سنوات من التعافي.. كيف ستعالج غزة مصابيها بعد توقف مستشفياتها عن العمل؟
يواجه قطاع غزة المحاصر أزمة إنسانية خانقة بعد مُضيِّ أكثر من شهر على بدء العدوان الإسرائيلي الأخير، حيث تجاوز عدد الشهداء 11 ألف شهيد والجرحى 28 ألف مصاب، وفي ظل استمرار القصف الإسرائيلي المكثف، تم الإعلان عن خروج 90% من مستشفيات غزة عن الخدمة بسبب انقطاع التيار الكهربائي والوقود، بالإضافة إلى تعطل 71% من مراكز الرعاية الصحية الأساسية.
*في قطاع غزة، يعمل 32 مستشفى، تضم 2485 سريرًا، وبنسبة 1.3 سرير لكل 1000 مواطن، وفق أحدث إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وجغرافيًا، تتوزع المستشفيات على 5 مناطق داخل قطاع غزة، هي: شمال غزة، ومدينة غزة، ودير البلح، وخانيونس، ورفح.
الأطباء الأبطال
وفي الأمس، تم الإعلان عن خروج كل مستشفيات غزة تقريبًا عن العمل في ظل انتهاء إمدادات تشغيل المرافق، أما القلة المتبقية التي يحاول أطبائها إنقاذ ما يمكن إنقاذه يقومون بإجراء العمليات الجراحية دون تخدير، والاستعانة بمصابيح يدوية لإنارة غرف علاج المرضى والمصابين، بسبب نقص إمدادات المياه والوقود والكهرباء والمعدات الطبية.
*بحسب منظمة الأمم المتحدة، توقفت المولدات الكهربائية عن العمل في العديد من المستشفيات بسبب نفاد الوقود، مما اضطرهم للاعتماد على مولدات احتياطية لساعات محدودة وللحالات الطارئة فقط.
وزيرة الصحة الفلسطينية: مستشفى الشفاء تواجه مجزرة إنسانية
ومنذ ساعات، حذَّرت الدكتورة مي الكيلة، وزيرة الصحة الفلسطينية، من مجزرة إنسانية قد تقع في مستشفى الشفاء بغزة، مع استمرار حصار الاحتلال الإسرائيلي للمجمع الطبي وقصفه، ما أدى لوقوع عشرات الضحايا، متهمة المجتمع الدولي بالصمت وعدم التحرك لوقف الانتهاكات، مؤكدة أن اقتحام المستشفى واستهداف المرضى والطواقم جريمة ضد الإنسانية.
ودعت "الكيلة"، في تصريحات نُشرت لها عبر الصفحة الرسمية لوزارة الصحة الفلسطينية عبر "فيسبوك"، إلى تدخل عاجل لإنقاذ الآلاف من العالقين داخل المستشفى المحاصر، وتوفير الحماية لهم وفق القانون الدولي.
وكيل وزارة الصحة بغزة: 15 حالة وفاة بسبب انقطاع الكهرباء.. وخروج المستشفيات عن الخدمة
وفي نفس السياق، قال الدكتور يوسف أبو الريش، وكيل وزارة الصحة في غزة، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي تحاصر المستشفيات في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن مستشفى الشفاء يتعرض للتطويق من قبل الدبابات الإسرائيلية، مضيفًا: "هناك 6 وفيات أطفال خدج- الأطفال الذين ولدوا قبل الأسبوع 37 من الحمل - و9 وفيات في قسم العناية المكثفة بسبب انقطاع الكهرباء".
وأوضح "أبو الريش"، في تصريحات له، أنه لا يمكن لسيارات الإسعاف الوصول لنقل الجرحى والشهداء نتيجة إطلاق النار المستمر عليها من قبل قوات الاحتلال عند محاولة حركتها خارج المستشفيات، مشيرًا إلى أن جميع مستشفيات القطاع خرجت عن الخدمة، مبينًا أن مستشفى الرنتيسي تم إخلاؤه تمامًا بعد تلقي تهديدات من الجيش الإسرائيلي، وأن الوضع مماثل في مستشفى الشفاء ومستشفى القدس في تل الهوى.
ولفت إلى تعذّر وصول المساعدات الطبية للنساء اللاتي يوشكن على الولادة، موضحًا أن القناصة الإسرائيليين يطلقون النار على أي شخص يتحرك بين مباني المستشفى، مؤكدًا انقطاع المياه والغذاء والإمدادات الطبية عن المستشفيات المحاصرة، التي تضم الآلاف من النازحين.
تقرير: العجز عن تحديث أرقام الضحايا والجرحى
فيما أفاد تقرير صادر عن وزارة الصحة الفلسطينية في رام الله أنها غير قادرة على تحديث أرقام الضحايا والجرحى في قطاع غزة، بسبب فقدان الاتصال مع المستشفيات هناك، إثر قطع قوات الاحتلال الإسرائيلي لخدمات الاتصالات.
وأشار التقرير إلى الأثر الكارثي للغارات الإسرائيلية على الرعاية الصحية المقدمة للمرضى في مستشفيات غزة، فالمرضى يتوفون دون تلقي العلاج بسبب انقطاع الكهرباء والإمدادات.
وحذّرت الوزارة من تفاقم الوضع الإنساني وتدهور الخدمات الصحية في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي، مشيرة إلى أن أكبر مستشفيين (الشفاء والقدس) في غزة أصبحا خارج الخدمة بالكامل.
*بحسب مكتب الإعلام الحكومي فى غزة، فقد استشهد 198 طبيبًا وممرضًا ومسعفًا، واستهدفت 55 سيارة إسعاف، وخرج 25 مستشفى عن الخدمة منذ بداية الحرب على قطاع غزة.
علاج الفلسطينين
ووسط كل تلك الجرائم الإنسانية التي يرتكبها الكيان المحتل ضد المرضى العُزَّل التي وصلت إلى استهداف سيارات الإسعاف التي تنقل المصابين وتقصفها، يبقى السؤال هو كيف ستعالج "غزة" مصابيها بعد توقف مستشفياتها عن العمل؟ والإجابة نعرضها من خلال تحركات فعلية تمت من قبل مصر ودول أخرى.
في 1 نوفمبر الجاري، صدرت تصريحات من الهلال الأحمر المصري، تفيد بنقل الجرحى الفلسطينيين إلى مستشفى ميداني جهزته وزارة الصحة المصرية في منطقة الشيخ زويد، فيما أوضح مسؤول طبي أن المستشفى الميداني مقام على مساحة 1300 متر مربع، وذلك لاستقبال الجرحى الفلسطينيين حال وصولهم إلى مصر، ويتكون المستشفى الميداني من 4 خيام، يحتوي كل منها على 20 سريرًا، و12 شاحنة طبية مجهزة، كما حددت وزارة الصحة المصرية 8 محافظات لاستقبال مصابي قطاع غزة، ولا تزال مصر تستقبل الجرحى الفلسطينيين لعلاجهم في أراضيها.
وفي 2 نوفمبر الجاري، تم نقل 26 مصابًا و12 مرافقًا من قطاع غزة، عبر معبر رفح المصري في طريقهم إلى تركيا، برفقة وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة، عبر مطار العريش الدولي، وهي المرة الأولى التي يتم فيها نقل مرضى من غزة إلى دولة أخرى للعلاج بعد خروجهم إلى مصر، وأعلن الوزير أن المرضى سينقلون لتلقي العلاج في مصر كمرحلة أولى ثم سيتم التخطيط لنقل المرضى الذين حالتهم مناسبة، إلى تركيا بطائرات الإسعاف الجوي في المرحلة الثانية.
وفي 3 نوفمبر، أعلن وزير الخارجية الإيطالي استعداد بلاده لاستقبال المصابين الفلسطينيين من قطاع غزة في المستشفيات الإيطالية وتقديم الرعاية الطبية المتخصصة لهم، وأن بلاده مستعدة لتقديم المساعدات الإنسانية والطبية للمدنيين الفلسطينيين الجرحى الذين غادروا قطاع غزة هربًا من القصف الإسرائيلي.
وفي 8 نوفمبر الجاري، عبرت 12 سيارة إسعاف كويتية من معبر رفح إلى قطاع غزة، مزودة بأحدث الأجهزة والمعدات الطبية، وذلك في إطار الجهود الإنسانية الكويتية لدعم سكان غزة.
وفي 9 نوفمبر الجاري، بدأ استقبال 12 طفلًا مصابًا بالسرطان من قطاع غزة، وبعد الكشف الطبي عليهم تم نقلهم إلى المستشفيات المتخصصة في العاصمة القاهرة، وتعتبر مستشفيات 57357 ومستشفى معهد ناصر الطبي من أهم المستشفيات التى استقبلت مصابي الأورام من قطاع غزة منذ إعلان مصر فتح المعبر لاستقبال المصابين، حيث يتم عمل برنامج طبي كامل من قبل القائمين على العملية العلاجية للأطفال مع وجود مرافقين لهم من قطاع غزة من أقاربهم.
وأفادت منظمة الصحة العالمية بأن الـ12 طفلًا سيتم نقلهم من قطاع غزة إلى مصر والأردن (في مركز الحسين للسرطان) لاستكمال علاجهم، بالتنسيق مع جهات إقليمية ودولية، نظرًا لتدهور الأوضاع الصحية في غزة، حيث تعاني المستشفيات من نقص الإمدادات والهجمات.