"فتنة التخييل في الرواية الكويتية" في إصدار جديد عن دار خطوط وظلال للنشر
عن دار خطوط وظلال للنشر في الأردن، صدر كتاب جديد للقاص والناقد السوري عبدالكريم المقداد بعنوان (فتنة التخييل.. مقاربات في الرواية الكويتية)، وهو دراسة نقدية تطبيقية في عوالم الرواية الكويتية، جاءت في نحو 260 صفحة.
فتنة التخييل.. مقاربات في الرواية الكويتية
يعكف هذا الكتاب على رصد تجارب أربعة عشر روائية وروائي كويتي، محاولًا رصد وتحليل العناصر التي ساهمت في بنائها، والوقوف على الطرق التي اعتُمدت في ذلك، فيقارب المرتكزات الفنية والفكرية لتجربة كل كاتب. ولما كانت الرواية عملا تخييليًا، يتقاطع ويتوازى مع العالم الواقع المعيش، فقد أضاء الناقد عبدالكريم المقداد في هذا الكتاب العوالم الروائية موضوع البحث، شددًا على أن لكل عالم روائي موضوعيته المرتبطة به حصرًا، وواقعيته المستمدة من عناصره، لا عناصر الواقع القائم خارجه. لكن، مع الاعتراف بأن الرواية عالم موازٍ للعالم المعيش وليست نسخة عنه، مهما اشتطت في واقعيتها، أو تمادت في التخييل.
اشتمل الكتاب على استهلال، وفصلين، أضاء في الفصل الأول أهم العناصر الفنية لتجارب الروائيات والروائيين، فرصد استثمار الروائي الراحل إسماعيل فهد إسماعيل لتقنيات الحوار، والمونتاج، والمونولوج، والخرق اللغوي كدعامات رئيسة في عالمه السردي. ووقف على الحفر المتواصل، الذي اعتمدته ليلى العثمان في عالمها الروائي منذ البداية، في نهج متقن لسبر معادلة الذكورة – الأنوثة المختلة في المجتمع الكويتي، متوسلة الأنسنة والرمزية واللغة والنصوص الموازية وغيرها من التقنيات التي مكّنتها من وضع هذه المعادلة تحت مجهر القراء في مجتمع محافظ لا يرضى بغير سيادة الذَكر.
ويقارب المقداد العالم الروائي عند الدكتور سليمان الشطي، فيضيء تقنية التعشيق السردي، التي استثمرها في روايتيه (صمت يتمدد) و(الورد لك.. الشوك لي)، من خلال لعب متقن على زمني الحكاية والخطاب، أفضى إلى المزاوجة بين الحاضر والماضي على طريقة المونتاج السينمائي في القطع والوصل. ينتقل بعد ذلك، فيرصد تجربة طالب الرفاعي في التخييل الذاتي، وكيفية استثمار حياته الشخصية لبناء عوالم عدد من رواياته، في تداخل فني واعٍ ما بين التخييل والواقع. كما وقف عند تسخيره تقنيات اللغة والزمان والمكان لتأثيث عالمه المتخيل.
يرتحل الناقد بعد ذلك إلى تجارب أخرى، فيقارب معالم تجربة الكاتب وليد الرجيب، ويقف عند معادلة الخطاب والحكاية عند ناصر الظفيري، ويتلمّس خيوط الفانتازيا والسريالية عند حمد الحمد ومبارك بن شافي، ويكشف العالم الرومانسي الذي بنته منى الشافعي في روايتيها (ليلة الجنون) و(يطالبني بالرقصة كاملة)، مركّزًا على الأصوات السردية والنصوص الموازية فيهما، وكيفية مقاربة علاقة الرجل-المرأة وآفاقها الموشورية في مجالات الحب وأحواله المتعددة ضمن مجتمع تسيّره وتتحكم به السلطة الذكورية.
ويرصد المقداد تجربة عالية شعيب في التخييل الذاتي، والتخييل التاريخي، من خلال رواياتها (طيبة)، و(شقة الجابرية)، و(زينة)، وكيفية خلطها المتعمد بين الوهم والحقيقة، بين المتخيل والواقع، لتقديم وإيصال طروحاتها وأفكارها، إضافة إلى تسخيرها تقنيات العنوان والتقديم والإهداء والبداية لنسج العالم الروائي. كما يعالج الخيوط الفنية والفكرية في العالم الروائي، الذي نسجه عبدالله البصيّص في روايتيه (ذكريات ضالة) و(طعم الذئب)، من خلال الرسم الحذق للشخصيات والأماكن، واستثمار لغة كانت بمثابة عنصر بناء فعال في كلتا الروايتين.
بعد ذلك، يقارب الناقد المقداد موضوعي اللغة الشعرية والمرأة في عدد من روايات بثينة العيسى، ويركّز على ألسنة الشخصيات، مشددًا على أن لكل شخصية لسانها الخاص، بحيث لا يحق لشخصية ما أن تقول ما تقوله شخصية أخرى، لأن لكل من الشخصيات بيئته ومكانته وتركيبته الخاصة. وبهذا المنظار ينتقل المقداد لمعاينة التجربة الروائية لميس العثمان في رواياتها (عرائس الصوف)، و(عقيدة رقص)، و(لم يستدل عليه)، و(ثؤلول). بينما يقف عند تجربة الكاتب بسام المسلّم في روايته (وادي الشمس.. مذكرة العنقاء)، ومغامرته في خوض غمار موضوع لايزال مفتوحًا على مصراعيه، ألا وهو موضوع الثورة السورية.
وفي الوقت الذي اهتم فيه الفصل الأول من هذا الكتاب بخصوصيات تجربة كل روائي على حدة، التفت الثاني إلى الظواهر الفنية، أو المشتركات التي جمعت بين أكثر من روائي، فرصد كيفيات الاشتغال الموفق وغير الموفق عليها. وبذلك كان له الوقوف عند الشاعرية في بناء الرواية، فقارب طرق توظيفها، ومدى ملاءمة ذلك للعالم المتخيل. كما التفت إلى جزئية اللغة كدعامة رئيسة في حمل البناء الروائي، واختبر كيفية توظيفها في التعبير عن الشخصيات المتباينة المشارب، لافتًا إلى ضرورة تنوع مستويات اللغة في الرواية الواحدة بحيث تنسجم مع طبائع ومستويات الشخوص والرواة، فلا يتحدث أحد بلسان غيره حتى لا يفقد مصداقيته.
ولم يُغفل الكتاب النصوص الموازية، إذ قارب فنيات اشتغال عدد من الروائيين على العنوان والتقديم والتنويه والإهداء، ورصد آثار ذلك على النصوص والقراء معًا. كما التفت أيضًا إلى أهمية البداية في النص الروائي، واختبر طرق بنائها عند عدد من الروائيين. والكتاب، في النهاية، يمثل جهدًا فرديًا حاول إضاءة المشهد الروائي الكويتي، وحرص على ألّا يقدم آراء قطعية في ما ذهب إليه.
مؤلفات الكاتب
جدير بالذكر أنه صدر للكاتب العديد من الكتب القصصية والنقدية، ومنها (وقائع موت شامة)، و(ملامح الحركة القصصية في الكويت)، و(تضاريس المتعة.. بحث في تقنيات القصة القصيرة)، و(نجوم الظهر) وغيرها.