دراسة توضح آليات مواجهة الأزمة الاقتصادية وسبل الخروج منها
أكد المركز المصري للفكر أن الاقتصاد المصري شهد تحديات عنيفة منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية، وتصاعد موجات التضخم العالمية التي أدت إلى تطبيق سياسات نقدية انكماشية بالولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا، وتبعهم في ذلك عدد كبير من الدول، خاصة تلك الدول التي تربط عملتها المحلية بالدولار الأمريكي، كذلك الدول التي شهدت خروج الأموال الساخنة من اقتصاداتها المحلية في اتجاه أسعار الفائدة الأعلى.
أوضح المركز، فى دراسة منشوره له بعنوان: "آليات المواجهة: ارتفاع معدلات التضخم في مصر إلى أين؟"، أنه نتج عن تلك الأزمة ثلاثة تحديات رئيسية واجهت الاقتصاد المصري، وتتعلق بالأمور النقدية، وهي: أزمة نقص العملة الأجنبية، وتراجع قيمة العملة المحلية، وارتفاع معدل التضخم، مضيفا أنه شهد الاقتصاد المصري– كغيره من الاقتصادات الناشئة– خروج ما يقرب من 20 مليار دولار من الأموال الساخنة في مارس 2022م، واستمر خروج الأموال الساخنة خلال التسعة أشهر الأولى من العام المالي 2023/2022م، التي تم تقديرها بنحو 3.4 مليارات دولار، وترتب على أزمة نقص العملة الأجنبية تراجع لقيمة الجنيه المصري، ومع ارتفاع الأسعار عالميًا من جهة، ونقص المعروض المحلي من جهة أُخرى، ساهم ذلك إلى دفع معدلات التضخم بصورة كبيرة.
وأوضحت الدراسة آليات المواجهة، والتى شملت إلى جذب العملة الأجنبية، طرح شهادات دولارية بعائد مرتفع، يصرف مقدما بالجنيه المصري، فضلًا عن مبادرة إعفاء الذهب بحوزة القادمين من الخارج من الضرائب والرسوم الجمركية بخلاف ضريبة القيمة المضافة، وكذلك مبادرة استقدام سيارات المصريين العاملين بالخارج، ومبادرة تسوية الموقف من التجنيد للمصريين بالخارج، كما قامت الحكومة المصرية باللجوء إلى صندوق النقد الدولي لطلب تمويل جديد في ديسمبر 2022.
ووافق المجلس التنفيذي للصندوق على تمويل بقيمة 3 مليارات دولار، وتم صرف الشريحة الأولى منه، ومع تأخر الدولة في الوفاء باشتراطات صندوق النقد المتمثلة في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، وتحرير سعر الصرف تم إرجاء المراجعة الأولى، والتي كانت مقررا لها أن تتم في مارس الماضي، وتم دمج المراجعة الأولى مع المراجعة الثانية في سبتمبر القادم.
وحول سبل الخروج من الأزمة، أوصت الدراسة بضرورة ضبط الاستيراد، والعمل على دفع معدل النمو النشاط الاقتصادي الحقيقي، من خلال زيادة مساهمة القطاعات الإنتاجية: كالزراعة، والصناعة، والتعدين، مضيفة أنه تشير التوقعات إلى احتمالية تباطؤ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي 2022 /2023، مقارنة بالعام المالي السابق له الأمر الذي يضع مزيدا من الضغوط على مستويات الأسعار، خاصة في ظل أزمة التضخم المدفوع بجانب العرض.
أشارت إلى أن إتمام اتفاقيات الحكومة مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي بشأن تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، وتخارج الدولة من النشاط الاقتصادي، والتي من شأنها أن تزيد من تدفق الإيرادات الدولارية، سوف يعزز من الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية بالبنك المركزي؛ بما يزيد من قدرته على احتواء السوق الموازية، وضبط تحركات سعر الصرف.
وأكدت أنه من المتوقع أن تعمل تلك الآليات مع استمرار تحسن إيرادات السياحة، والنقل، والتي سجلت تحسنًا ملحوظًا خلال التسع أشهر الأولى من العام المالي 2022 /2023، على تحقيق توازن الأسواق، وتوفير عدد من السلع محليا، مع المساهمة في زيادة التشغيل، ودفع معدلات النمو. الأمر الذي ينعكس على مواجهة التحديات النقدية المتمثلة في أزمة نقص العملة الأجنبية، وتراجع قيمة العملة المحلية، وارتفاع معدل التضخم.
وأكدت أن مواجهة تلك التحديات ليست فقط دور السلطات النقدية، وإنما على كل جهات الدولة العمل على مواجهتها للخروج من الأزمة.