من "انتفاضة الحجارة" إلى "طوفان الأقصى".. محطات مصرية في تاريخ الأزمة الفلسطينية
من انتفاضة "الحجارة" إلى انتفاضة "الدرة" مرورًا بصمود سكان مرابطو الأقصى، ووصولًا إلى “طوفان الأقصى”، كانت مصر على مدار قرن من الزمان شاهدًا على تطورات الصراع “الفلسطيني - الإسرائيلي” وراعية لجهود السلام والتهدئة.
“الدستور” يرصد في التقرير التالي أبرز الانتفاضات التي شهدت صمود شعب فلسطين وجهود مصر المستمرة في تحقيق تهدئة تضمن خدمة مصالح الفلسطينيين.
الانتفاضة الأولى: أطفال الحجارة
انطلقت شرارة الانتفاضة الفلسطينية الأولى في ديسمبر عام 1987، وذلك بعد حادث دهس سائق شاحنة إسرائيلي، مجموعة من العمال الفلسطينيين في مخيم جباليا شمال قطاع غزة على حاجز أريز.
توسعت الانتفاضة في مدن وقرى ومخيمات فلسطين في غزة والضفة الغربية، حملت اسم "انتفاضة الحجارة"، حيث كانت سلاح الفلسطينيين حينها.
خلال الانتفاضة الاولى، هاجم الفلسطينيون عددا من الأهداف الإسرائيلية مستعملين الحجارة والسلاح الأبيض، بينما استعملت قوات الاحتلال الإسرائيلي الأسلحة النارية والدبابات، فاستشهد قرابة 1162 فلسطينيا بينهم حوالي 241 طفلا، وأصيب نحو 90 ألف جريح، مع تدمير ونسف 1228منزلا، واعتقال نحو 60 ألف فلسطيني من القدس والضفة وغزة، بحسب إحصائية لمركز الأسرى للدراسات (فلسطيني مستقل).
استمرت الانتفاضة وتداعياتها على مدار 4 سنوات، حيث انتهت في عام 1993، وذلك بتوقيع اتفاق أوسلو الذي تم توقيعه بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في سبتمبر عام 1993.
ولعبت مصر دورًا هامًا في الوصول إلى هذا الاتفاق، وذلك عن طريق استغلال دعوة الولايات المتحدة الأمريكية عام 1991 لعقد مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط، لكى تقوم مصر بجهد كبير في تنسيق الجهود العربية وتقديم الدعم السياسي للفلسطينيين للمشاركة في المؤتمر، بحسب دراسة نشرها مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية.
الانتفاضة الثانية: جيل الدرة
تعرف رسميا ودوليًا باسم انتفاضة "الأقصى"، بينما عرفت عربيًا وشعبيًا باسم "انتفاضة الدرة"، نسبة للمشهد الخالد بالذاكرة للطفل محمد الدرة الذي قتلته قوات الاحتلال وهو يحتمي خلف والده من رصاص الجيش الاسرائيلي.
كان سببها، رغبة رئيس الوزراء الإسرائيلي - حينها- أرييل شارون يوم 28 سبتمبر 2000 اقتحام المسجد الأقصى برفقة قوات من الجيش الإسرائيلي قائلا إن الحرم القدسي سيبقى منطقة إسرائيلية، فيما تصدى له الفلسطينيون فاندلعت انتفاضة ثانية من القدس لتنتقل إلى مدن الضفة الغربية وقطاع غزة.
وبدأت هذه الانتفاضة بمواجهات بين المصلين والجنود سقط على إثرها سبعة شهداء وأصيب 250 من الفلسطينيين و13 جنديا إسرائيليا.
واشتعل غضب الفلسطينيين بعد مشاهدة مقطع فيديو التقطه مراسل قناة فرنسية في 30 سبتمبر 2000، يعرض مشاهد إعدام حية للطفل الفلسطيني محمد الدرة (11 عاما) حين كان يحتمي بجوار أبيه ببرميل إسمنتي، في شارع صلاح الدين جنوبي مدينة غزة.
وخرج آلاف الفلسطينيين في مظاهرات غاضبة حصلت خلالها مواجهات مع جيش الاحتلال الإسرائيلي فسقط فيها شهداء وجرحى. وبات الطفل محمد الدرة رمزا لانتفاضة الأقصى.
وأسفرت انتفاضة الدرة، عن استشهاد قرابة 4412 فلسطينيا و48322 جريحا ومصابا، ومقتل 1069 إسرائيليا (منهم جنود ومدنيون من بينهم وزير السياحة في الحكومة الإسرائيلية يومها رحبعام زئيفي) وإصابة 4500.
وخلال هذه الانتفاضة، تجاوزت الفصائل الفلسطينية مرحلة سلاح الحجارة والزجاجات الحارقة التي سادت في الانتفاضة الأولى، فطورت وصنعت أسلحة وصواريخ تمكنت من الوصول إلى مدن وبلدات إسرائيلية، وتلقت مستوطنة سديروت في 26 أكتوبر 2001 أول صاروخ من صنع فلسطيني أطلقته كتائب القسام.
حظيت الانتفاضة بدعم عربي وإسلامي واسع، فخرجت مظاهرات ضخمة في الشارع العربي مؤيدة لها. وعاد الهدؤ لغزة بعد مفاوضات طويلة أشرفت عليها مصر، وانتهت في الثامن من فبراير عام 2005، عقب عقد اتفاق هدنة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في شرم الشيخ.
الانتفاضة الثالثة: اعتداء المستوطنين
انطلقت في النصف الثاني من عام 2015 بسبب اقتحامات متلاحقة من الجيش الإسرائيلي لساحات المسجد الأقصى، وتكرر الاعتداء على "مرابطو الأقصى" الذين يعتكفون في المسجد دفاعا عنه، وتورط مستوطنون في إحراق عائلة الرضيع علي الدوابشة، واندلعت مواجهات في الأحياء الفلسطينية بالقدس الشرقية بين شرطة الاحتلال وشباب فلسطينيين أغضبتهم هذه الاقتحامات.
وخلالها، اقتحم وزير الزراعة الإسرائيلي - حينها- أوري أرئيل الأقصى، على رأس مجموعة متطرفين.
تسببت تلك الاعتداءات والاقتحامات في اندلاع مواجهات بين قوات الاحتلال وبين المرابطين في الأقصى وفي القدس المحتلة ومدن فلسطينية أخرى.
وأعلن نادي الأسير الفلسطيني أن عدد المعتقلين في القدس بلغ نحو 150 معتقلا خلال عشرة أيام فقط، فيما جرت أبرز المواجهات بين الاحتلال والفلسطينيين في كل من القدس وبيت لحم وبلدة بلعا شرق مدينة طولكرم والخليل، وخرجت مظاهرات مؤيدة للمقاومة ومنددة بإجراءات الاحتلال في كل من غزة ومناطق 1948.
استمرت الأحداث على مدار عام كامل، وشهدت عدد من الوساطات المصرية لتهدئة الأوضاع، وحذر وزير الخارجية سامح شكري، في كلمته نقلًا عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال أعمال القمة الإسلامية في مارس 2016، من مخطط إسرائيل في التغيير الديموغرافي وتهويد القدس، وهي القمة نفسها التي وقعت مصر خلالها على باعتماد إعلان جاكرتا وقرار القمة الاستثنائية الخامسة لمنظمة التعاون الإسلامي لدعم فلسطين والقدس الشريف.
طوفان الأقصى
انطلقت أحداث هجمات "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر 2023، وذلك بتسلل قرابة 1000 عنصر من الفصائل الفلسطينية لمدينة عسقلان، واعتقال عدد من الرهائن الاسرائيليين، بالاضافة إلى استعادة بعض من المناطق التي تقع تحت سيطرة جيش الاحتلال الاسرائيلي.
حتى الوقت الحالي، وصل عدد الشهداء الفلسطينيين قرابة الـ600 بينما أصيب قرابة الـ 3000 شخص، فيما وصل عدد القتلى الاسرائيليين قرابة الـ 1000 شخص.
وقال السفير أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، إن هناك اتصالات مكثفة على كافة الأصعدة، مشيرا إلى أن الوزير سامح شكرى أجري العديد من الاتصالات مع الجانب الأوروبي والأمريكى والعربي لدعم جهود التهدئة ووقف التصعيد ضد قطاع غزة.
وتابع أن مصر حذرت على مدار أشهر من خطورة التصعيد والاقتحام من الجانب الإسرائيلي، وقالت إن هذه الأعمال هي التي أدت الى عنف خطير على الجانبين ولكن الاتصالات التي تمت اليوم هدفها ضمان يتعامل مجلس الأمن بمسؤولية والحفاظ على حقوق الفلسطينيين.