عبد السلام عيد: الدولة تقدر مبدعيها ومصر لها رصيد عظيم من الفنون (حوار)
أكد الدكتور عبد السلام عيد، الفنان التشكيلي وأستاذ التصوير الجداري المتفرغ بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، على شعوره بالفخر لفوزه بجائزة النيل، قائلًا: "ليس بغريب على مصر في نشاطها الابداعي، ورصدها للحركة الفنية في مجالات كثيرة جدًا، سواء في الأدب والفنون، والمسرح والسينما، فمصر لا تقف صامتة أمام مبدعيها، مصر تقدم وتدعم دائمًا مبدعبها وتؤكد أصالة الإنسان المصري وعشقه للفن على غرار ما قدمه أجداده".
وأضاف في حواره لـ«الدستور» أن لغته هي التشكيل، ويعشق الفنون لذا يجمع في منزله صورًا فنية متعددة مختلفة الصياغات، بين النحت واللوحات والصور والعديد من أشكال الفنون، مؤكدًا أن مصر مليئة بالمبدعين الذين قدموا وما زالوا يقدموا لمصر.. وإلى نص الحوار:
بداية كيف ترى تقدير الدولة للمبدعين في كافة المجالات وكيف استقبلت حصولك على جائزة النيل؟
جوائز الدولة تؤكد أن مصر تقدر ابنائها المبدعين وتحافظ عليهم، وتنظر للفنانين جيدًا، وهو ما يدعو للسعادة، والتفاؤل، فمصر فيما يتعلق بالفنون التشكيلية رصيدها عظيم، خاصة من أبنائها من اللذين توارثوا الفن وتعلموه بكليات الفنون المختلفة، واستقبلت نبأ الحصول على الجائزة من زميلتي الدكتورة صفية القباني نقيب الفنانين التشكيليين، وكنت في قمة سعادتي وشعوري بالاعتزاز والفخر فقد رشحت للجائزة من كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية من جامعة الأقصر، وكنت مرشحًا العام الماضي من 4جهات.
كيف ترى تأثير الحضارة المصرية القديمة على إبداع الفنانين المعاصرين؟
الإنسان يجب أن يتوقف أمام تاريخه، فمصر لها تاريخ عظيم، وعندما نتأمل الآثار القديمة، واندهاش العالم بما قدمه اجدادنا، وننظر لما يحيط بنا، ندرك عبقرية المصري القديم، التي ما زالت تؤثر في جميع الفنانين المعاصرين في مصر، وكيف ساهم التاريخ المصري في أن يظل الإبداع في مصر مستمر ونابض بالروح المصرية القديمة، مشيرًا إلى أن الفنان المصري عاشق لتاريخه، ويرى بعينه العبقرية في المقابر المصرية القديمة وجدران المعابد، ويتأثر بها، والحديث عن الفن لا ينتهي، خاصة فيما حققه الأجداد، وإصرارهم على تقديم أشياء راقية رائقة لأحفادهم والتاريخ.
والفنان المصري القديم قدم أشياء رائعة وفائقة الجودة ونادرة وفيها تحدي، يجعل الجميع يتسائل كيف تم تصنيع بهذه الروعة على العديد من الخامات، وبهذه الدقة والتي تظهر وكأنها صنعت بالأمس.
عاصرت العديد من عمالقة الفن التشكيلي.. كيف كان لهم تأثير في شخصيتك الفنية؟
كان لي الحظ أن أعاصر عمالقة الفن التشكيلي من أساتذتي، وإلى الآن مدين لهؤلاء الذين كانوا يقدمون الفن من أجل مصر والتاريخ، والذين اثرو بي وبأجيال من الفناني، وبداخل منزلي أضع منحوتات للنحات العظيم محمود موسى، والذي لديه أعمال كثيرة عن الإسكندرية، وكنت أحد تلامذته، وكنت أرقب جميع التقنيات التي يعمل بها، والتعلم منها، وكان يلقني أشياء كثيرة، كما توجد أيضًا بداخل منزلي صورة للفنان سيف وانلي والتي رسمتها له ونحن في تدريب عملى في المرسم، أثناء دراستي بكلية الفنون الجميلة، وحينها تركت التدريب والعناصر التي يجب رسمها، ورسمت استاذي سيف وانلي، وكان سعيد واعتز بها، وكان شخصية داعمة ومشجع للشباب ويستقبلنا في منزله ويشاركنا الكثير من الندوات والجلسات الفنية، وهو ما نعمل عليه من تشجيع ودعم الشباب المبدع.
اكتشفت موهبتك في سن صغير..كيف كانت مراحل نمو الحس الفني بداخلك ؟
الفنون تبدأ تداعب فكر وخيال الإنسان من الطفولة، حيث أن رحلتي مع الفن التشكيلي بدأت من صغري من خلال حبي للرسم الذي نما بداخلي من خلال حبي لمشاهدة أعمال التطريز اليدوي التي كان تقوم بها شقيقتي أثناء دراستها وهي مادة للفتيات وأيضا الرسم، وكنت أتباعها فكانت ترسم بالخيط أو الباستل، وكنت أقلدها بالأقلام على الورق، وأدركت أنني متميز في الرسم عندما لم المعلم أنني من قمت بالرسم بمفردي، وكنت أتلقى التشجيع من المعلمين على موهبتي.
وفي بداية المرحلة الثانوية قررت الالتحاق بكلية الفنون الجميلة، وبالفعل اجتزت اختبار القدرات وبدأت مرحلة الفنون، وكنت دائما ترتيبي الأول في سنوات الجامعة، وكانت أعمالي تعلق على الجدران وتنال اعجاب أساتذتي.
شاركت في العديد من المعارض وحصلت على جوائز عدة هل يمكن حصر أعمالك الفنية؟
شاركت في الكثير من المعارض بداخل مصر وخارجها وحصلت على العديد من الجوائز ومنها جوائز الدولة التقديرية والتشجيعية والتفوق، وفي أوروبا حصلت على جوائز كبيرة، وأما الأعمال الفنية التي قدمتها فهي متعددة وكثيرة لم استطيع حصرها، وفي هذا الصدد أهدى لي الدكتور محمد سعيد فارسي أمين جدة كتاب طبعه عن تجربتي بالفن التشكيلي وجمع به الكثير من الأعمال الخاصة بي من اللوحات والبورتريهات التي رسمتها أثناء تواجدي بالبعثة في إيطاليا، فضلًا عن الجداريات التي نفذتها في مصر والمملكة العربية السعودية، ومنها جدارية ضخمة في جامعة بالسعودية بطول 76مترًا وارتفاع 12 مترًا واستغرقت عام من العمل.
هل ترى أن الجيل الجديد من الفنانين التشكيليين مبشر؟
الجيل الجديد من خريجي الفنون الجميلة بينهم طلاب ينبؤا بالابداع، وحاولوا محاولات جيدة وحقيقية ومنهم الكثير من المبدعين، والذي جعل صدقهم في الأداء مبهر للأساتذة، ومازالت أعمالهم تتواجد في الكلية كنماذج من إنتاج أبناء جيل الفنانين الجدد، مؤكدًا أن كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، لم تدخر جهدًا أو وسعًا في أنها تشجع أبنائها المبدعين وتقدم لهم الدعم، والكلية حريصة على الحفاظ على تاريخ الإبداع.
ما الخطوات التي يمكن من خلالها اكتشاف المواهب الفنية وتنميتها؟
يجب تشجيع الأطفال الموهوبين من خلال مادة الرسم في المراحل التعليمية الأولى، فالطفل، المصري مبدع، ويجب تنمية هذه الموهبة لدى الطلاب مرحلة بعد مرحلة، فالفنان الحقيقي أمنيته أن يعطي ما يملكه من لغة الفن لطلابه، كما كان يتم معي في صغري فقد كنت أتلقى الثناء والتشجيع، كما من الضروري أن الفنان يثق في تجربته، وأن تحرص الجهات المعلمة للفنون تعرض التجارب الأجيال السابقة للطلاب للاستفادة منها فمصر مليئة بالمبدعين الذين قدموا وما زالوا يقدموا لمصر.
ما النصائح التي تقدمها للجيل الجديد للتميز في مجال الفن التشكيلي؟
أهم شيئ أن يكون الشخص عاشق للمجال يثق فبه ولديه قناعة أنه اختار ما يناسب طبيعته، فالفنون التشكيلية لها عالمها ومبدعيها والفنون ليست شيئا سهلًا، والفنان عندما يجيد في مجاله، يتميز ويبدع، وهنا يمتلك لغته ويقدم أعمال للمجتمع المصري، أما التحديات تتواجد عندما يكون الإنسان لديه نظرة طموحة، عند البدء في عمل فني أو تمثال ويكتشف صعوبة الإنجاز هنا تظهر روح التحدي للفنان للإنجاز والإبداع.
أخيرًا.. ما أحدث أعمالك؟
هناك أعمال قادمة ومعظمها قائمة على العناصر المركبة "الكولاج" وهو تكنيك فني لتجميع أشكال وخامات مختلفة وهو ما أعمل عليه تلك الفترة.