محمد صالح رجب: كثير من دور النشر تستغل لهفة الكتاب وتفرض شروطها
ما بين أول الكتب المنشورة وصولا لأحدثها، هناك حكايات عن رحلات الكتاب والمبدعين مع دور النشر، هناك صعوبات ومعوقات مع نشر العمل الأول، وهناك أيضا المشكلات المتكررة والمتشابهة بين المبدعين ودور النشر، سواء فيما يخص تكلفة الكتاب، أو توزيعه، والعقود المبرمة بين الطرفين، أو حتى حقوق الملكية الفكرية وغيرها. في سلسلة حوارات تقدمها الــ “الدستور” يحكي الكتاب تجاربهم مع عالم النشر.
ويروي لنا الكاتب محمد صالح رجب تجربته مع دور النشر. وصالح، قاص وروائى، عضو اتحاد كتاب مصر، والذي صدرت له العديد من المجموعات القصصية، نذكر من بينها: "أحلام ممنوعة"، أشياء منسية، ضد الكسر. كما صدرت له من الأعمال الروائية أعمال: "المرشد"، "شالوشا"، ورواية "مقام السيدة".
ــ ما الصعوبات التي صادفتك في طريق نشر كتابك الأول؟
لا شك أن العلاقة بين الناشر والمؤلف علاقة شائكة ربما لاعتقاد كل منهما أنه سبب في وجود الآخر، فالناشر بدون مؤلف لن يكون له وجود والمؤلف دون ناشر لن يصل منجزه للنور. ويبقى المؤلف هو الطرف الأضعف لاسيما أن كان من غير فئة كبار الكتاب أولئك الذين يتصدرون المشهد وتفتح لهم أبواب الصحافة والإعلام، حيث يصارع من أجل أن يرى وليده الذي أخذ من جهده ووقته وأعصابه النور ولو بأي ثمن، ولا أريد أن أكون قاسيا على دور النشر حيث نتفهم جيدا معاناتهم لكن للأسف كثيرا من دور النشر تستغل لهفة هؤلاء الكتاب لنشر أعمالهم وتفرض على الكاتب منهم شروطها وغالبا لا يحصل الكاتب على مردود مادي جراء عملية تسويق كتابه والأدهى أن العديد من تلك الأعمال قد لا ترتقي إلى الأعمال الأدبية وتعج بالأخطاء الإملائية مما يشي أن دار النشر لم تحترم حتى اسمها وتراجع العمل ناهيك عن مدى جودته وصلاحيته للنشر مما يضع دور النشر تلك في موضع ريبة واتهام الأمر الذي يلقي بظلاله على عموم الناشرين وينال كثيرا من الثقة بهم.
ــ ما المشاكل التي واجهتها بخصوص حقوق النشر والملكية الفكرية؟
تجربتي مع 4 دور نشر والتي نجم عنها 9 إصدارات بداية من العام 2000 حتى العام 2023 تؤكد على ذلك.
في العام 2000 فكرت في جمع العديد من قصصي القصيرة في كتاب لحفظها، يومها وكحال معظم كتاب الأقاليم عند نشر كتابهم الأول لم أعرف أين اتجه، تحدثت مع صديق لي مهتم بالأدب وتولي عملية طباعة تلك المجموعة القصصية والتي حملت عنوان "لحظة ضعف" مقابل مبلغ مالي دفعته له ووزعت المجموعة على الأصدقاء..
وفي طريقي لنشر مجموعتي القصصية الثانية تعرفت على دور نشر أكثر احترافية وكان تعاملهم راقيا للغاية لكن الأمر أيضا كان بمقابل مادي، صحيح لم يكن مغالا فيه لكن حدود الناشر كانت الطبع فقط أما التوزيع فكان عبر إحدى الصحف والتي لم نستطع أن نحصل منها أيضا على الحقوق تحت مزاعم مختلفة.
ــ هل قمت يوما بسداد كلفة نشر كتاب لك ؟
أغلب الكتاب ينفقون ولا يحصلون على مقابل مادي. البديل أمامهم للنشر بعيدا عن دور النشر الخاصة ملغم بالروتين والمحسوبية وقوائم انتظار طويلة تقتل فرحتهم بمنجزهم. فيضطرون للتضحية بمال قد يقتطع من مخصصات نفقات بيوتهم من أجل أن ترى أعمالهم النور.
ــ ما الذي حلمت به لكتاب من كتبك ولم يتحقق وتأمل أن تتداركه مع مؤلف جديد؟
كنت قد اتفقت مع ناشري على ترشيح رواية لي لجائزة أدبية كبرى لكنه انقلب على الاتفاق وقدم دون علمي عملا آخر الأمر الذي ساءني كثيرا، تجربتي مع هذا الناشر كانت مريرة وكادت تصل إلى القضاء لولا تدخل البعض وتنازلت رغم أنني لم أحصل على حقوقي بعد علمي بظروف خاصة يمر بها الناشر.
القضية ليست حتى في المقابل الذي يدفعه الكاتب لنشر كتابه ولكن أيضا في تسويق هذا الكتاب الذي يقع على عبء الكاتب.
في كل الأحوال يتحمل الكاتب المقابل المادي لنشر كتابه وتسويقه ولا يحصل على المقابل المادي مادام ليس مصنفا من فئة كبار الكتاب أو كتاب الصف الأول الذين تسلط عليهم الأضواء.
ــ في رأيك صناعة النشر في تقدم أم تراجع؟
العلاقة بين الناشر والمؤلف محتاجة إعادة نظر، والنشر عبر المؤسسات الدولة أيضا محتاج اعادة نظر لتخفيف قوائم الانتظار والابتعاد عن المحسوبية والانتصار للأدب الجيد بعيدا عن الأسماء ومدى شهرتها.