تنسيق كليات القمة المنخفض هل يقضى على أسطورة الـ100%؟
في العام 2016، حصلت «منى.ع»، على نسبة 98% باختبارات الثانوية العامة، ووسط الفرحة العارمة وأصوات الزغاريد التي ملأت المنزل، وجلبت على إثرها الجيران والأهل والأصدقاء الذين يسكنون بالقرب من منزلها في مدينة كفر الشيخ.
وسط كل هذه الأجواء المليئة بالبهجة سيطر الخوف والترقب على قلب منى، تقول لـ"الدستور" فهي متابعة جيدة لأخبار كليات الطب منذ سنوات، وتحديدًا كلية الطب البشري التي طالما حلمت بالانضمام إليها والدراسة فيها، والحد الأدنى لدخول كلية الطب البشري في العام الذي سبقها كان 98.1%، وباتت تفكر هل يخالها الحظ ويفوتها قطار الطب البشري بفارق 1% أما أنه من الممكن أن يبتسم لها ويكلل مجهودها بالفرحة، ويقل التنسيق هذا العام ولو هذا الرقم الطفيف.
أيام قليلة وقطع شرود منى، القول الفصل في هذا الأمر عندما أعلن الدكتور أشرف الشيحى، وزير التعليم العالى والبحث العلمى، في هذا العام، نتيجة المرحلة الأولى للتنسيق، وجاء الحد الأدنى للقبول بكليات الطب 403.5 أي فيما يعادل 98.4%، وضاع حلم الالتحاق بالطب البشري على الطالبة منى، بفارق أقل من الـ5.% واضطرت حينها الالتحاق بكلية الصيدلة.
الطالبة منى، هي مثال حي، لقطاع كبير من طلاب الثانوية العامة، خاض معركة شرسة مع نسب الكليات المرتفعة، والتي كانت المعادل الموضوعي لحصول الكثير من الطلاب على نسب تقترب من الـ100% وتتجاوزها في كثير من الأحيان.
استمر هذا الأمر منذ بداية الألفية الجديدة وحتى وقت قريب، ففي العام 2009، كان الحد الأدنى لدخول كلية الطب 97.43%، والهندسة 93%، أما كلية الاقتصاد والعلوم السياسية فتجازت النسبة اللازمة للالتحاق بها حاجز الـ95%، وهذه الكليات الثلاثة، تمثل كليات القمة التي يسعى طلاب الشعب الثلاثة نحو الالتحاق بها.
هذه الأرقام والنسب المرتفعة التي يجب أن يحققها الطالب حتى يلتحق بما يعرف باسم كليات القمة، لم تعد أمرًا واردًا منذ ثلاثة أعوام قبل الآن على الأقل.
في العام 2021، وفي ظل انتشار فيروس كورونا، كان «علي. س»، يعكف على دراسة جميع المواد المقررة عليه في الصف الثالث الثانوي، ويتلقى الغالبية العظمى من دروسه بنظام الأون لاين، أو الدروس الخصوصية بالمنزل.
يقول علي، لـ"الدستور" إن هذه الطريقة التي تلقى بها الدراسة في هذه الفترة، جعلته شبه معزول عن العالم الخارجي وعن أصدقائه، وأصداء النظام الحديث الذي طُبق بالفعل قبل سنوات قليلة من هذا التاريخ، لم تكن استقرت بعد.
«علي» أكد أنه لم يكن على وجه التحديد، طبيعة الامتحان الذي هو بصدد الدخول إليه، وماهي النسبة التي يحتاج إليها لكي يلتحق بكلية الهندسة التي هي حلم حياته، وتكبد مشقة الدراسة في شعبة الرياضة خصيصًا من أجلها، "كنت مش عارف أنا محتاج أجيب كام في المية عشان أدخل الكلية اللي نفسي فيها، بس كل اللي كنت متأكد منه أنه رقم مش قليل، ومش عارف لو كنت هقدر أحصل عليه ولا لأ وأنا مش عارف شكل الامتحانات هتيجي إزاي".
حصل علي، على 79% بالثانوية العامة، يوضح، النسبة كانت صدمة بالنسبة لي، كنت متوقع الحصول على 93% على الأقل، ولكن ما خفف وطأة هذا الشعور هو حصول الكثير من زملائي على نسب مثلي، أو أقل من ذلك بكثير.
المفاجاة بالنسبة لي، أن الهندسة قبلت الطلاب من 80% في المرحلة الأولى، اختارت في ذلك الوقت الالتحاق بكلية الحاسبات والمعلومات، ولكن في كل الأحوال كان نسبة كلية الهندسة صدمة ومفاجأة بالنسبة لي.
منذ ذلك الوقت وحتى اليوم، تحطمت أسطورة النسب المرتفعة، شهد تراجعا وانخفاضا فى الحدود الدنيا للقبول بكليات القطاع الطبى، مقارنة بالعام الماضى.
هذا الأمر يمكن استنتاجه من خلال الحدود الدنيا للمرحلة الأولى للتنسيق والتي سجلت 362 درجة فأكثر أي بنسبة 88.29% فأكثر، للشعبة العلمية، والشعبة الأدبية: 289.5 درجة فأكثر أي بنسبة 70.61%.