رغم اختلاف مستوى الجودة.. مقاطعون: "مش هندخن السجائر المستوردة تضامنا مع غزة"
تشهد مصر في الآونة الأخيرة حركة وطنية لدعم المنتجات المحلية ومنها السجائر، حيث يقوم المصريون بتفضيل السجائر المصنعة محليًا على المستوردة رغم اختلاف مستوى الجودة، بهدف التضامن مع القضية الفلسطينية ومقاطعة المنتجات المستوردة من الدول الداعمة للكيان المحتل.
ويظهر هذا التوجه الوطني من خلال حملات الدعاية التي تشجع على شراء السجائر المصرية، وكذلك من خلال ارتفاع مبيعات الشركات المصرية مثل شركة الشرقية للدخان، وقد عبر الكثير من المصريين عن دعمهم لهذه الخطوة على الرغم من اعترافهم بأن السجائر المحلية أقل جودة.
ويعكس هذا التوجه الوعي السياسي والوطني لدى المصريين ورغبتهم في دعم قضايا أمتهم حتى لو كان على حساب مصالحهم الشخصية، ويأمل المستهلكون أن تستمر هذه الحركة الوطنية وأن تشجع الشركات على تحسين جودة منتجاتها لتلبية طموح المستهلك المصري.
وفي هذا الإطار، تحدثنا مع عدد من مدخني السجائر المستوردة، الذين أقروا أن الأمر ليس سهلًا للتحول من المستورد إلى المحلي، بسبب الجودة في الإنتاج، وهو ما أجبرهم منذ البداية على الاتجاه للمستورد.
هاني: نقاطع السجائر المستوردة للتضامن مع الشعب الفلسطيني
بداية، تحدثنا مع هاني سميح، صحفي، قال: “أعتقد أن مقاطعة السجائر المستوردة في مصر لها أهمية كبيرة في ظل حملات المقاطعة للمنتجات المستوردة التي بدأت منذ شهر أكتوبر الماضي بسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ورغم ذلك، فإن أغلب المستهلكين والتجار لا يلتفتون حول مقاطعتها، فقط اقتصر الأمر على محال الملابس والمطاعم والمنتجات الأخرى”.
وتابع "سميح"، حديثه مع "الدستور": “مقاطعة السجائر المستوردة تعد تعبيرًا عن التضامن مع الشعب الفلسطيني ورفض الاحتلال الإسرائيلي والانتهاكات التي يمارسها ضد حقوق الإنسان والقانون الدولي، فالعديد من الشركات العالمية التي تنتج السجائر تدعم الكيان المحتل ماديًا أو معنويًا، وبالتالي فإن شراء منتجاتها يعني تمويل العدوان والاستيطان والتطهير العرقي”.
وأوضح أن السجائر المستوردة أغلى من السجائر المحلية، حيث تتراوح أسعار العلبة الواحدة من ٥٠ إلى ٨٠ جنيهًا مصريًا، بينما تتراوح أسعار السجائر المحلية من ٣٠ إلى ٤٥ جنيهًا حتى وقتنا الحالي،كما أن هناك تقارير تشير إلى انخفاض أسعارها إلى أقل من ٣٠ جنيها في الفترة المقبلة.
وأكد أن السجائر المستوردة تحتوي على نسبة أعلى من النيكوتين والمواد الكيميائية الضارة، والتي تزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان والقلب والرئة وغيرها، أما السجائر المحلية فتستخدم التبغ الطبيعي والمعالج بطرق أقل ضررًا، وتخضع لرقابة صحية وجودية من قبل من قبل الشركة الشرقية للدخان.
أما عن الفارق في الطعم، فيرى أن السجائر المستوردة تمتاز بأنها توفر مجموعة متنوعة من النكهات والمذاقات، مثل النعناع والفواكه وغيرها، وتلبي رغبات المدخنين المختلفة، أما السجائر المحلية فتقتصر على النكهة الكلاسيكية للتبغ، وتناسب المدخنين الذين يفضلون الطعم التقليدي، وهي فرصة ذهبية للإقلاع عن التدخين من الأساس بشكل نهائي، مؤكدًا أنه قام بالفعل بالاتجاه إلى النوع المحلي، وهي كسعر مناسب لشئ ضروري بشكل يومي ليه.
أحمد: الأنواع المحلية أقل جودة لكن المقاطعة واجب وطني
حكايتنا التالية كانت أحمد عادل، موظف في إحدى المصالح الحكومية، الذي قرر مؤخرًا مقاطعة السجائر الأجنبية المستوردة مثل مارلبورو وكنت، والتحول للأنواع المحلية مثل برليم وكليوباترا، مؤكدًا أن السجائر المصرية ليست بنفس جودة ونكهة الأجنبية، لكن من واجبه دعم الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، والسبب الرئيسي هو رغبته في المساهمة ولو بشكل بسيط في مقاطعة المنتجات الداعمة للكيان المحتل اقتصاديًا، فالضرائب التي تجنيها الشركات الأجنبية تذهب جزء منها للكيان.
وتابع "عادل"، حديثه مع "الدستور" بأن اختياره للسجائر المحلية هو شكل من أشكال الدعم المعنوي للشعب الفلسطيني الشقيق، متمنيًا أن ينتشر هذا الوعي بين جميع المصريين، فالسجائر المحلية ربما أقل جودة، لكنها لا تقل أهمية في المساهمة في النضال ضد الاحتلال الصهيوني الغاشم لأرض فلسطين والمسجد الأقصى.
شادي: العديد من الشركات العالمية تدعم الاقتصاد الصهيوني
الحكاية الأخيرة كانت مع شادي الأمير، بائع في متجر، الذي أكد أنه قاطع السجائر المستوردة، لأنه اتخذ قرار وأسرته بمقاطعة كل المنتجات التي تدعم الكيان المحتل، احتجاجًا على العدوان على غزة، فالعديد من شركات السجائر العالمية تدعم الصهاينة ماديًا ومعنويًا، لذا فإن شراء منتجاتها يُعد تمويلًا للاحتلال.
وأكد "الأمير"، في حدثه مع "الدستور"، أن التحول للسجائر المحلية يساهم في دعم الاقتصاد المصري، وتقليل الأضرار الصحية، وعلى المدخنين اغتنام الفرصة لمقاطعة المستورد والاعتماد على المحلي أو الإقلاع عن التدخين نهائيًا.
رئيس شعبة السجائر والتبغ: حملات المقاطعة لم تستهدف سوق السجائر
وفي تصريحات سابقة، يرى إبراهيم إمبابي، رئيس شعبة السجائر والتبغ في اتحاد الصناعات المصرية، أن حملات مقاطعة البضائع الأجنبية لم تستهدف سوق السجائر على الإطلاق، بالرغم من وجود علامات تجارية شهيرة مثل مارلبورو الأمريكية، نافيًا تأثر مبيعات السجائر بتلك الحملات، مشيرًا إلى الإقبال الكبير عليها من قبل المدخنين، كما أشار إلى استحالة مقاطعة السجائر على الرغم من مخاطرها الصحية.
وحذر "إمبابي" من الآثار السلبية لمقاطعة السجائر الأجنبية على الاقتصاد المصري وسوق العمل، داعيًا إلى عدم المساس بالشركات الأجنبية العاملة في مصر، لتجنب خسارة فرص العمل وتفاقم الأزمة الاقتصادية.
في الانفوجراف التالي، نوضح تطبيق زيادة أسعار السجائر، حيث قرر مجلس إدارة الشركة الشرقية للدخان رفع أسعار السجائر، تنفيذًا لأحكام ضريبة القيمة المضافة وتعديلاته وقانون نظام التأمين الصحي الشامل رقم 2 لسنة 2018، وذلك اعتبارًا من الأربعاء 8 نوفمبر الجاري، كالتالي.
وأوضح رئيس شعبة السجائر والتبغ أن قيمة الضريبة على السجائر المحلية، التي لا يزيد سعرها عن 31 جنيهًا نحو 4.5 جنيهًا، أما السجائر المحلية والمستوردة التي تزيد سعرها عن 31 جنيها وحتى 45 جنيها، نحو 7 جنيهات، فيما تبلغ ضريبة الجدول على السجائر المحلية أو المستوردة التي يزيد سعرها عن 45 جنيها نحو 7.5 جنيهات، حيث تأتي هذه الشرائح الثلاث في منتجات السجائر، والتي حددها القانون، بعد زيادة الضريبة عليها 50 قرشًا بشكل رسمي.
أستاذ علم اجتماع: عدم مقاطعة السجائر المستوردة سببه الإدمان والأنانية
وعلى الجانب الاجتماعي، تواصلنا مع الدكتور علي خضر، أستاذ علم الاجتماع، الذي أكد أن المستهلك في الوقت الحالي يميل نحو المنتجات ذات الجودة والنوعية الأفضل، وأن فكرة مقاطعة البضائع تتطلب وعيًا بمصدر تلك السلع والشركات المنتجة لها، ومن الطبيعي عدم توجه المواطنين نحو شراء المنتجات التي يُفترض مقاطعتها، والاتجاه بدلًا من ذلك نحو البضائع المحلية، خاصة تلك التي تعود أرباحها للكيان الصهيوني.
وأرجع "خضر"، عدم مقاطعة بعض السلع كالسجائر، للجهل أو نقص المعرفة الكافية بأهمية ذلك، مشددًا على دور وسائل الإعلام في التوعية، مرجعًا عدم مقاطعة البعض للسجائر إلى الإدمان والأنانية، مما يدفعهم لتبرير ذلك بعدم تأثيرهم الكبير على أرباح الكيان الصهيوني، معتبرًا أن هذا نوع من آليات الدفاع النفسي لتبرير السلوك الخاطئ.
