هل كانت الأنيميا وراء وفاة الكثير من الأطفال في عهد الفراعنة؟
في دراسة أثرية رائعة "هي الأولى من نوعها"، وجد العلماء أن فقر الدم كان شائعًا لدى الأطفال المصريين القدماء الذين تم تحنيطهم.
ومن خلال استخدام التصوير المقطعي، تبين أن طفلاً من بين كل 3 أطفال (7 من أصل 21 مومياء تم فحصها في متاحف ألمانية وإيطالية وسويسرية) يعاني من فقر الدم، إلى جانب أمراض الدم الأخرى مثل الثلاسيميا.
وبحسب مجلة "إنشنت أورجنيز" الأيرلندية، أجرى الباحثون تصوير مقطعي محوسب لكامل الجسم على 21 مومياء أطفال تتراوح أعمارهم بين سنة واحدة و14 سنة، حيث سمحت لهم هذه العملية بتحليل الهيكل العظمي بأكمله، ووجدوا دليلًا على تضخم مرضي في قاع الجمجمة.
أسباب فقر الدم لدى أطفال الفراعنة
وأشارت المجلة إلى أنه يُعتقد أن الملك الشهير توت عنخ آمون، المعروف أيضًا باسم الملك توت، توفي بسبب مرض فقر الدم المنجلي، وهو نوع من فقر الدم، ومع ذلك، حذر الباحثون في الدراسة الأخيرة من أن "الأدلة المباشرة لفقر الدم في بقايا بشرية من مصر القديمة نادرة"، لذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان فقر الدم هو سبب وفاة غالبية مومياوات الأطفال التي تمت دراستها.
لاحظ مؤلفو دراسة فقر الدم أن مجموعة مومياوات الأطفال التي تم فحصها لم تمثل مجموعة سكانية بعينها، حيث كان الغرض من هذه الدراسة هو تقدير انتشار فقر الدم في مومياوات الأطفال في مصر القديمة وتقديم بيانات مقارنة للدراسات المستقبلية.
وأقر الباحثون بأنهم غير قادرين على قياس مسامية ونحافة العظام، حيث تتطلب هذه درجة معينة من التباين، والتي غالبًا ما يتم تقليلها في التصوير المقطعي المحوسب بكثافة الأنسجة المحفوظة والتحنيط المحيط بها، نظرًا لعدم كفاية جودة الصور المقطعية المحوسبة، لم يكن هذا التقييم "ممكنًا في الدراسة".
وأشارت المجلة، إلى أن فقر الدم هو حالة طبية تتميز بعدم قدرة الجسم على إنتاج ما يكفي من خلايا الدم الحمراء السليمة لحمل الأكسجين إلى الأنسجة، واستخدم الباحثون التصوير المقطعي المحوسب لفحص مومياوات الأطفال، وتمكنت الفحوصات من إظهار أغلفة المومياء من الداخل دون إزالتها، ما سمح للعلماء بدراسة البقايا بمزيد من التفصيل وتحديد علامات فقر الدم والحالات الأخرى.
يعاني الأشخاص الذين يعانون من فقر الدم عادةً من مشاكل أخرى أيضًا، بما في ذلك نقص الحديد ونزيف الجهاز الهضمي والالتهابات المزمنة، وكل ذلك نتيجة ضعف الجهاز المناعي بشكل كبير.
يُعتقد أن سوء التغذية والالتهابات الطفيلية والاضطرابات الوراثية، والتي لا تزال جميعها أسباب شائعة لفقر الدم اليوم، كانت الأسباب الرئيسية لفقر الدم لدى الأطفال في العصور القديمة، كما وجد الباحثون الألمان والإيطاليين والأمريكيون أن الأطفال في مصر القديمة كانوا أكثر عرضة للإصابة بفقر الدم مقارنة بالبالغين، حيث تظهر على مومياوات الأطفال علامات أكثر على المرض، ومن الممكن أن يكون فقر الدم قد تسبب في الوفاة المبكرة لبعض هؤلاء الأطفال.
كانت إحدى المومياوات لطفل مات قبل بلوغ عامه الأول، ويعاني من تضخم اللسان (متلازمة بيكويث-ويدمان) وثلاسيميا، ففي هذه الحالة، لا يستطيع الجسم إنتاج الهيموجلوبين، ما قد يؤدي إلى فقر الدم في كثير من الحالات، ومن المؤكد أن هذا الطفل المصري القديم قد استسلم لعدد كبير من الأعراض التي تظهر نتيجة لهذا الاضطراب المنهك في كثير من الأحيان.
وأكدت المجلة، أنه بشكل عام، باستخدام الأشعة المقطعية، عمقت دراسة فقر الدم هذه فهمنا لصحة المصريين القدماء، بالرغم من أنها تأتي مع بعض المحاذير.