طارق رضوان: مناقشة 75% من مواد «الإجراءات الجنائية» سعيًا لتقنين الحبس الاحتياطى
- لا بد من تحريك القوانين والتشريعات لإجراء انتخابات المحليات فى كل ربوع البلاد
- نحتاج إلى استعادة النشاط الطلابى الشرعى فى الجامعات وتطوير أشكال الانتخابات النقابية
- الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان خطوة تسهم فى ترسيخ مبادئ الجمهورية الجديدة
شدد النائب طارق رضوان، رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، على أهمية أن يتحول الحوار الوطنى إلى حالة دائمة ومستمرة تضمن التواصل الفعال بين جميع القوى المجتمعية، مقترحًا تشكيل لجنة مركزية للحوار تضم ممثلين عن الأحزاب والقوى السياسية تكون فى حالة انعقاد دائم حتى تضمن ألا يتحول الحوار إلى ظاهرة وقتية تختفى بعد مدة معينة وتظهر فى مناسبات محددة. وقال «رضوان»، فى حواره مع «الدستور»، إن الحوار الوطنى يجب أن يشتمل على آليات لتفعيل وزيادة نسب المشاركة السياسية، مؤكدًا أن أهم محددات نجاح الحوار الوطنى وضمان نجاح حقيقى وغير مسبوق هو وجود القوى الأساسية فى المجتمع المصرى، حتى وإن لم يكونوا من الأسماء ذائعة الصيت، أو ممن يملكون رصيدًا من الظهور الإعلامى والجماهيرى.
■ بداية.. كيف تُقيِّم مقدمات الحوار الوطنى عقب انطلاق الجلسة الافتتاحية؟
- الحوار الوطنى فرصة ذهبية للتواصل الفعال بين الفئات المجتمعية من خلال عقد جلسات تشاورية على المستوى السياسى والاقتصادى والاجتماعى لدمج الرؤى وترجمتها فى توصيات وبرامج تأخذ بيد الخطة التنموية الشاملة فى ظل التحديات الراهنة.
والحوار له أهداف عديدة أبرزها تعزيز التلاحم الوطنى، وفتح مجالات جديدة للعمل والتطوير، ومعالجة القضايا السياسية محل الخلاف، وكذلك تحقيق الشمولية والمشاركة للأفراد والمؤسسات، وتصحيح المسارات السلبية التى تعوق من خطة التنمية.
■ ما الذى يحتاجه الحوار لضمان تحقيق نجاحات واسعة وملموسة؟
- أهم المحددات لضمان نجاح حقيقى وغير مسبوق، هو وجود القوى الأساسية فى المجتمع المصرى، حتى وإن لم يكونوا من الأسماء ذائعة الصيت أو ممن يملكون رصيدًا من الظهور الإعلامى والجماهيرى، ولكن من لديهم القدرة الحقيقية على التعبير عن مشكلات الواقع وإيجاد الحلول المناسبة لها.
وكذلك لضمان الحصول على نتائج وحلول حقيقية، تمثل دفعة للبلد بأكمله إلى الأمام، يجب أن يكون من أبرز قواعد الحوار حضور أصحاب الدراية والتخصص والعلم من الخبراء والعلماء، تحديدًا الخبراء فى القانون والدستور والعلماء فى مختلف المجالات الأمنية والاقتصادية والفكرية.
كما أن إنجاح الحوار الوطنى يتطلب تحوله إلى حالة أو مؤتمر عام متكرر بشكل دورى، يجمع الأطياف والقوى السياسية فى مواعيد وتوقيتات محددة ومتكررة، على أن تنبثق منه «لجنة مركزية» تضم ممثلًا أو اثنين من الأحزاب والقوى والأطياف الوطنية، يظل حضورهم واجتماعاتهم متكررة، وانعقادهم دائمًا، من أجل التعاون المشترك المثمر بين أطياف الشعب حتى نضمن أن الحوار لن يكون ظاهرة وقتية تختفى بعد مدة معينة.
فضلًا عن تحول الحوار إلى ملتقى دائم وثابت يضمن متابعة دورية ومستمرة من أجل تحقيق المصلحة العليا، مع تنحية المصالح الشخصية لعدد من الأفراد والأحزاب، لنضمن أن يتحد الجميع من أجل تجاوز الأزمات.
■ بصفتك رئيسًا للجنة حقوق الإنسان بـ«النواب».. كيف تتوقع سير نقاشات المحور السياسى بالحوار الوطنى؟
- البيئة السياسية المصرية بحاجة إلى اتخاذ أشكال أكثر تطورًا، من حيث تحول الكيانات السياسية غير النشطة إلى الحالة النشطة المتماسكة المؤسسية، بحيث يصبح التعامل مع السياسة قائمًا على منهج حقيقى يترسخ فى وجدان النشء بداية من كونهم فى المدارس، مرورًا بممارسة ذلك مبكرًا فى الجامعات والأحزاب السياسية الشرعية، وصولًا إلى كونهم مسئولين وسياسيين ونوابًا عن الشعب.
كما أن التحول المؤسسى لممارسات السياسة فى مصر، التى باتت فى حالة فوضى وتخبط فترات وحقبًا طويلة، يصل بنا إلى دولة القانون والمؤسسات بما يساعد على إدخال الإصلاحات الضرورية على الأجهزة الإدارية والإنتاجية للدولة حتى تواكب التطور الحاصل فى البلدان المتقدمة الأخرى، والانفتاح على الاقتصاديات المتطورة، فى ظل وجود شبكة من المؤسسات الفعالة، والبيئة المؤسسية التى تشكل سيادة القانون والنظام القضائى المتطور.
■ وما الخطوات التى يجب اتباعها لتحقيق هذا الأمر؟
- يجب علينا تحريك القوانين والتشريعات التى تؤدى عما قريب إلى إجراء انتخابات المحليات فى كل شبر فى ربوع البلاد، مع استعادة النشاط الطلابى الشرعى فى الجامعات، وتطوير أشكال الانتخابات النقابية، وكل ما يمكن أن يُحدث «انتعاشة سياسية» فى مستويات الحكم المحلى والعمل النقابى والأهلى ومؤسسات المجتمع المدنى.
ولإنجاح ذلك يجب أن يشتمل الحوار الوطنى على آليات لتفعيل وزيادة نسب المشاركة السياسية، بغرس المفاهيم التى تتحدث عن أن المشاركة السياسية مرتبطـة بالمجتمع الديمقراطى المفتوح، ولها تأثير إيجابى مباشر على القرارات التى تكون نتيجة حالة التفاعل المجتمعى، لنكون بصدد عملية تنمية سياسية، باعتبار المجتمع هو المكون الأساسى المعنى بالتنمية، وبأن مشاركته البناءة تقوم على حرية التعبير والتنظيم، وعلـى الانخـراط الطوعى فى إحداث التغيير الذى يحدده المشاركون أنفسهم، وهى أيضًا تعنى انخراط المواطنين فى تنمية أنفسهم وحياتهم وبيئتهم.
■ كيف تُقيّم ملف حقوق الإنسان فى ضوء الاستراتيجية الوطنية المنظمة له؟
- تعد الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان أحد أهم الإنجازات التى تحسب للرئيس السيسى، وأهم ما يميزها أنها متكاملة وطويلة الأمد، لذلك نحتاج ضمن محاور الإصلاح السياسى إلى مواصلة الخطوات الواثقة والمتسارعة، لإطلاق الحريات الإعلامية والنقابية والسياسية والإصلاحات الإدارية، إعلاءً لكرامة المواطن المصرى وترسيخًا لمبادئ تأسيس الجمهورية الجديدة. كما أن الشعب المصرى يحتاج إلى التذكير على الدوام بوجود إرادة دائمة لاحترام الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، تدعم ما تقوم به الدولة فى مجالات حقوق المرأة والطفل وذوى الإعاقة والشباب وكبار السن، وأيضًا التثقيف وبناء القدرات فى حقوق الإنسان، مع إبراز ما أحرزته مصر خلال السنوات الماضية فى مجال تعظيم الحقوق والحريات، ونجاحها فى التغلب على تحدياتها عبر حملات إعلامية متواصلة.
■ هناك مطالبات بتحديد مدة قصوى للحبس الاحتياطى، فما تصورك لحل هذه القضية؟
- بالطبع الحبس الاحتياطى وتقنين وضعه داخل الإطار القانونى يأتى ضمن مراجعة القانون الخاص بالإجراءات الجنائية.
وبالفعل جرى تشكيل لجنة بمجلس النواب برئاسة رئيس اللجنة التشريعية والدستورية وكانت تجتمع أسبوعيًا لمراجعة المواد الخاصة بقانون الإجراءات الجنائية فى المطلق وليس لمناقشة مادة بعينها، وأعتقد أنهم ناقشوا نحو ٧٥٪ من مواد القانون التى تمت مراجعتها خلال الفترة الماضية.
وخلال الفترة المقبلة سيتم الانتهاء من مراجعة جميع المواد الخاصة بالقانون لأخذ التصويت على إعادة إصدار قانون الإجراءات الجنائية بالكامل، متضمنًا المادة الخاصة بالحبس الاحتياطى.
وهذا يأتى بالتوازى مع أعمال تلقى إسهامات المجتمع المدنى والقوى السياسية بشكل مطلق بالحوار الوطنى، وأعتقد أن هناك نقاط تماس خاصة بعمل المؤسسة التشريعية مع الحوار الوطنى خلال الفترة المقبلة.
■ وماذا عن رؤيتك لملف الإصلاح الاقتصادى؟
- أرى ضرورة تشكيل مجموعة عمل مشتركة تضم ٣ جهات: الحكومة، ومجلس النواب، وخبراء للاقتصاد، بهدف وضع روشتة عاجلة الهدف الأساسى منها هو تفعيل الحلول المبتكرة لسداد الديون القائمة، ومنع تفاقم الدين العام على البلاد أكثر من ذلك، مع المسارعة بشكل متوازٍ فى إجراءات منع عمليات التهرب الضريبى.
كما يجب أن تشتمل روشتة إنقاذ الاقتصاد على خطوات علنية وسريعة من أجل زيادة الإنتاج، وبالتالى الصادرات، ومجرد استشعار المواطن النوايا الجادة والتحركات الصادقة من جهات العمل، التى سيتم تشكيلها لتقوية دعائم الاقتصاد، سيكون من السهل عليه الاستغناء عن المنتج المستورد لحماية العملة الوطنية، ومساندة قرارات الحكومة، حتى وإن كانت تقشفية وصعبة، وهنا تلعب المصارحة والشفافية دورًا قويًا فى إنجاح المساعى الاقتصادية.
أيضًا تحتاج الدولة المصرية إلى الوقوف على حقيقة قدراتها الصناعية، بإعطاء أولوية قصوى لزيادة الإنتاج، المعتمد على فكرة «القلاع الصناعية» عبر عودة المدن المصرية التى لها طابع صناعى للعمل بقوة، وهذا يتطلب معالجة ملف المشروعات والمصانع المتعثرة، وإعادة فتح آلاف المصانع المغلقة، والاستفادة من الطاقة الزائدة التى باتت متوافرة لدينا مع إقامة محطات كهرباء كبرى.