حول أزمة "مذكرات ألبير آريه".. منى أنيس: على السيدة المدعية اللجوء إلى القضاء
علقت الكاتبة منى أنيس محررة كتاب «ألبير آريه» مذكرات يهودي مصري، على الأزمة التي أثارتها الكاتبة الصحفية هند مختار حول استبعاد اسمها عن غلاف الكتاب، قائلة: “اعتبر التهمة الموجهة لي بسرقة مجهودها أسخف وأحقر من استنزاف الوقت في جدل عقيم، وعلى السيدة المدعية الذهاب للقضاء أو الجحيم حتى”.
وكتبت منى أنيس عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” منشورا مطولا للرد على هند مختار قائلة: "في البداية أحب أن أؤكد أنني ما كنت أحب أن أكتب هذا البوست لأدافع عن سمعتي المهنية ضد تهمة من إنسانة لم يسبق لي شرف معرفتها، ولكن الضرورات تبيح المحظورات. ففي الصباح الباكر جاءتني أكثر من رسالة من أصدقاء قريبين تلفت نظري وتطلب مني الرد على بوست للسيدة التي لا أعرفها، تتهمني فيه، أنا "منى عبد العظيم أنيس" بسرقة مجهودها ووضع اسمي زورا كمحررة لكتاب "ألبير آريه: مذكرات يهودي مصري".
وتابعت منى أنيس في منشورها: “سأحاول الرد على هذه السيدة باختصار، علما بأن هذه هي المرة الأولى والأخيرة التي أقوم فيها بذلك ولتذهب السيدة المدعية إلى القضاء أو الجحيم حتى، حيث إنني أعتبر التهمة الموجهة لشخصي أسخف وأحقر من استنزاف الوقت في جدل عقيم”.
وأضافت: “يبدو أن السيدة المذكورة لا تعرف الفارق بين التأليف والتحرير وتدوين الشهادة إلى آخر ما يعرفه أي محرر محترف. وربما يكون عذرها في هذا أن مهنة محرر الكتب غير مفهومة بالدقة في مصر، التي أصبح أي شيء فيها يساوي أي شيء، حيث لا تفرقة بين الاحتراف والهواية، وبين السمين والغث”.
واستكملت: “ومن الغريب أن تتهم سيدة شابة لا سابقة أعمال لها، امرأة تجاوزت السبعين وقضت في مهنة التحرير بالعربي والإنجليزي، وفي كبريات الصحف ودور النشر، أكثر من أربعين سنة. وما قامت به السيدة المذكورة هو الاستماع إلى شهادة ألبير آريه (صاحب المذكرات) على حياته وتسجيلها على شرائط كاسيت، ثم تفريغها مقابل، كما فهمت من أسرة آريه، أجرا قامت الأسرة بدفعه والحصول على التفريغ والشرائط، ووصولات بالأجر الذي دفعوه للمدعية”.
وتابعت أنيس: "وفي هذا كله لم يكن لي شأن بالأمر، فقد تقدمت أسرة آريه برفقة الدكتور محمد أبو الغار، بمخطوط المذكرات إلى صاحب دار الشروق. وقد ذكروا وقتها أنهم عملوا على هذا المخطوط بضعة شهور بعد تسلم التفريغ من السيدة صاحبة الدعوى. ولما كنت قد عملت لمدة ٨ سنوات مع دار الشروق كرئيس تحرير، وتقاعدت عام ٢٠٢١ بعد بلوغي السبعين، فقد دفع أصحاب الدار بالمخطوط إلى لإبداء الرأي. وكان رأيي أن المخطوط يحتاج إلى تحرير مكثف لأنه عبارة عن أجزاء غير مترابطة ويجب لضمه في سردية متصلة. كما أن لغة المخطوط كان ينقصها الكثير، سواء فيما يتعلق ببنيان الجملة، أو الأخطاء النحوية الكثيرة، التي قام كبير مصححي دار الشروق الأستاذ أسامة عرابي بتصويبها. وبناء على رأيي ذلك قامت دار الشروق بتكليفي بتحرير المخطوط".
وأوضحت أنيس: هنا بدأ دوري: من لحظة استلامي المخطوط في أول مارس ٢٠٢٢ وحتى انتهيت منه في أوائل مايو من نفس العام. عمل طويل متواصل، قد لا أبالغ إذا قلت إنه استغرق ما يقرب من الألف ساعة، فقد التزمت بتسليم المخطوط قبل سفرة طويلة لي خارج البلاد، وهكذا فقد عملت ليلا نهارا ودون نوم ليال كثيرة وطيلة أيام الأسبوع، للانتهاء من المخطوط قبل سفري خارج البلاد.
وأردفت: يكفي أن أسوق بعض الأمثلة البسيطة على ما قمت به من مجهود، تحية لذكرى صديق نبيل عزيز هو ألبير آريه وهي كالآتي:
١- كان المخطوط أكثر من حجم الكتاب المنشور مرة ونصف تقريبا (٤٧٠ صفحة A4 مكدسة، بينما الكتاب ٣٩٣ صفحة قطع متوسط). ومن المعلوم أن الاختصار واستبعاد المكرر والاستطرادات غير المهمة إحدى مهام التحرير الأساسية.
٢- العمل على سهولة انسياب سردية المذكرات مهمة جدا وبالتالي، اختيار ما الذي يوضع في الأول والآخر والوسط هو أيضا مهمة تحريرية، والسيدة المدعية تسمي هذا تنسيقا. ولعلمها التنسيق (layout) شيء آخر تماما. ويكفي أن أضع مثالا واحدا هو ما كان في آخر صفحات المخطوط الذي استلمته، واخترت أن أضعه في المقدمة. (مرفق صورة صفحة الكتاب وصورة صفحة المخطوط). ويلاحظ هنا تغيرات بسيطة في الصياغة من قبيل أن الغسالة الأتوماتيكية تصبح "فول أتوماتيك" لأن كل الأشياء تتحرك بأوتوماتيكية ما، وحذف بعض الكلمات التي لا لزوم لها وتجعل النص ركيكا. لعل التدخل اللغوي وتصحيح النحو من أبسط قواعد المهنة، والأصعب كثيرا هو خلق سرد سلس يسهل على القارئ متابعة النص باستمتاع، وهذا ما اعترف الجميع به لهذا الكتاب.
٣- من ضمن مهام المحرر التأكد من صحة المعلومات التاريخية وغيرها وقد قمت بتصحيح بعض الأخطاء والتواريخ كما قمت بتدقيق بعض حقائق الحركة الشيوعية المصرية التي أعرفها جيدا، وبالتأكيد أفضل من المدعية. وسأذكر هنا مثالا واحدا: ورد اسم كاتبي تقرير استبعاد اليهود من الحركة الشيوعية المصرية "كفريد وعلي" وقمت فورا بتصحيح الاسمين إلى "فريد وسيد"، حيث إن "على" المزعوم هو والذي "عبد العظيم أنيس" واسمه الحركي كان سيد لا على، أما فريد فهو محمود أمين العالم.
٤- دليلي الأخير على جهدي التحريري هو هذا النص السلس الذي قدمناه للقارئ، والذي بذلت مجهودا كبيرا فيه لإعادة توزيع ما قاله ألبير آريه (السيدة المدعية تلومني على أن كلام ألبير، الذي تعتبره من "تأليفها" كما هو، ترى هل كانت تريد أن أغير كلامه؟)، وإعطائه عناوين رئيسية وفرعية وترتيبه في أجزاء وفصول. ومرفق هنا جدول محتويات المخطوط الذي تسلمته (٧٥ عنوانا متفرقا) وجدول محتويات الكتاب (١٧ فصل في أربعة أجزاء) لمن أراد المقارنة، وما قلت سابقا هو آخر كلام لي في الموضوع، فما أقصر العمر الباقي لأضيعه في مثل هذه المهاترات، وعلى المتضرر أن يلجأ للقضاء.