"تغير المناخ" عدوها الأكبر.. جهود الدولة لحماية الطيور المهاجرة من الخطر
تضم مصر أكثر من 500 نوع من الطيور المهاجرة، بعضها نادر ومهدد بالانقراض، وتوفر لها مجموعة متنوعة من البيئات التي تشمل الأراضي الرطبة والجبال والوديان والشواطئ والجزر، ولكن هذه الثروة الطبيعية تواجه تحديات ومخاطر بيئية وإنسانية، ما يستدعي اتخاذ إجراءات فورية لحماية الطيور المهاجرة وضمان استمرارية هجرتها.
وفي الوقت الذي يحتفل فيه العالم باليوم العالمي للطيور المهاجرة، نلقي نظرة على دور مصر في استضافة هذه الكائنات الحية التي تربط بين القارات، وتساهم في التنوع الحيوي والخدمات الإيكولوجية.
تعد مصر من أهم الممرات الطبيعية للطيور المهاجرة التي تقطع آلاف الكيلومترات بحثا عن المأوى والغذاء في فصلي الربيع والخريف، حيث تستقبل سنويًا أكثر من 2 مليون طائر ينتمون لأكثر من 500 نوعًا، بينهم 37 نوعًا من الطيور الحوامة و16 نوعًا من الطيور المهددة بالانقراض.
تحديات شاقة
ومن جهته، يقول هاني عبد العزيز، خبير الحياة البرية، إن مصر تتمتع بتنوع بيئاتها التي تضم الأراضي الرطبة والجبال والوديان والشواطئ والجزر، والتي تشكل ملاذات للطيور المهاجرة التي تقضي فصل الشتاء فيها أو تستريح فيها خلال رحلتها بين أوروبا وأفريقيا.
ويستكمل "عبد العزيز" حديثه مع "الدستور"، موضحًا أن الطيور المهاجرة تواجه تحديات ومخاطر عديدة أثناء هجرتها، مثل التغير المناخي وفقدان الموائل والتلوث والصيد غير المشروع وانقطاع المسارات، ما يهدد بانخفاض أعدادها وانقراض بعض أنواعها، فضلًا عن التسمم بالمبيدات والتصادم بخطوط الكهرباء والرياح، وغيرها من الأنشطة البشرية.
ويضيف "تعد الطيور المهاجرة من أهم عناصر التنوع البيولوجي والتوازن البيئي على الأرض، فهي تلعب دورًا هامًا في نقل البذور والحبوب والحشرات والمواد العضوية بين المناطق المختلفة، وتساهم في تلقيح النباتات والزهور، وتقدم خدمات بيئية قيمة مثل التخلص من الآفات والجثث والنفايات، وتشكل مصدرًا للغذاء والدخل للإنسان، كما تمثل جزءًا من التراث الثقافي والديني للشعوب".
ويوضح "عبد العزيز" أن مصر كونها من أهم مسارات الطيور المهاجرة في العالم، فهي تبذل جهودًا كبيرة لحماية هذه الطيور والحفاظ على موائلها وتقديم الرعاية اللازمة لها، وقد قامت بالفعل باتخاذ عدة إجراءات لحماية الطيور المهاجرة على المستوى الوطن، وكان آخرها مشروع صون الطيور الحوامة المهاجرة.
ويختتم:"يُستفاد من مشروع صون الطيور الحوامة المهاجرة في قطاعات أخرى مثل قطاع الصيد، حيث تم توزيع أكثر من 2000 شبكة صيد صديقة للبيئة على الصيادين في بحيرة بردويل والمنزلة، لتقليل الصيد غير المشروع للطيور الحوامة، فضلًا عن قطاع السياحة، حيث تم تنظيم رحلات سياحية بيئية لمشاهدة الطيور في محمية زرانيق ومحمية وادي الريان، وتدريب المرشدين السياحيين والمجتمعات المحلية على كيفية التعامل مع الزوار".
إجراءات رسمية
يُذكر أن مصر قامت بإصدار قانون رقم 4 لسنة 1994 لحماية البيئة وتعديلاته، والذي يحظر صيد أو اصطياد أو قتل أو حجز أو اضطهاد أو ترويع أو إزعاج أو إضافة أى ضرر لأى طائر برى أو مائى أو حامى أو طائر نادر أو مستأنس أو مستورد.
وكان تم التوقيع على اتفاقية حفظ الطيور المائية المهاجرة (AEWA) في عام 2000، والتي تستهدف حفظ جميع طيور الماء المهاجرة التى تستخدم خط هجرة إفريقية- أوراسية.
وفي الآونة الأخيرة، أطلقت مصر مشروع صون الطيور الحوامة المهاجرة، وهو مشروع تابع لوزارة البيئة والممول من مرفق البيئة العالمية، وينفذه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والذي يهدف إلى تعزيز التعاون الإقليمي لحماية الطيور الحوامة المهاجرة التي تمر عبر مصر في مسار الوادي المتصدع / البحر الأحمر، والذي يستخدمه أكثر من 1.5 مليون طائر يمثلون 37 نوعًا على الأقل.
يسعى المشروع إلى دمج إجراءات صون الطيور الحوامة المهاجرة في القطاعات الخمسة الرئيسية التي تؤثر عليها، وهي: الصيد والطاقة والسياحة والزراعة وإدارة المخلفات/ وذلك من خلال وضع إرشادات وسياسات وممارسات حكومية وقطاع خاص تتوافق مع احتياجات حماية الطيور، وزيادة الوعي وبناء قدرات المنظمات الشريكة المحلية.
وحقق المشروع نتائج ناجحة وتحويلية في حماية الطيور الحوامة المهاجرة، وخاصة في قطاع الطاقة، حيث تم التنسيق مع هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة ومركز كفاءة الطاقة لتطبيق آلية الإغلاق عند الطلب في محطات طاقة الرياح بجبل الزيت وخليج السويس، لتقليل التأثير على الطيور خلال مواسم هجرتها.
كما حصل المشروع على جائزة الطاقة العالمية لعام 2020 كأفضل مشروع بيئي مستدام يحقق أهداف ملموسة لحماية الموارد الطبيعية، وهذه جائزة بارزة تُمنح لأفضل المشروعات التي تحفظ سلامة البيئة على مستوى العالم.