ليلى سليمانى: أتمنى أن تجد إفريقيا مكانها فى الأدب المعاصر
ولدت الكاتبة المغربية الفرنسية ليلى سليماني في الرباط عام 1981، وغادرت إلى باريس في السابعة عشرة من عمرها للدراسة وعملت كصحفية لبعض الوقت.
في هذا الحوار الذي أجراه معها موقع "ELLE" تكشف سليماني عن علاقتها بالأدب التي بدأت منذ الطفولة، والاستقبال النقدي لأعمالها، والصعوبات التي تواجهها في عملها ككاتبة، وما تطمح لتحقيقه من خلال الكتابة.
دعم هائل من الأسرة
ترجع علاقة سليماني بالكتابة إلى الطفولة، وعلى الرغم من أن الناشرين قد رفضوا روايتها الأولى، فإن إيمانها بنفسها كان لا يتزعزع.
تقول سليماني إن جدتها كانت هي ملهمتها الأولى لأنها كانت راوية قصص رائعة؛ ومن ثم فقد أشادت بها في روايتها "بلد الآخرين".
فضلًا عن الجدة، حظيت سليماني بدعم هائل من أسرتها، وعن ذلك تقول: "في نظر والديّ، لم تكن هناك حياة أفضل من حياة الكاتب، وربما أردت القيام بذلك لإرضائهم".
وتتابع: "أتذكر أنه ذات يوم، خلال حفل عشاء، حينما كنت في الثامنة من عمري تقريبًا، قالت والدتي للضيوف: عندما تكبر ليلى، ستصبح كاتبة. هكذا كان الأمر ولم أشك في ذلك أبدًا".
ومع ذلك، فإن سليماني تواجه العديد من الصعوبات في عملها، إذ قابلت تحديات كونها امرأة وكاتبة وأم، توضح ذلك بقولها: "تتطلب الكتابة الكثير من العزلة ويصعب أحيانًا أن تشرح لأطفالك أنك بحاجة إلى الابتعاد عنهم، أن تكون وحيدًا من أجل الكتابة. حتى أنه من الصعب أن تتفاوض على مساحة خاصة بك في المنزل حيث لا يأتي الآخرون".
حفاوة نقدية
اشتهرت سليماني بروايتها "لولابي" الحائزة على جائزة Prix Goncourt لعام 2016، والتي تستند إلى جريمة قتل "لوسيا" و"ليو" في نيويورك في عام 2012، وهي رواية مؤلمة ومدمّرة. تستخدم سليماني حبكة العائلة كنموذج مصغر لإدانة مشكلات المجتمع الأوسع.
وعن الاستقبال المرحب بالرواية، تقول سليماني: "لا يمكنك أبدًا توقع النجاح، تمامًا كما لا يمكنك توقع الفشل. للكتاب حياة خاصة به تفلت منا ويعتمد مصيرها على أشياء لا يمكننا السيطرة عليها. نعم، النجاح ليس دائمًا سهل الإدارة، فجأة، أنت مطلوب بشدة، ولا تعرف ماذا تقول وتخشى أن يكون أداؤك أقل جودة في الكتاب التالي، أنت تخاطر بأن تصبح متعجرفًا، وتتحدث عن نفسك طوال الوقت، وتفكر في أنك نجحت بشكل أفضل من الآخرين، الحقيقة أن النجاح ليس له رائحة ولا طعم. لا يدفئك في الليل عندما تشعر بالبرد، ولا يريحك عندما تكون حزينًا. النجاح فرصة لكنه لا يجعلك سعيدًا".
وتبين سليماني أنها تود أن يكتشف القراء تاريخ المغرب وأن يتماثلوا مع شخصيات تدعى عائشة أو محمد أو أمين، تمامًا كما عرفت هي طوال حياتها شخصيات تدعى جون أو ماري، تقول: "أنا كاتبة إفريقية وأود أن تجد إفريقيا أخيرًا مكانها في الأدب المعاصر".
سرديات النساء
وعن استقبال أعمالها، التي تركز على سرديات النساء وتتعامل مع قيود النظام الأبوي الموجودة في كل مكان، تقول: بالطبع، يتم الحكم عليك بشكل مختلف عن الرجال؛ في حالتي، تم اعتبار أنني أتعامل مع مواضيع أنثوية لأنني كنت أتحدث عن الأمومة والمهام المنزلية. سُئلت ألف مرة عن سبب كون كل شخصياتي من الإناث، بينما لم يُسأل كاتب قط عن سبب كون أبطاله من الرجال. وكان عليّ أيضًا أن أتعامل مع الكثير من العنصرية، سألني الصحفيون أسئلة مجنونة عندما قرأوا رواياتي عن المغرب.
على الرغم من هذه العقبات، لا تزال سليماني مكرسة ذاتها للأدب، تقول: "الروائي يهتم بالأفراد، بكائنات فريدة ومحددة، إنه تذكير بالقوة العاطفية للكتب وقدرتها على توفير ملاذ وفهم متأن، بغض النظر عن المكان الذي تجد نفسك فيه، القراءة نشاط فردي وحميم للغاية وأعتقد أن هذا أيضًا ما ندافع عنه عندما نكتب اليوم، في عصر الاتصال المفرط، يعيدنا الأدب إلى حياتنا الداخلية؛ إلى الهدوء والصمت".