خبراء دوليون يحذرون من التهجير القسرى للفلسطينيين وتداعياته على المنطقة
تهجير الفلسطينيين هى سياسة ممنهجة ومستمرة من قبل حكومة الاحتلال لإفراغ الأرض من سكانها الأصليين وإحلال أغلبية إسرائيلية فيها وبدأت هذه السياسة قبل قيام إسرائيل في 1948، واستمرت بعد ذلك بوسائل مختلفة منها الحروب والاحتلال والتهجير القسري والمصادرة والهدم والتغيير الديمغرافي والقانوني، وتقدر الإحصاءات الأممية أن إسرائيل هجّرت 66% من إجمالي السكان الفلسطينيين كجزء من خطتها المتعمدة لخلق والحفاظ على أغلبية إسرائيلية.
تشكل هذه السياسة انتهاكًا جسيمًا لحقوق الإنسان والقانون الدولي وتهديدًا خطيرًا للاستقرار الإقليمي والعالمي، فتهجير الفلسطينيين يزيد من حدة الصراع والعنف في المنطقة، ويخلق أزمات إنسانية ولاجئين ونزوحًا داخليًا، ويؤثر سلبًا على التنمية والأمن والسلام. كما يؤدي تهجير الفلسطينيين إلى تقويض حل الدولتين، الذي يعتبر المرجعية الدولية لحل الصراع، وإلى تعزيز سياسات التمييز والفصل العنصري، التي تشبه نظام الأبارتهايد في جنوب أفريقيا.
دوغارد: تهجير الفلسطينيين يشبه نظام الأبارتهايد
وقال جون دوغارد، أستاذ القانون الدولي في جامعة لايدن، عضو سابق في لجنة التحقيق الدولية حول الأوضاع في غزة، قال في مقالة نشرت في مجلة "ذا نيشن"، “إن تهجير الفلسطينيين هو جزء من استراتيجية إسرائيلية طويلة الأمد لإخضاع الشعب الفلسطيني وإبعاده عن أرضه”.
أضاف دوغارد أن هذه الاستراتيجية تشبه نظام الأبارتهايد في جنوب إفريقيا، الذي كان يستهدف تفكيك المجتمعات السوداء وإزالتها من المناطق التي ترغب فيها الحكومة، مضيفًا إن هذه السياسة تخالف مبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي، وتشكل جرائم ضد الإنسانية.
كرو: تهجير الفلسطينيين إلى سيناء مخطط غير واقعي وغير مقبول
في السياق، قال جوزف كرو، خبير في شئون الشرق الأوسط في معهد بروكنغز في تحليل له: "إن تهجير الفلسطينيين إلى سيناء هو مخطط غير واقعي وغير مقبول، يتعارض مع المصالح المشتركة لمصر وإسرائيل والولايات المتحدة.
وأضاف كرو، إن تهجير الفلسطينيين إلى سيناء يشكل خروجًا عن حدود التعاون الأمني بين مصر وإسرائيل، والذي يستند إلى احترام حدود 1979، والذي يضمن استقرار المنطقة، مشددًا على إن تهجير الفلسطينيين إلى سيناء يضعف من دور مصر كوسيط هام في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني.
ديفيد هيرست: فكرة التهجير إلى سيناء تعكس عدم وعي إسرائيلي
وهو ما اتفق عليه ديفيد هيرست، الكاتب الصحفي البريطاني، وقال "إن تهجير الفلسطينيين أحد أبرز المشكلات في المنطقة، وأحد أسباب استمرار الصراع، مضيفًا إن تهجير الفلسطينيين يعزز شعورهم بالظلم والإهانة، ويرفض حلمهم بإقامة دولتهم المستقلة ويصعد التوترات والعداء بين إسرائيل وجيرانها.
أضاف هيرست، في مقالة نشرت في "الجارديان"، بعنوان "تهجير الفلسطينيين إلى سيناء.. خطأ فادح"، "إن تهجير الشعب الفلسطيني إلى سيناء هو خطأ فادح، يعكس عدم وعي إسرائيل بالواقع الجغرافي والسياسي والإنساني للمنطقة، مضيفًا، إن تهجير الفلسطينيين إلى سيناء يمثل اعتداء على سيادة مصر ومعاهداتها مع إسرائيل، ويضعف من قدرة مصر على مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها.
فكرة شيطانية.. وتقوض حل الدولتين
وقال د. طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، أن فكرة التهجير بشكل عام مرفوضة، أما عن التهجير إلى سيناء فهذا أمر غير معقول، حيث سيكون سببًا مباشرًا في انتقال الصراع من غزة إلى سيناء وتحويلها إلى قاعدة لشن عمليات ضد إسرائيل سيعطي إسرائيل الحق في استهداف الأراضي المصرية بضرباتها وهو ما لن تسمح به القيادة المصرية.
أضاف لـ«الدستور»، تهجير الفلسطينيين بشكل عام يقوض حل الدولتين، وهو ما يعني مزيدًا من الصراع وتحد صارخ لحل يوافق عليه المجتمع الدولي بأكمله.
وتابع فهمي، ما يطرح هو خطة شيطانية لإنشاء دولة غزة على حساب أراض مصرية، تمتد على الساحل الموازي لقطاع غزة، وتشمل مساحات من شمال سيناء، وتعوض مصر بجزء من صحراء النقب.
وأكد فهمي أن الخطة ظهرت لأول مرة في كتاب "الشرق الأوسط الجديد" للرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريز، الذي صدر عام 1991، وتم تداولها في وسائل إعلام إسرائيلية وعالمية على مدى السنوات الماضية، مضيفًا أن دولة الاحتلال تجد في الخطة حلًا لمشكلة قطاع غزة، الذي يعاني من اكتظاظ سكاني وفقر وحصار وعنف، بدلًا من التفاوض مع حركة حماس أو تحسين الأوضاع الإنسانية للفلسطينيين.
كما تهدف خطة الشيطان إلى تغيير الواقع الجغرافي والديمغرافي في فلسطين، بإخلاء قطاع غزة من سكانه الأصليين، وإحلال أغلبية إسرائيلية فيه، وبالتالي تقوية موقف إسرائيل في أي مفاوضات مستقبلية. وهو ما يشكل انتهاكًا جسيمًا لحقوق الإنسان والقانون الدولي، فهي تهجّر شعبًا بأكمله من أرضه دون رضائه أو موافقته، وتحرمه من حق تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة.