البناء يتواصل.. «الدستور» داخل مواقع تنفيذ وحدات «سكن لكل المصريين»
شهد آخر طرح لوحدات «سكن لكل المصريين»، أو ما يعرف بـ«الإعلان السادس عشر من وحدات الإسكان المدعوم لمحدودى الدخل»، تقدم المواطنين لحجز ١٠٠ ألف وحدة سكنية فى مدينة ٦ أكتوبر الجديدة.
هذا الرقم يعنى الحاجة لإنشاء أكثر من ٤ آلاف عمارة سكنية، فى مدى زمنى لا يتخطى ٣ سنوات، وفق ما جاء فى كراسات الشروط، وهو أمر يثير تساؤلًا فى غاية الأهمية: كيف تطرح الدولة وحدات سكنية لمحدودى ومتوسطى الدخل، وتحصل منهم على مقدمات حجز لتنفيذ هذه الوحدات فى مواعيد محددة، فى ظل السوق المضطربة بتغيرات كبيرة فى أسعار مواد البناء مع عدم استقرار أسعارها؟
الإجابة عن هذا السؤال تعكس الجهود الكبيرة المبذولة من قبل الدولة، وكيف أن اهتمامها الأول والأخير هو المواطن، خاصة محدود الدخل ومن الفئات الأكثر احتياجًا، الهم الأول للرئيس عبدالفتاح السيسى فى كل تحركات وتدخلات الدولة.
«الدستور» أجرت جولة موسعة فى مدينة أكتوبر الجديدة، لمعرفة سبب الإقبال غير المسبوق على هذه المنطقة، رغم كونها «مدينة بِكر» لم يتخط عمر الإسكان الاجتماعى بها أكثر من ٥ سنوات، مقارنة بمدينة ٦ أكتوبر القديمة، التى تخطى عمرها الـ٢٠ عامًا، وكذلك حدائق أكتوبر، باعتبارهما مدينتين مجاورتين لها، وتقع بعدهما فى اتجاه الواحات.
60 ألف وحدة إسكان اجتماعى جديدة ضمن «الإعلان الـ16»
قال المهندس محمد عبدالمقصود، رئيس جهاز تنمية مدينة ٦ أكتوبر الجديدة، إن مساحة المدينة كانت ٩٠ ألف فدان، وزاد عليها ١٥ ألف فدان أخرى، ليصبح إجمالى مساحتها ١٠٥ آلاف فدان.
وأضاف «عبدالمقصود»: «المدينة تحتوى على أنشطة: سكنى وصناعى وزراعى، لذلك هى مدينة ذات طابع خاص، والجزء الصناعى تقدر مساحته بـ١١ ألف فدان، وهذا يعنى أنها ستضم مدينة صناعية كبرى، تقع فى الجهة المقابلة للميناء الجاف، بجانب مناطق لوجستية، والمدينة ككل تقع بعد كمين طريق الواحات بنحو ٢٢ كم».
وأوضح أنه «يجرى حاليًا ترفيق ١٦٠٠ فدان من الأفدنة المخصصة للنشاط الصناعى، وحظيت بإقبال كبير جدًا بعد طرحها، وهناك أكثر من مليون متر مربع تم تخصيصها بالفعل لعدد من كبار المطورين الصناعيين المعروفين». وتبدأ حدود مدينة ٦ أكتوبر الجديدة من عند «صينية» طريق الواحات، يحدها الطريق الدائرى الأوسطى، وطريق محور «بتروجيت» القادم من طريق إسكندرية الصحراوى حتى الدائرى الأوسطى وغرب المطار، كما يحدها أيضًا الطريق الدائرى الإقليمى، ويخترقها طريق الواحات من بدايتها إلى نهايتها.
وتضم مدينة ٦ أكتوبر الجديدة نحو ٤٨ ألف وحدة سكنية للإسكان الاجتماعى، فى المنطقة التى تعرف بـ«الـ ٨٠٠ فدان»، بجانب ٣٤ ألف وحدة أخرى فى منطقة غرب المطار، كما أنه جارٍ إسناد أعمال لتنفيذ نحو ٦٠ ألف وحدة إسكان اجتماعى جديدة لصالح الإعلان السادس عشر، إضافة إلى ٥ آلاف وحدة «سكن مصر» فى منطقة «الـ٨٠٠ فدان» أيضًا منتهية التنفيذ، وجارٍ تسليمها للمستفيدين حاليًا.
وكشف رئيس جهاز تنمية مدينة ٦ أكتوبر الجديدة عن بدء تقنين أراضى «الوادى الأخضر» المخصصة للزراعة، وذلك بنظام حق الانتفاع، ضمن التخطيط الحديث للمدينة، مشيرًا إلى أن هذه الأراضى تقع على طريق الواحات داخل حدود المدينة.
المشروع مرتبط بالطرق والمحاور الرئيسية فى جميع الاتجاهات
ذكر المهندس وليد عبدالرحمن، نائب رئيس جهاز أكتوبر الجديدة للإسكان، أن المدينة تضم حاليًا نحو ٨٥ ألف وحدة إسكان، منها قرابة ٥ آلاف وحدة إسكان متوسط «سكن مصر»، والباقى وحدات إسكان اجتماعى، منها ٤٠ ألف وحدة فى منطقة زهراء أكتوبر الجديدة، و٣٥ ألف وحدة فى منطقة غرب المطار.
وقال إن منطقة زهراء أكتوبر الجديدة مقسمة لـ٤ أحياء، كل حى منها يتضمن جميع الخدمات، وبه سوق تجارية ووحدات صحية ومدرسة وحضانة ومسجد وكنيسة وملاعب خماسية وأخرى مفتوحة.
وأضاف: «ننهى حاليًا المرحلة الخامسة من مشروع (سكن لكل المصريين) فى منطقة غرب المطار، المخصصة للإعلان الـ١٤، وقبل عامين وأربعة أشهر بالضبط لم يكن هناك أى شىء فى منطقة غرب المطار، بل كانت مجرد أرض صحراء، لكنها اليوم مدينة بها ٣٥ ألف وحدة إسكان لمحدودى الدخل، منفذة على أعلى مستوى من الجودة وبها كل الخدمات». وواصل: «هناك منطقة أراضى الإسكان المتميز، التى يجرى إنهاء ترفيقها وتسليم ما ينتهى ترفيقه، وبها المنطقة الصناعية التى يتم ترفيقها وتجهيزها للمطورين الصناعيين الذين اشتروا فيها، بخلاف شبكة الطرق والمرافق ومحطة الكهرباء الضخمة، التى أوشكت على التشغيل، وهى مصممة لتلبية كل احتياجات مدينة أكتوبر الجديدة».
وتابع: «كل هذا جهد كبير تستحق الدولة كلها الشكر عليه، وليس فقط الشباب الموجود على الأرض، لأن هناك اهتمامًا ومتابعة على أعلى مستوى، بدءًا من قيادات الهيئة ووصولًا لوزير الإسكان، فالجميع يتابعنا، سواء على الأرض أو من خلال الاتصالات المستمرة وتقارير نسب الإنجاز، وتلك المتابعة والجولات المستمرة تدفعنا للتقدم للأمام، والاستفادة من التجارب الأخرى لعدم تكرار أى أخطاء تؤثر على سير معدلات التنفيذ».
وردًا على اندهاش البعض من تقدم ١٠٠ ألف مواطن فى إعلان الإسكان الأخير بمدينة أكتوبر الجديدة لكونها «مدينة بكر» وناشئة، قال «عبدالرحمن» إن هذا أمر طبيعى فى ظل عمليات التنمية المتكاملة التى تم تنفيذها بالتوازى فى مدينة أكتوبر الجديدة، لكونها عمليات مدروسة ومخططة جيدًا، تم فيها تلافى أخطاء الماضى، وتحقيق المزيد من التطوير الذى يليق بالمستقبل. وأكمل: «موقع المدينة المتميز جعلها مربوطة بكل الطرق والمحاور الرئيسية فى جميع الاتجاهات، شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا، إضافة لربطها الجيد بمدينتى أكتوبر القديمة وحدائق أكتوبر، وهذا التخطيط الجيد والتنفيذ السريع للطرق والمرافق، والاستجابة لكل الاحتياجات المستقبلية، والدفع بمشروعات الإسكان بكل مستوياتها، سواء لمحدودى الدخل أو غيرهم، جذب كثيرين رغبوا فى اختيار المدينة كوجهة للحياة فى المستقبل».
مهندسون: التنسيق بين عناصر العمل لضمان الجودة
أكد المهندس ضياء عمار، مهندس بجهاز تنمية مدينة أكتوبر الجديدة، أن المهندسين يبذلون مجهودًا لا يقل عن العمالة، خلال عمليات تنفيذ المشروعات على أرض الواقع، كما يتولون التنسيق مع الفنيين والمشرفين، حتى أكبر القيادات فى هيئة المجتمعات العمرانية ووزارة الإسكان.
وأضاف أن التنسيق بين المهندسين وعناصر العمل هو ما يضيف عامل الجودة للمشروعات التى يتم تنفيذها، ويضمن ضم جميع الكوادر والكفاءات لدولاب العمل.
أما المهندس الشاب محمد توفيق، مدير تنفيذ مشروعات بالشركة المنفذة، فكشف عن أن المشروع الذى يشرف على تنفيذه عبارة عن مجمع خدمات يضم مدرسة وحضانة ووحدة صحية وسوقًا تجارية، مضيفًا أنه يشرف كذلك على إنشاءات الحى السكنى الجديد فى منطقة غرب المطار.
وقال: «العمل يسير بشكل جيد خلال شهر رمضان، ومجموعة العمل التى أشرف عليها حققت معدلات تنفيذ فاقت معدلات التنفيذ فى الأيام الأخرى خارج شهر الصيام»، مشيرًا إلى أن شعائر رمضان المختلفة لم تشغل العمال عن أداء مهامهم.
وأضاف: «هناك مهندسون يعملون فى مناوبات نهارية، وآخرون ليلية، وهناك تنسيق مستمر مع استشارى المشروع داخل موقع العمل بشكل مستمر، وتنسيق مع العمال أيضًا، والكل يعمل فى نفس التوقيت وبتناغم مستمر، فتجد عمال الخرسانة على الأسقف وتجد تحتهم عمال بناء الطوب ومعهم عمال العزل الخرسانى، وهكذا».
من جهته، قال المهندس أحمد محمود السيد، استشارى المشروع، إنه يتولى عملية الإشراف من نقطة الصفر حتى الانتهاء تمامًا من الأعمال، فضلًا عن التأكد من جودة الإنشاءات منذ البداية.
وذكر أنه لا يتم السماح بإدخال أى خامات فى عمليات الإنشاء إلا بعد اختبارها، والتأكد من مطابقتها للمواصفات والأكواد المحددة، لضمان تجنب أى مشكلات مستقبلية.
وتابع: «نؤدى دورنا على أكمل وجه، كفريق معنى بالأمر، ويضم فريق المركز القومى للبحوث، كاستشارى للمشروع، عددًا من المهندسين الموجودين على الأرض، يرأسهم مهندس من المركز يتابع معهم سير الأعمال بشكل مستمر، ومعه عدد من المهندسين فى تخصصات مختلفة».
العمال: ورديات متواصلة لإنجاز الأعمال
ضياء مجاور، نجار مسلح، يعمل ورديتين يوميًا تبدأ الأولى بعد الإفطار مباشرة وبالتحديد فى السابعة مساءً وتستمر حتى منتصف الليل، والثانية فى الثالثة صباحًا وتستمر حتى الواحدة ظهرًا. وعبّر «مجاور» عن سعادته بتوافر فرصة عمل مناسبة له لكى يتمكن من الإنفاق على أسرته الصغيرة وتلبية احتياجاتهم، خاصة مع قرب حلول عيد الفطر، لافتًا إلى أنه مستعد للعمل ليلًا ونهارًا طالما توافر العمل بدلًا من الحاجة والعوز.
من جهته، أعرب عبدالله ربيع، شاب فيومى، عن سعادته بوجود فرصة عمل مناسبة ينفق منها على أسرته ويدخر منها للزواج، مؤكدًا أن أكثر ما يسعده هو الانتهاء من تنفيذ عمارة أو مدرسة ورؤيتها بنيانًا قائمًا بعد أن كان مجرد مخطط على ورق. وقال: «أشعر بسعادة بالغة حين أكون جزءًا من فريق العمل، وهذا الإنجاز أظل طوال العمر أتذكره، وأعمل أنا وزملائى فى فريق عمل متناغم».
بدوره، قال عبدالعظيم إبراهيم، شاب ثلاثينى، نجار مسلح من محافظة الغربية، إنه يعمل بجد واجتهاد ولا يضيع الوقت فى أى أعمال أخرى بغير المخطط استهدافه، لافتًا إلى أن سعادته مضاعفة حين يعمل فى رمضان لأنه يأخذ أجر العمل والصيام فى آنٍ واحد.
وأضاف عطية أحمد، نجار مسلح: هناك تنوع كبير فى فريق العاملين داخل المشروع، وجميعهم جاءوا من محافظات بعيدة بحثًا عن «لقمة العيش»، لافتًا إلى أن هناك عاملين من محافظة الغربية وآخرين من الفيوم والمنوفية وسوهاج والمنيا وغيرها من المحافظات.