أستاذ فقه: على الزوجين التغاضي عن الهفوات حتى ترسو سفينة الأسرة لبر الأمان
عقد الجامع الأزهر الشريف اليوم، الحلقة الحادية عشرة من برامجه الموجهة للمرأة والأسرة، تحت عنوان: "مهارات إدارة الحياة الزوجية"، برعاية كريمة من الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وبتوجيهات الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر، وبإشراف الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأنشطة العلمية للرواق الأزهري، والدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر.
وجاءت ندوة اليوم بعنوان "احتياجات شريك الحياة"، وحاضر فيها كلٌّ من الدكتورة فتحية الحنفي، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، والدكتورة نجلاء رسلان، أستاذ الصحة النفسية بجامعة الأزهر، وأدارت الحوار الدكتورة حياة العيسوي، الباحثة بالجامع الأزهر الشريف.
وأكدت الدكتورة فتحية الحنفي، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر الشريف، أن الله - عز وجل- طلب من الزوجة في العبادة غير المفروضة ألا تتطوع حتى تستأذن زوجها، فالزوجة إن صلت تطوعاً، أو صامت تطوعاً لا بد أن تستأذن زوجها، فإن أذن لها، فبها، وإن لم يأذن فليس لها أن تقوم بهذه العبادة غير المفروضة.
وأضافت أستاذ الفقه، أنه من رحمة الله - سبحانه وتعالى- أن جعل الزوجة من جنس الزوج فلم تك جماداً أو حيواناً أو جنًّا والسبب لتسكنوا إليها، فقد صدق الله عز وجل حينما قال : " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ "، فكان السكن هنا هو الميل القلبي والألفة والمودة والقدرة على مواجهة المشاكل ، وفي هذا قال النبي ﷺ قال : " الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف وما تنافر منها اختلف ".
وأوضحت أنه لابد من التجاوز عن بعض العقبات والتغاضي عن الهفوات، حتى تسير السفينة بأمان، فإذا تحقق السكن والرحمة تحققت المودة، وإذا كانت العلاقة الأسرية ناجحة، خرج أفرادها أسوياء للمجتمع، وإذا وجد خلاف فلا يخرج عن باب غرفة الزوجية .
من جانبها، كشفت الدكتورة نجلاء رسلان، أستاذ الصحة النفسية بجامعة الأزهر الشريف، عن كيفية تلبية الشريك احتياجات الآخر من منظور الصحة النفسية، مؤكدة أنه من الممكن الاستغناء عن الاحتياجات المادية ولا يمكن الاستغناء عن الاحتياجات النفسية.
وأوضحت أن احتياجات ومتطلبات الشريك الآخر، تقوم على ثلاث نقاط أساسية، منها: خبرة الزوجة في بيت أبيها، ومنها شكل العلاقة بين الأب والأم وجميع أفراد العائلة، والهدف الافتراضي من شريك الحياة، فليس شرطاً أن تكون متطلبات الزوجة هي نفس متطلبات زوجها، إذ لابد من وجود حوار مفتوح بين الطرفين.
وأوصت الدكتورة نجلاء رسلان، الزوجة بمراعاة جميع متطلبات الزوج، فهناك فرق بين الرجل والمرأة، فالرجل لا يستطيع أن يركز على أكثر من عمل في وقت واحد، ولا بد أن تترك زوجته له مسافة للتفكير وحده وبشكل هادئ، مع عدم فرض رأيها عليه، بل هي مشاركة وتقاسم بينهما، فعليها إعطاؤه حقه من الوقت للتفكير في المشاكل ومن ثم مشاركته في الحلول، وهذا من الذكاء، مضيفة: ولا يوجد زوج كامل ولا بد من فهم أحدهما جوانب النقص عند الآخر ويكملها وعلى المرأة أن تستمتع بهذا.
من جانبها، قالت الدكتورة حياة العيسوي، الباحثة بالجامع الأزهر الشريف: إن كتب السيرة روت عن رسول الله ﷺ، أن السيدة عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - سُئلت عن أعجب ما رأته من رسول الله ﷺ فبكت ثم قالت: كان كل أمره عجباً، أتاني في ليلتي التي يكون فيها عندي، فاضطجع بجانبي، ثم قال: ياعائشة ألا تأذنين لي أن أتعبد ربي عز وجل؟ - لقد استأذن منها رسول اللهﷺ في حقها لأن الليلة ليلتها- فقلت: يارسول الله: والله إني لأحب قربك وأحب هواك- أي أحب ألَّا تفارقني وأحب مايسرك مما تهواه ..."، إلى آخر الحديث الشريف، ثم أذنت له في ذلك"، لقد احتاطت الاحتياط الجميل، فهى تحب الرسولﷺ، وتقول - رَضِيَ اللَّهُ عَنْها - يا رسول الله أنا أحب قربك وأحب هواك وقد أذنت لك.
وتابعت: وهذا درس يعطيه لنا رسول الله ﷺ حتى نتعلم كيف نعامل أهلنا، حتى ولو كان الأمر الذي يشغلنا عنهم هو العبادة ، وهو لا يريد أن ينشغل المؤمن عن رعاية أهله بعد أداء ما عليه من فروض ، حتى ولو كان عبادة إلا بعد استئذان الأهل، لماذا؟ لأن الله - عز وجل- طلب من الزوجة في العبادة غير المفروضة ألا تتطوع حتى تستأذن زوجها، فالزوجة إن صلت تطوعاً، أو صامت تطوعاً لا بد أن تستأذن زوجها، فإن أذن لها، فبها، وإن لم يأذن فليس لها أن تقوم بهذه العبادة غير المفروضة، ولنا في رسول الله الأسوة الحسنة فهو القائل ﷺ َ: «خيركم.. خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي».