أيام خالدة فى عمر الأمم
فى تاريخ كل أمة أيام خالدة تسطر بحروف من نور وتظل حكاياتها وتفاصيلها مصدر فخر وعزة تتناقلها الأجيال جيلًا بعد جيل.. وللأمة المصرية أيام فخر وعزة عديدة ومتعددة حكاها لنا آباؤنا وأجدادنا لنحكيها لأحفادنا.
ويشاء القدر أن يكون جيلنا شاهدًا على واحد من أيام الفخر المصرية، الذى عزف لحنه شعب لم يستسلم ولم تنكسر إرادته على مر التاريخ، شعب يرفع هاماته، كما ارتفعت أواصر حضارته فى مشارق المحروسة ومغاربها.
جيلى لم يحضر أيام العزة فى ٧٣ التى استعاد فيها رجالنا الأرض المحتلة من المستعمر وتلقينه درسًا لم ولن ينساه، لأنه كان من مواليد تلك السنين، ولكنه تشبع بأغانى الفخر والنصر، ويشاء المولى أن يكون هذا الجيل شاهدًا على أحداث عظام نجح فيها الشعب بمساندة قواته المسلحة فى استعادة الوطن كاملًا من أيدى فئة لا ترحم ولا تتوانى عن تكفيرك ونعتك بأبشع الصفات، إن اختلفت معها، بل قتلك وسفك دمك.
٣٠ يونيو ليس مجرد يوم مر على تاريخ مصر ولا ثورة أنهت حكم جماعة فاشية، بل هو رحلة من رحلات النضال الوطنى التى بدأت منذ فجر التاريخ وستستمر إلى يوم الدين طالما بقى هذا الشعب الأبى فى الاتجاه الصحيح للبوصلة التى نشأ عليها هذا الوطن.
٣٠ يونيو لا يمكن اختصاره فى كلمات قليلة أو حتى صفحات مطولة، بل هو حكاية، لكل فرد فى الشعب نصيب منها، يجمل تفصيلة تكملها تفصيلة يملكها مواطن آخر لتصنع لوحة بديعة كلوحات المنمنمات.
عشر سنوات مرت على هذا اليوم العظيم وما زالت تفاصيله محفورة فى وجداننا، فلا يمكن نسيان مشهد خروج المصريين من كل شارع وحارة، أفرادًا وجماعات، فى اتجاه كل الميادين الرئيسية للتعبير عن رفضهم حكم جماعة فاشية ظنت يومًا ما أن الوطن دان لها لتفعل ما تشاء.
ومن بين المشاهد المحفورة مشهد الطائرات الحربية، وهى تحلق فوق سماء ميدان التحرير رافعة أعلام الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة فى رسالة فهمتها وهللت لها الحشود المنتشرة فى الميدان وكل الميادين المصرية، رسالة دعم تؤكد أن قواتنا المسلحة لا يمكن أن تتخلى عن شعبها فى لحظة اختيار مفصلية فى عمر الوطن.
عشر سنوات مرت كلمح البصر تغيرت فيها صورة الوطن بجهد وعرق وتضحية شعبه الأبى الذى يجب أن ينحنى له الجميع إجلالًا واحترامًا على ما بذله وما زال يبذله من تضحيات لدعم استقرار هذا الوطن.
مشاريع هنا وهناك أقيمت وأراضى صحراء تحولت بعزم الرجال إلى خضراء مليئة بخيرات الله، وطرق جديدة ومحاور لا حصر لها يسرت تنقلات المواطنين من مشارق الأرض إلى مغاربها، هذا بخلاف مبادرة ابنى لتغيير وجه الحياة فى القرى المصرية، وهى مبادرة حياة كريمة التى ستسطر فى التاريخ كأعظم مبادرة تنموية فى التاريخ المعاصر لصالح الفلاح المصرى، الذى كاد يفقد الأمل فى أن تنظر له الدولة على مر العصور بعين الرعاية الحقيقية؛ ليجد بين ليلة وضحاها يدًا تمتد إليه لتنتشله من غياهب النسيان والعوز إلى حياة تليق به كمواطن له حقوق يجب أن ينالها.
فى هذه الذكرى العاشرة لثوره ٣٠ يونيو نترحم على شهداء الوطن الذين بذلوا دماءهم لحماية مصر وشعبها.
لن تنتهى ذكريات ٣٠ يونيو مهما طال الزمان وسنظل نحتفى بها ونحكى حكايتها لأبنائنا وأحفادنا لتتوارث الأجيال أيام الفخر والعزة فى تاريخ وطن له فى كتب النصر صفحات لا تمحى من الذاكرة.
عاشت مصر وعاش شعبها الصابر الأبى.