عبده مباشر عميد المحررين العسكريين: السادات طلب خطة هجومية لاقتحام القناة والاستيلاء على خط بارليف بعد 3 أيام فقط من توليه الحكم
استكمل عميد المحررين العسكريين، الكاتب الصحفى عبده مباشر، توثيق شهادته عن حرب أكتوبر والعمليات الفدائية التى شارك بها، مؤكدًا أن الرئيس الراحل محمد أنور السادات طلب إعداد خطة هجومية لاقتحام قناة السويس والاستيلاء على خط بارليف وتحرير جزء من شرق القناة بعد ٣ أيام فقط من توليه حكم مصر.
وقال «مباشر»، فى حديثه لبرنامج «الشاهد»، المذاع على فضائية «إكسترا نيوز»، مع الإعلامى الدكتور محمد الباز، الذى تنشر «الدستور» الجزء الثانى منه، إن عددًا كبيرًا من قادة القوات المسلحة لم يصدقوا وقتها طلب السادات، لكنه كان يعرف ماذا يريد جيدًا، وبالفعل استعد للحرب وانتصر، بعد خطة خداع استراتيجى متقنة، كان من ضمنها عملية أشرف مروان، التى تمت من خارج الأجهزة، ما أحاطها بعلامات استفهام كثيرة.
■ ما العمليات التى شاركت فيها عندما تطوعت فى القوات المسلحة؟
- تعليمات السيد إبراهيم الرفاعى كانت أن أكون بجواره؛ لأنه فى البداية كان يخاف علىّ جدًا، وكان يريد أن يلاحظ التغييرات وهل أخاف أم لا، ويراقب أفعالى كلها.
وفى مرة سألنى: أنت خايف؟ فقلت له: ليه لأ؟ كلنا بنخاف، وقلت إن الخوف يكون قبل ركوب القارب أو الطائرة ويظل عند المقاتل المدرب، لكنك مثلما تدربت ستفعل، وفقًا لرد الفعل المنعكس الشرطى، فأنت تأخذ الأمر وتنفذه دون أن يمر على الدماغ، فالأمر لا يمر على العقل بل ينفذ من النخاع الشوكى.
فعملية «صفا.. انتباه» كل يوم فى القوات المسلحة تروض المقاتل وتجعل الأوامر لا تمر عبر العقل، بل تجعل كل مقاتل فى القوات المسلحة يعرف دوره جيدًا، والعمل الجماعى أمر مهم جدًا، والمقاتل ينفذ الخطة أو التلقين مثلما تلقاه قبل ركوب القارب أو الطائرة قبل المهمة.
■ ماذا عن تقرير إبراهيم الرفاعى عن العملية الأولى لك؟
- نشرت هذا التقرير فى مقدمة كتابى، وكان يقول فيه جملة دمها خفيف جدًا، قال لى: «أنا أكتب التقرير لكى أقول لك إنى بعد ما أطلع معاش هاجى أشتغل صحفى معاك، لكن تأكد أننى لا أنافسك على رئاسة القسم».
وإبراهيم الرفاعى كان قائدًا عظيمًا وملهمًا، وكنا سننفذ عملية فى قاعدة الطور الجوية، وهناك تشكيل معين نعبر به خليج العقبة بالقوارب، مثل رأس السهم وقارب فى المقدمة، ونحدد بالضبط أين سننزل وأين نصل فى الناحية الأخرى، أيًا كان ارتفاع الموج أو اتجاهاته.
والسيد إبراهيم الرفاعى قبل وصولنا إلى الشرق قال لقارب المقدمة: انحرف يسارًا، وبالفعل انحرف ونفذنا المهمة، وبعدها سألناه عن السبب وذهبنا لتلك المنطقة فوجدنا كمينًا به اثنان عساكر وتم القضاء عليهما، وهذا هو إلهام القائد.
■ ما ظروف واقعة تكريم المجموعة ٣٩ قتال وحضورك بالزى المدنى؟
- شاركت فى تكريم المجموعة ٣٩، وأصررت على التكريم كمدنى، وعندما قالوا إن الرئيس سيكرم المجموعة ٣٩ قتال قالوا لى: هتلبس كاكى طبعًا، فقلت: طبعًا ليه؟ مين قال إنى هلبس كاكى؟ هو أنا كنت بحارب بالكاكى؟ أنا كنت متطوعًا بالصفة المدنية وسأقف فى الطابور ارتدى «ملكى» بكرافتة.
فقالوا لى: هنجيبلك بدلة ملكى بس معمولة بالكاكى، فقلت لهم: لا هلبس بدلة ملكى بكرافتة، وأصررت على ذلك.
وعزالدين مختار، نائب مدير المخابرات وقتها، قال لى: ليس من سلطاتى، فقلت له: أنا لا أبحث فى مين سلطاته مين، أنا لن أقف فى طابور التكريم إلا بالملكى.
وعندما عرضوا الأمر على الوزير قال: اكتبوا مذكرة للرئيس واعرضوها عليه، والرئيس السادات قال لهم: أنتم قبلتم تطوعه بالصفة المدنية لذا من حقه أن يقف بالزى المدنى فى الطابور، وحضرت بالزى الملكى وجهاز التسجيل على كتفى.
■ ما شهادتك عن استعداد الرئيس السادات لحرب أكتوبر بعد توليه الرئاسة؟
- الرئيس الراحل محمد أنور السادات تولى السلطة يوم ١٦ أكتوبر، وفى يوم ١٩ أكتوبر ترأس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وكل قائد عرض موقفه من ناحية الإمكانات والاستعداد للحرب.
أى أن الرئيس السادات كان يريد أن يعلم كل شىء بعد ٣ أيام فقط من توليه الحكم، وقال لهم: «بطلب منكم وضع خطة هجومية لاقتحام القناة والاستيلاء على خط بارليف ونحرر ولو ١٠ سم من شرق القناة، وبعدها تبدأ السياسة».
وهذه أول مرة تُقال فيها خطة هجومية بعد ٣ أيام من توليه، ومعنى ذلك إنه جاى مرتب دماغه هيعمل إيه، فهذه الفكرة لا تأتى خلال ٣ أيام، وتكشف عن أنه أمعن التفكير والدراسة والتحليل وتوصل إلى قرار وجاء لوضعه موضع التنفيذ، فطلب من القادة وضع خطة هجومية.
وهناك عدد كبير من قادة القوات المسلحة لم يصدقوا طلب الرئيس الراحل محمد أنور السادات بإعداد خطة هجومية لاقتحام قناة السويس وتحرير جزء من شرق القناة، وبعض القادة لم يفهموا الطلب، ومن ضمنهم وزير الحربية وقتها، وكان هناك اجتماع للمجلس الأعلى للقوات المسلحة فى وزارة الحربية بمقر مدينة نصر، والرئيس السادات كان يركب السيارة بعد الانتهاء من الاجتماع مع الفريق محمد فوزى، وأعطى له ورقة لكى يمضيها دون قراءتها، يعنى «عاوز يكلفته»، فالرئيس السادات قال لفوزى: عاوز تجدد حرب الاستنزاف يا فوزى لأنه إذا دخلت حرب استنزاف لا تستطيع تغيير وزير الحربية، ورفض أن يمضى على القرار.
والإعداد لأول خطة هجومية لم يتم إلا بعد حسم الرئيس السادات صراع السلطة لصالحه فى أحداث مايو ١٩٧١، وبدأ يجهز للخطة الهجومية، وبدأت عجلة القوات المسلحة تدور من أجل إعداد الخطة.
■ ماذا عن مقال محمد حسنين هيكل «تحية للرجال»؟
- مقال محمد حسنين هيكل «تحية للرجال» فى ١٢ مارس ١٩٧١ كان يزرع اليأس ولا يزرع الأمل، فمصر رفضت نتيجة ١٩٦٧ بعد ٤٨ ساعة، وإبراهيم الرفاعى، قائد قوات الصاعقة والمجموعة ٣٩ قتال، والقوات المسلحة كانوا يخوضون حرب الاستنزاف من ٦٧ حتى ٧٠ على طريق الأمل الذى كان يحركهم.
إبراهيم الرفاعى قال لى إن حلمه أن أكون إلى جانبه وهو يدمر دفاع حيفا ووضع الذخيرة هناك حتى يهاجمها، فكيف نهاجمها إذا لم نكن نحارب؟، ومقال هيكل لا مكان للأمل فيه، وكان موقف الناس فى «الأهرام» من هيكل أنهم يريدون قتله.
■ ماذا عن الضربة الجوية وتشكيك «هيكل» فيها وكلامه حول أنها مبالغ فيها؟
- محمد حسنين هيكل، فى فترة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، كان الحاكم أو ظله أو رأسه، أو ذراعه اليمنى، ويقوم بكل شىء، والعلاقة عندما تتوثق بين صحفى ورئيس بهذا المدى فيدمن هذا النفوذ ويريده دائمًا.
وأول كتاب كتبه «هيكل» بعد وفاة عبدالناصر كان اسمه «عبدالناصر والعالم»، ومن كان يريد أن يحاكم عبدالناصر فليقدم هذا الكتاب للنائب العام، كما قدم قربانًا للرئيس السادات ليواصل دوره بجواره.
والسادات استخدمه، وفى ١ فبراير ١٩٧٤ فاجأه بقرار فصله، و«هيكل»، الذى لا يفاجأ، فوجئ بهذا القرار، والرئيس الراحل محمد حسنى مبارك استقبله بعدما أخرجهم من السجون والمعتقلات، ولكنه أحب أن يلعب نفس اللعبة معه.
فرئيس الطائفة الإسماعيلية كان يعمل فى الأمم المتحدة، ومبارك أعجب به، وهيكل قال له: «أقدر أجيبلك ناس تنقل رأيك للعالم ويكونوا وسيلة لإيصال رأيك للعالم»، فكان يريد أن يقوم بنفس دوره مع عبدالناصر، لكن مبارك قال له: «هاخلى أسامة الباز ينسق معاك»، ولكن «الباز» قال له: «لن يتصل بك، لأن مبارك لا يشعر بالأمان إلا مع مجموعته القديمة، فلا تتوقع منه أن يتصل بك».
والرئيس السادات لم يمكّن هيكل، ولهذا كتب عنه كتاب «خريف الغضب»، وملخصه أنه كان يسب السادات بـ«أمك جارية».
والرئيس مبارك لم يبتلع طعم «هيكل» هو الآخر، فكتب أنه لم تكن هناك طلعة جوية، ولكنها كانت مظاهرة عسكرية من ٦ طائرات بدلًا من ٢٢٠ طائرة، ونُشر هذا المقال فى ٢٠١١، والمشير محمد حسين طنطاوى، رحمه الله، بدلًا من إحالته للتحقيق قال له إن الطيارين غاضبون، فقال له: سأكتب اعتذارًا، فأقاموا دعوى ضده.
■ كيف حوّل الجيش المصرى الهزيمة والانكسار لانتصار وفخر؟
- الجيش المصرى تعلم من إسرائيل، وانتقل من أهل الثقة لأهل الخبرة، وفرق المشاة الخمس التى كانت تحارب هى العمود الفقرى للمعركة فى ٦ أكتوبر، وكانت دفعتى ١٩٤٨، و٤٩، والفرقة الرابعة كانت دفعة ٤٩، ولديها العقيدة العسكرية الشرقية.
وبدأنا نبحث عن عبدالمنعم رياض، الذى سقط شهيدًا، ولكن بعد أن زرع الأمل، وأن أصحاب الكفاءة هم من يعتلون المناصب الأساسية، وكان الأكفاء فقط هم من يتولون القيادة.
والرئيس السادات اتخذ قرار الحرب بشجاعة شديدة، رغم أن الظروف كانت غير مواتية، بصرف النظر عن المفاجأة والخداع، وكانت لدينا أسلحة وذخيرة فى المخازن تكفى للقتال يومًا ونصف اليوم فقط، وهذه المعلومة كانت لدى إسرائيل وأمريكا، والطائرات والأسلحة التى كانت تأتى من الاتحاد السوفيتى كانت مرصودة، وتقريبًا كانت لديهم معلومات مثل التى نعرفها عن إسرائيل.
ولا يوجد قائد يأخذ قرار حرب ولديه خط ذخيرة لمدة يوم ونصف اليوم فقط، فالسادات قال: قننوا استخدام الذخيرة، وتغلبنا على قلة الذخيرة بتقنين الاستخدام، وتغلبنا على التفوق الكمى والنوعى فى عملية الهجوم بتحقيق التفوق المحلى فى الهجوم، ولا بد من تحقيق المفاجأة والإمساك بزمام المبادرة.
■ ما تفاصيل خطة الخداع الاستراتيجى فى حرب أكتوبر؟
- نفذنا خطة خداع استراتيجى عظيمة جدًا، وتمت مفاجأة العدو الإسرائيلى استراتيجيًا وتعبويًا وتكتيكيًا، الخطة الاستراتيجية تمثلت فى أننا لا نريد أن يعرف العدو الإسرائيلى أن لدى مصر نية حرب، والرئيس السادات أجاد فى إخفاء نيته نحو الحرب، وملك عربى أخبر إسرائيل بأن مصر ستحارب يوم ٦ أكتوبر.
والمدهش أننا كنا قد دربنا مجموعة من القادة الفلسطينيين ومجموعة من قوات المقاومة على كيفية قطع الطرق وتدمير الكبارى، وأعطيناهم ضابط اتصال فى بيروت، وضابط اتصال فى دمشق، ومن ثم شوّنا لهم كل الذخائر المطلوبة.
والرئيس السادات، فى السبت السابق للمعركة، استدعى ثلاثة من القادة؛ هم: هايل عبدالحميد، المعروف بكنيته «أبوالهول»، وخليل الوزير «أبوجهاد»، وصلاح خلف «أبوإياد»، واستقبلهم وسألهم عن مدى جاهزيتهم، فقالوا له إنهم جاهزون، فقال لهم بأننا سنحارب يوم السبت المقبل، وقد جئت بكم حتى أقول لكم أن تنفذوا المخطط الذى تم الاتفاق عليه، وتمت الموافقة عليه.
وخرجوا من عند سيادة الرئيس وتوجهوا نحو هيكل، وقالوا له: «هو الراجل ده مش هيبطل جنان.. ده بيقول لنا إنه هيحارب يوم ٦ أكتوبر، فقال هيكل لهم: خذوه على محمل الجد المرة دى، هو بيتكلم جد»، فقالوا لهيكل: «حاضر» ومن ثم توجهوا إلى بيروت وقالوا فى المطار إن السادات أخبرنا بأنه سيحارب يوم ٦ أكتوبر، فتسربت المعلومة، لكن السادات تحسب لكل هذا، وأنه من المحتمل أن تعرف إسرائيل بهذه المعلومة، فعمل عمليتين من عنده خارج الخطة الخاصة بالقيادة العامة.
■ ما تفاصيل العمليتين وما علاقتهما بأشرف مروان؟
- العملية الأولى هى أنه كان يحضر مؤتمر عدم الانحياز فى الجزائر، فطلب من مجموعة محدودة أن تنفذ هذه الخطة، وهم يعرفون أن هناك دبلوماسيًا على علاقة بالمخابرات الأمريكية وبإسرائيل، وإنما علاقاته بالفرنسيين قوية جدًا، فقال لهم اتصلوا بهذا الدبلوماسى واطلبوا منه أن يؤجر لنا قصرًا أو يشترى لنا قصرًا أو شقة كبيرة، لأننى سوف أذهب لإجراء عملية جراحية فى باريس فى أول أكتوبر، وبالتالى ذهبوا لإخبار الدبلوماسى، والدبلوماسى جاء لهم بقصر، وأعطوه عمولته واشتروا القصر، وبدأ القصر يظهر وكأنه مسكون وكأن شخصًا كبيرًا يقيم به، ومن هنا كان من غير المعقول أن تحارب مصر فى ٦ أكتوبر.
العملية الثانية تخص أشرف مروان، فقد كان من أدوات الخداع الحربى، وهو قيادة وطنية مصرية عظيمة، وفى هذه العملية استخدمه الرئيس السادات لإخفاء نيته للحرب.
وكانت العملية تتمثل فى أن السادات أعطى أشرف مروان معلومة، وهى أن هناك منظمة سوف تخطف طائرة «العال» فى مطار باريس، وطلب منه أن يبلغ إسرائيل هذه المعلومة، فذهب فعلًا وأبلغ إسرائيل بالمعلومة، واتضح أنها صحيحة فوثقوا فيه.
ومن ثم، بدأ السادات يعطى أشرف مروان معلومات تجعل إسرائيل تزداد ثقة فيه أكثر فأكثر، وشعر الإسرائيليون بأنه وقع بين أيديهم كنز، وكان أشرف مروان قد اشترط على الإسرائيليين أن يأخذ فى القعدة ٢٥٠ ألف دولار، أى أن كل قعدة معهم بربع مليون دولار، فظل الإسرائيليون يساومونه حتى وصل المبلغ إلى ١٥٠ ألف دولار.
وفى يوم ٥ أكتوبر، سافر أشرف مروان إلى لندن وقابل رئيس الموساد، وقال له إن المصريين سيحاربون «tomorrow afternoon، afternoon»، وعندما تقولها فى إنجلترا فمعناها الـ«afternoon Tea»، وهذا يعنى أن الحرب ستكون فى آخر الضوء، لأن العمليات العسكرية إما أن تكون فى أول الضوء أو فى آخر الضوء، وبالتالى تأكدوا من أن مصر ستحارب فى آخر الضوء يوم ٦ أكتوبر.
وأشرف مروان لم يكذب، لكنه لم يقل الساعة، بل قال «afternoon»، وهذا ما يؤكد عظمة من لقّنه، وهو الرئيس السادات.
وفى تمام الساعة الـ١٢، ظهر يوم ٦ أكتوبر، كلمت اللواء الجمسى، رئيس هيئة العمليات، وقال لى: انتصرنا يا عبده، فقلت له إزاى يا فندم؟، قال لى: طالما إسرائيل لم تنفذ ضربة إجهاض قبل الساعة ١٢ ولم تقم بحرب وقائية فقد سبق السيف العزل، فلن يستطيعوا إيقاف عجلة الهجوم المصرى، ولن يستطيعوا أن يمنعونا من تحقيق الانتصار.
وأشرف مروان كان إحدى أدوات الرئيس السادات فى تحقيق خطة الخداع، وكان عميل مصر بنسبة ١٠٠٪، وكان له دور وطنى، لكن لأنه لم يتم من خلال الأجهزة فتمت إحاطته بعلامات استفهام، لكن دوره كان من خلال الرئيس السادات مباشرة، وقد أسهم فى تدريبه عبدالسلام محجوب، الذى كان رئيس الخدمة الخاصة وقتها، وقد وضع الاثنان خطة للقائهما حتى لا يتم رصدهما.
ولأن أشرف مروان لم يخرج من الأجهزة، فكان محاطًا بعلامات استفهام كثيرة، لدرجة أنه فى إسرائيل كانوا يسمونه بـ«الملاك» وصنعوا فيلمًا عنه، لكنه كان قيادة مصرية وطنية عظيمة، وخاطر بحياته من أجل أن ينفذ الخطة.
■ هل ترى أن الخلاف السياسى مع الرئيس السادات جعل من اختلفوا معه ينتقصون من قيمة ما حققه من انتصار؟
- من اختلفوا مع الرئيس السادات سياسيًا لم يجوروا على حقه فقط، ولم ينتقصوا من قيمة ما حققه من انتصار فقط، لكنهم أشعلوا النيران من تحت قدميه بمجرد زيارته القدس وتسببوا فى اغتياله.
ويا ريت المسألة كانت تقتصر على الخلاف فقط، لكن الشيوعيين والناصريين أشعلوا النيران من تحت قدميه وقلبوا عليه الدنيا، وهذا ما أدى إلى اغتياله، وقضاياهم كانت قضايا شخصية وليست لمصلحة مصر، فما الذى ارتكبه السادات خطأ حتى يتهمونه بالخيانة؟!.
وهم يعرفون جيدًا أن من يقترب من القضية الفلسطينية بهذه الطريقة يتم اغتياله؛ فالملك عبدالله الأول، ملك الأردن، اقترب من القضية الفلسطينية وتم اغتياله.
وهناك كثيرون ممن غيّروا موقفهم من الرئيس السادات بعدما تكشفت لهم الحقائق، لكن فى النهاية لا أحد ينكر أن الرئيس السادات حارب وانتصر وحقق السلام وأعاد الأرض.
كيف استقبلت خبر استشهاد إبراهيم الرفاعى؟
- واحد من الذين كانوا بجواره أبلغنى بخبر استشهاد إبراهيم الرفاعى فى ساعتها، لكنه أبلغنى بعد مقدمة طويلة، وقد كانت علاقتى بالمجموعة كلها وطيدة جدًا، وكنا دائمًا ما نتقابل قبل الخروج لأى عملية، وبالتالى كنا نتبادل الزيارات وكنا نلتقى على المستوى الأسرى. وهذه العلاقة الوطيدة بينى وبين المجموعة جعلتهم يخبروننى بخبر استشهاد إبراهيم الرفاعى لحظة نقله من الثغرة، حيث تلقى شظية عندما كان يشرف من فوق تبة خاصة بموقع دفاع جوى، ومن ثم تم رصده من قِبل العدو وضربه، حيث كان يتحرك بجهاز لاسلكى على المكشوف، فكان ظاهرًا لهم.
ولأن موت إبراهيم الرفاعى أصبح واقعًا، ولأنه هو وأمثاله فى الجنة، جعلنى اليقين أتجاوز الموقف بشكل أفضل، لكن حزنى عليه قائم إلى يوم يُبعثون، لأنه لم يكن مجرد صديق أو قائد وإنما إنسان ملهم، كما لم يظهر قائد عمل فدائى فى روعة إبراهيم الرفاعى وفى جرأته وشجاعته.