و١١ شاحنة تابعة للمستشفى الميدانى الإماراتى، ورافقتها الأطقم الخاصة بها.
وخلال اليوم الأول من الهدنة، أيضًا، استقبلت مصر ١٧ مصابًا فلسطينيًا لتلقى العلاج داخل المستشفيات المصرية، وكان بصحبتهم ١٥ مرافقًا، إلى جانب استقبال ١٢ من المصابين الفلسطينيين الذين جرى سفرهم ومُرافقيهم لتلقى العلاج فى الإمارات وتركيا، علاوة على عودة ١٣٤ فلسطينيًا من العالقين إلى قطاع غزة، وفق رغبتهم، وكل هذا عبر معبر رفح البرى.
وبالنسبة لليوم الثانى من الهدنة، السبت، نجحت مصر فى استمرار تدفق شاحنات المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى الفلسطينيين فى غزة، بالإضافة إلى إدخال ٣ شاحنات سولار تحمل ١٢٩ ألف لتر، و٤ شاحنات غاز للطهى.
كذلك جرى استقبال ١٧ مصابًا فلسطينيًا، يرافقهم ١٨ آخرون، لتلقى العلاج داخل المستشفيات المصرية، فيما عاد ١٩٦ فلسطينيًا من العالقين إلى القطاع، وفق رغبتهم.
وفى اليوم الثانى، تسلمت مصر كشفًا بأسماء ١٣ محتجزًا فى قطاع غزة، لتسليمهم إلى إسرائيل، و٣٩ أسيرًا فلسطينيًا، للإفراج عنهم من السجون الإسرائيلية، وتواصل اتصالاتها من أجل الإفراج عن عدد أكبر من المحتجزين والأسرى.
ولأول مرة منذ اندلاع العمليات العسكرية، وصلت شحنات المساعدات إلى مدينة غزة وشمال القطاع، حيث تحركت ٥٠ شاحنة من منفذ رفح البرى إلى شمال غزة، برعاية مصرية.
وقالت مصادر مطلعة: «مصر تكثف اتصالاتها مع الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى؛ من أجل التوصل لإطلاق سراح مزيد من الأسرى الفلسطينيين، والمحتجزين الإسرائيليين لدى حماس».
وأضافت المصادر: «تجرى مصر، أيضًا، اتصالات مكثفة مع كل الأطراف، لاستمرار دخول المساعدات الإنسانية والوقود إلى مناطق شمال قطاع غزة، طبقًا لما تم الاتفاق عليه فى الهدنة»، مشيرة إلى تشديد الجهات المعنية فى مصر على أهمية التزام كل الأطراف ببنود هذه الهدنة خلال الفترة الزمنية المحددة.
وأكدت استمرار فتح معبر رفح البرى بشكل دائم أمام حركة عبور مئات الأطنان من المساعدات الإغاثية والإنسانية إلى قطاع غزة، لمساندة الشعب الفلسطينى.
وأشاد كل الأطراف ذات الصلة بالأزمة فى غزة بالجهود المصرية فى إحلال الهدنة داخل القطاع، والنجاح فى تنفيذ بنودها بين إسرائيل وحركة «حماس»، عبر إدارة والإشراف على هذه العملية.
وتُجرى مصر اتصالات لتمدد فترة الهدنة يومًا أو يومين إضافيين، للإفراج عن مزيد من المحتجزين والأسرى، حيث تلقت السلطات المصرية مؤشرات إيجابية من كل الأطراف لتمديد الهدنة.
وتقدم الرئيس الأمريكى جو بايدن بالشكر للرئيس عبدالفتاح السيسى، على جهوده فى تنفيذ الهدنة بين «حماس» وإسرائيل، قائلًا، فى تصريحات صحفية، إنه تعاون مع الرئيس السيسى للوصول إلى تنفيذ الهدنة، مؤكدًا أن «الصفقة الإنسانية للإفراج عن المحتجزين والأسرى تعد مجرد بداية، وتمر بسلام حتى الآن».
ووجّه سريتا تافيسين، رئيس وزراء تايلاند، الشكر إلى مصر على جهودها فى إطلاق سراح عدد من مواطنيه فى غزة، مرحبًا فى منشور عبر حسابه الرسمى على منصة «إكس» باتفاق الهدنة، حتى يتسنى إيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين فى غزة فى أول فرصة.
وأضاف رئيس وزراء تايلاند: «يسعدنى سماع الأخبار التى تؤكد إطلاق سراح العمال التايلانديين العشرة، الذين يتلقون العلاج حاليًا فى مركز شامير الطبى بإسرائيل، تحت الإشراف المنسق لوزارة الخارجية»، داعيًا إلى إطلاق سراح جميع رعايا بلاده الموجودين فى غزة.
وأعرب إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسى لحركة «حماس»، عن تقديره الأشقاء فى مصر وقطر، على دورهم فى وقف العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، والتوصل إلى تهدئة مستدامة.
وقال «هنية» إن الموقف المصرى كان حاسمًا فى إحباط خطة إسرائيل بتهجير الفلسطينيين من أراضيهم باتجاه مصر، مشيرًا إلى أنه على تواصل بشكل مستمر مع الجهات المصرية لمتابعة تنفيذ اتفاق التهدئة، وتذليل العقبات التى تواجه إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.