هل تنجح زيارة "بلينكن" المرتقبة للصين فى تهدئة التوترات بين البلدين؟
علقت الدكتورة نادية حلمى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بنى سويف، علي زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن المرتقبة إلي الصين.
وقالت “حلمي” في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، إن زيارة “بلينكن” إلى الصين لن تهدئ من حجم التوترات بين البلدين، خاصةً بعد التحذير الذي أطلقته وزارة الخارجية الصينية للولايات المتحدة الأمريكية، بعدم التدخل فى شؤونها الداخلية والإضرار بسيادتها وأمنها ومصالحها التنموية.
وتابعت: "فى ظل الإصرار الأمريكى على التدخل فى الشؤون الصينية داخلياً وإقليمياً ودولياً، فقد تصاعد التوتر الأمريكي الصيني مؤخرًا، حيث أعلنت الصين عن رفضها التدخل الأمريكى فى شؤون كوبا الداخلية، رداً على تقارير استخباراتية أمريكية، بأن بكين تخطط لإنشاء قاعدة تجسس في كوبا، قبالة السواحل الأمريكية.
وأضافت: “أشارت التقارير إلى أن قاعدة التجسس الصينية ستكون قادرة على رصد الاتصالات بأجزاء واسعة من جنوب شرق الولايات المتحدة، وهنا جاءت اتهامات لعدد من المسئولين الأمريكيين للصين بدفع عدة مليارات من الدولارات لكوبا فى مقابل إقامة المنشأة”.
وأضافت أستاذ العلوم السياسية أن تباين مواقف البلدين من ملفات حقوق الإنسان والتنمية، فمثلاً تدعم الصين التنمية كأولوية قصوى لحقوق الإنسان بعكس الولايات المتحدة الأمريكية التى تتدخل فى شؤون الصين وغيرها من الدول لفرض أجندتها الخاصة بحقوق الإنسان والليبرالية، والتى يعد أبرزها مؤخراً هى إستضافة العاصمة الصينية بكين لمنتدى الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان، والذي إستضافه بشكل مشترك مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصينى ووزارة الخارجية، والهيئة الصينية للتعاون الإنمائي الدولي.
وأوضحت “حلمي” أن الرد الصينى على التدخل الأمريكى السافر فى شؤونها الداخلية، يأتى من خلال التأكيد الصينى الدائم على أن بلادهم تضع الشعب في المقام الأول، مع التأكيد الصينى الدائم على اتباعهم مسار تنمية لحقوق الإنسان يتماشى مع اتجاه العصر ويناسب ظروف الصين الوطنية، فضلا عن تعزيز حماية حقوق الإنسان خلال عملية المضي قدماً بالتحديث على النمط الصينى لدفع تنمية مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
وتابعت: "نفس الأمر ينطبق على علاقات واشنطن الأمنية والعسكرية مع حليفتها كوريا الجنوبية فى مواجهة الصين، خاصة مع تعهد كوريا الجنوبية بمواصلة تعزيز التحالف الأمنى والإستراتيجى لمنطقة الإندو-باسيفيك مع تعزيز التحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية وتطويره إلى تحالف استراتيجى عالمي شامل، وعلى الرغم من اللغة الهادئة تجاه الصين، فإن الاستراتيجية الأمريكية اليابانية الجديدة مع سيول، تلتزم بموجبها حكومة سيول بمعارضة أى محاولات أحادية الجانب لتغيير الوضع الراهن في منطقة الإندو-باسيفيك فى مواجهة الصين ومن المتوقع في المقابل أن تمارس الصين ضغوطاً اقتصادية على كوريا الجنوبية بقدر الخطوات العملية التي ستتخذها سيول في اتجاه تطبيق الإستراتيجية الأمنية الجديدة ضدها.
وأشارت “حلمي” إلي أن التحركات اليابانية الكورية الجنوبية مع واشنطن تثير غضب بكين، خاصةً مع اتجاههم جميعاً للتنسيق مع تايوان التى تعتبرها الصين جزءا لا يتجزأ من أراضيها.
وحول الرد الصينى حيال تلك التحالفات والتحركات الأمريكية مع سيول وطوكيو، قالت أستاذ العلوم السياسية، إنه من المتوقع وقوف الصين فى وجه أى تحركات يابانية كورية جنوبية أمريكية مشتركة فى مواجهتها، مع وجود تأكيدات بقيام الصين بعملية تحديث واسعة ومستمرة لقواتها العسكرية دون الخضوع لأي قيود تفرضها اتفاقيات نزع السلاح وخفض الترسانات النووية والصاروخية وغيرها.
وأشارت “حلمي” إلي أنه من المرجح استمرار معارضة بكين لتحركات اليابان وكوريا الجنوبية بمساعدة واشنطن والتي تستهدف تعزيز قدراتهم العسكرية فى منطقة الإندو-باسيفيك، وبناء عليه، يحتمل أن تتجه بكين إلى فرض عقوبات اقتصادية على عدد من الشركات اليابانية والكورية الجنوبية ومنعهم من الوصول إلى السوق الصينية الضخمة حال إنخراط اليابان وكوريا الجنوبية فيما تعتبره الصين إجراءات غير مقبولة، مثل مشاركة طوكيو فى نظام الدرع الصاروخي الأمريكى، أو المشاركة في تحالف عسكري ثلاثي يضم الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وكوريا الجنوبية، وهو ما لا تقبله بكين.
وأوضحت “حلمي” أن الوثيقة اليابانية الجديدة بشأن زيادة ميزانيتها الدفاعية والأمنية فى مواجهة بكين، مع اعتبارهم أن الأنشطة الصينية العسكرية تمثل بشكل غير مسبوق أعظم تحد استراتيجى لضمان سلام وأمن اليابان.
واستطردت: “ترصد الوثيقة اليابانية الجديدة الزيادة المستمرة لنفقات الصين الدفاعية، بما في ذلك قدراتها النووية والصاروخية، إضافة إلى تكثيف الصين محاولاتها لتغيير الوضع الراهن من جانب واحد بالقوة في المجالين البحري والجوي في بحر الصين الشرقي والجنوب، مثل اقتحامها للمياه الإقليمية والمجال الجوي حول جزر سينكاكو- ديايو المتنازع عليها بين الجانبين”.
واختتمت حلمي تصريحاتها قائلة إن زيارة وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن إلى الصين، لن تكون كفيلة بتهدئة أى توترات بين الطرفين، فى ظل سياسة الإصرار الأمريكى على التدخل فى الشؤون الداخلية للصين، فضلاً عن سياسة التحالفات والتحركات الأمريكية لتطويق وتحجيم الصين فى منطقة الإندو-باسيفيك، وهو ما يثير دوماً حفيظة وغضب بكين.