وزير الأوقاف: الأسماء الحسنى لها بركة وأسرار وإحصاؤها مراتب ودرجات
ألقى الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، خطبة الجمعة، بمسجد عمر مكرم بمحافظة القاهرة، بعنوان: "أسماء الله الحسنى .. بركتها وأثر فهمها في حياتنا"، بحضور الدكتور هشام عبدالعزيز علي، رئيس القطاع الديني، والدكتور محمود خليل وكيل مديرية أوقاف القاهرة، وجمع من رواد المسجد.
وفي خطبته، أشار الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إلى أن قول نبينا -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وتِسْعِينَ اسْمًا مِئَةً إلَّا واحِدًا، مَن أحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ"، فالإحصاء مراتب؛ العلم بها، وفهم معانيها، والعمل بمقتضاها، يقول سبحانه: "قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى".
وأوضح أن من سأل الله -عز وجل- بأسمائه الحسنى وباسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى كان من الموفقين.
- ذكر الله تطمئن به القلوب
وأكد أن ذكر الله -عز وجل- سواء كان عامًا أو خاصًا بأسمائه الحسنى فهو مما تطمئن به القلوب، حيث يقول الحق سبحانه: "الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ"، وأن الذكر ليس مجرد ألفاظ يرددها اللسان، إنما هى حالة يعيشها الإنسان تتملك قلبه وحسه استحضارًا لعظمة الله ومراقبة له، فمن أدرك أن الله سميع عليم لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء لا يمكن أن يخالف أمر الله سبحانه، ومن أيقن أن الأمور كلها بيد الله (عز وجل).
وأكد أن بعض الناس قد يعطون عطاءً لبعض الخلق؛ عطاءً من المال أو الجاه أو المنفعة، لكنهم لن يعطوه إلا ما كتبه الله له، ولو اجتمع الخلق جميعًا والدنيا وما فيها على أن يعطوا ولدًا لعقيم أو صحة لسقيم أو هداية لعاص فلن يملكوا من الأمر شيئًا؛ لأن الأمر كله بيد الله، وحتى لو منحوه بعض المال فهو ما أجراه الله له على أيديهم، وهنا يعلمنا نبينا (صلى الله عليه وسلم) حسن الاعتماد على الله فيقول: "اطْلُبوا الحَوائِجَ بعِزَّةِ الأَنْفُسِ؛ فإنَّ الأُمورَ تَجري بالمَقاديرِ"، كن معه يكن معك، وإذا كان الله معك فلا عليك بعد ذلك بمن عليك ومن معك.
- استحضار معناها والعيش معها
كما أكد وزير الأوقاف أننا عندما نتحدث عن أسماء الله الحسنى وعن ذكره سبحانه بها فإن علينا أن نستحضر في القلب معناها وأن نعيشها من ذلك مثلا (الرحمن الرحيم) فقد كتب الرحمة على نفسه وجعلها للراحمين من خلقه يقول نبينا ( صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ): "مَن لا يَرحَمْ، لا يُرحَمْ" وقال (صلى الله عليه وسلم): "الرَّاحِمونَ يرحَمُهم الرَّحمنُ تبارَك وتعالى؛ ارحَموا مَن في الأرضِ يرحَمْكم مَن في السَّماءِ".
وتابع :"عندما تقف مع اسمه سبحانه (الجبار) وله أكثر من معنى: العزيز، القهار، من العزة والغلبة والقهر، وأيضًا من جبر الخواطر فهو الذي يجبر خواطر عباده، فيقبل توبة التائبين ويمن على عباده المستضعفين، ويرزق المحتاجين، ويمن بالشفاء على المصابين فهو الذي يجبر خواطر عباده، فمن معنى الجبار عليك أن تتعلم جبر الخاطر، وأن تتحلى بعبادة جبر الخاطر، وقد قالوا: من سار بين الناس جابرًا للخواطر أدركه لطف الله في جوف المخاطر، وكما تدين تدان، ارحم ترحم، اجبر الخواطر يجبر الله خاطرك".
وفي الحديث القدسي يقول رب العزة (جل وعلا): "يا ابْنَ آدَمَ، مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، قالَ: يا رَبِّ، كيفَ أعُودُكَ وأَنْتَ رَبُّ العالَمِينَ؟! قالَ: أَمَا عَلِمْتَ أنَّ عَبْدِي فُلانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ؟ أمَا عَلِمْتَ أنَّكَ لو عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟ يا ابْنَ آدَمَ، اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي، قالَ: يا رَبِّ، وكيفَ أُطْعِمُكَ وأَنْتَ رَبُّ العالَمِينَ؟! قالَ: أَمَا عَلِمْتَ أنَّه اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلانٌ، فَلَمْ تُطْعِمْهُ؟ أَمَا عَلِمْتَ أنَّكَ لوْ أطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذلكَ عِندِي، يا ابْنَ آدَمَ، اسْتَسْقَيْتُكَ، فَلَمْ تَسْقِنِي، قالَ: يا رَبِّ، كيفَ أسْقِيكَ وأَنْتَ رَبُّ العالَمِينَ؟! قالَ: اسْتَسْقاكَ عَبْدِي فُلانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ، أمَا إنَّكَ لو سَقَيْتَهُ وجَدْتَ ذلكَ عِندِي"، فإن أطعمت فأطعم لوجه الله، وإن سقيت فاسق لوجه الله، وإن عدت مريضًا فعد لوجه الله، وإن أعطيت مالًا فأعط فلوجه الله، وتمثل قول الله سبحانه وتعالى: "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا".