ماذا بعد رحيل رياض سلامة من "مصرف لبنان"؟.. خبير يوضح
انتهت ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بعد أن أمضى نحو ثلاثين عاما في المنصب، وخلال الفترة الأخيرة لاحقته تهم الفساد والتورط في إغراق مصرف لبنان وتهريب أموال المودعين.
ووفقاً لمراقبين، فقد خلف "سلامة" وراءه انهيارًا مُدمرا في القطاع المصرفي واتهامات بالفساد داخل البلاد وخارجها، وسيرأس المصرف مؤقتاً ناصر سعيدي وزير الاقتصاد السابق ونائب حاكم مصرف لبنان، حتى تسمى الحكومة خليفة لـ"سلامة".
وقال سعيدي، إن سلامة يترك وراءه مؤسسة مدمرة سيتعين إعادة هيكلتها في ظل خسائر بنحو ستةٍ وسبعين مليار دولار في مصرف لبنان، بحسب موقع سكاي نيوز عربية.
هل تنتهي أزمة مصرف لبنان؟
في هذا السياق يقول الكاتب اللبناني محمد الرز، إن مع رحيل رياض سلامة عن حاكمية مصرف لبنان تنطوي صفحة أطول فترة يتبوأ فيها مسؤول حاكمية البنك المركزي على مستوى العالم وهي 33 سنة ، مضيفاً: "صحيح أن سلامة تكيف مع عدة عهود شهدها لبنان، من الرئيس الياس الهراوي الذي دخل القصر الجمهوري عقب إبرام اتفاق الطائف للوفاق الوطني، إلى الرئيس إميل لحود، فالرئيس ميشال سليمان واخيرا ميشال عون".
وأضاف “الرز”، في تصريحات لـ"الدستور": "كما أنه عاصر عدة رؤساء حكومة كان أبرزهم واقربهم اليه الرئيس رفيق الحريري، وكان هذا التكيف متماشيا مع سياسات ومشاريع كل منهم، إلا أن هذا التكيف جعل منه شريكا للمنظومة الحاكمة في المسؤولية عما آلت اليه أوضاع لبنان الآن، بدءا من أبواب القروض المفتوحة أمام الحكومات المتتالية والتي قامت على قاعدة المحاصصة والتسويات، مرورا بالهندسات المالية التي منحت عددا من البنوك، ومعظمها تعود ملكيته لاطراف من المنظومة، سيولة مالية ضخمة وصولا إلى تهريب مليارات الدولارات إلى خارج لبنان وتآكل أموال المودعين وسقوط قيمة العملة الوطنية" .
توقعات بالقيض على رياض سلامة
وأشار "الرز" إلى أن رياض سلامة غادر مقر البنك المركزي، مع توقع كثيرين أنه سيجد نفسه خلال الفترة المقبلة داخل البذلة الزرقاء، مردفاً: "هو ملاحق من الإنتربول بموجب قضايا ضده بالفساد المالي، وغسيل الأموال من القضاء الفرنسي والسويسري والبريطاني، إضافة إلى المحاكم اللبنانية وفوق ذلك كله ما يمتلكه من اسرار وفضائح داخل صندوقه الأسود وهو عبر عن ذلك في آخر حديث متلفز حين قال إن المنظومة الحاكمة تريد أن تجعل منه كبش محرقة لكل ما جرى".
إعلان "المنصوري" المنصب مؤقتاً
وقال الكاتب اللبناني، إن نائب الحاكم الأول وسيم المنصوري تولى منصب الحاكمية بالوكالة، وقد حرص على الإعلان عشية استلامه منصبه أنه كان يعارض دائما السياسات المالية لرياض سلامة، وأنه يتعهد يعدم إقراض الحكومة بالمفتوح، وإنما بأقل حيز من الدين مع تحديد موعد السداد.
وتابع: "هذا الإعلان الذي تضمن غسل اليد من الماضي وإقفال بؤرة الهدر في المستقبل لا يخفي حجم التركة الثقيلة التي خلفها سلامة، خاصة وأن المنظومة الحاكمة لا تزال حاكمة وهي استطاعت إيقاف شروط البنك الدولي للإصلاح المالي فكيف بمواقف نواب لحاكمية مصرف لبنان"، لافتاً أن موجودات مصرف لبنان وصلت إلى حدود الجفاف (10 مليارات دولار ) فيما الإنفاق بحدود 800 مليون دولار شهريا على مدفوعات استهلاكية غير منتجة، بما فيها رواتب القطاع العام والمؤسسات العسكرية فكيف سيتم سد هذه الفجوة ؟.
ضرورة تدخل الجامعة العربية
واختتم الرز حديثه، قائلاً: "المسألة هنا تتعلق بمشروع الإصلاح العام وليس الجزئي وقواعد هذا الإصلاح ترتكز إلى إشراف الجامعة العربية على انعقاد البرلمان اللبناني لاقرار كل بنود اتفاق الطائف (الدستور) وتحويلها إلى قوانين ثم انتخاب رئيس للجمهورية وفق ذلك، وتشكيل حكومة عابرة للمحاصصات الطائفية من اخصائيين وطنيين تتولى بدء عملية الإصلاح على كل المستويات وخاصة المالي والاقتصادي، أما الحلول الجزئية فهي لن تغني ولن تسمن من جوع اللبنانيين وستبقى عرضة للصفقات والمناورات السياسية في بلد تحول معظمه إلى سوق سوداء .. أن لم نقل كله".