في يومهم العالمي.. لماذا شكّل "الغجر" ملمحًا بارزًا في الرواية المصرية؟
في الثامن من أبريل من كل عام يحتفل العالم باليوم العالمي للغجر، منذ إعلانه رسميًا في بولندا في عام 1990، للاحتفاء بثقافة الغجر وزيادة الوعي بالقضايا التي تواجههم كأقلية، ومنها مسألة التمييز ضدهم على مستوى العالم وهو ما يحتاج إلى دعم ثقافي لاحترام حقوقهم.
يرجع أصل "الغجر" إلى الهند حسبما تشير معظم المصادر التاريخية، وتعتمد حياتهم على التجوال من مكان لآخر، إذ ارتحلوا إلى مختلف بلدان العالم وعملوا في الرعى والصيد، وعاشوا على الهامش في أطراف المدن والقرى، إلا أنهم تعرضوا للكثير من العدوان في الدول التي استقروا فيها.
الشخصية الغجرية في الرواية
حضرت الشخصية الغجرية في كثير من الأعمال العالمية الشهيرة راسمة صورة عن حياتهم وعاداتهم وتقاليدهم وطباعهم، ومن أبرز هذه الأعمال رواية "الغجرية" لثربانتيس، و"أحدب نوتردام" لفيكتورهوجو، و"الخيميائي" لباولو كويليو، و"العذراء والغجري" لـ د. ه. لورنس. وفيما كانت بعض هذه الأعمال تعكس ثقافة الغجر وعاداتهم وتقاليدهم، أدى بعضها الآخر إلى ترسيخ الصور النمطية عنهم والتحذير منهم.
في الرواية العربية، حضرت الشخصية الغجرية في الكثير من الأعمال ولا سيما المرأة الغجرية التي وضعتها في صورة امرأة حكيمة وجميلة ومتحررة، كما جرى تمثيل الغجر في كثير من الأعمال العربية ومنها "الطوق والأسورة" ليحيى الطاهر عبد الله، و"التاجر والنقاش" لمحمد البساطي، و"حنان" لمجيد طوبيا، و"خالتي صفية والدير" لبهاء طاهر، و"قلب الليل" لنجيب محفوظ، و"شموس الغجر" لحيدر حيدر.
الغجر في الرواية المصرية
في دراسة حملت عنوان "توظيف الشخصية الغجرية في الرواية العربية في مصر"، أشار الباحث مراد عبد الرحمن مبروك إلى أن الشخصية الغجرية شكلت ملمحًا بارزًا في الرواية العربية في مصر منذ أواخر الستينيات وحتى التسعينيات كأداة للتعبير عن الواقع الذي يشعر فيه الكاتب بالغربة والتوق للرحيل هربًا من الواقع.
ولفت إلى أن حضور الشخصية الغجرية في الرواية المصرية كان له دلالة موجبة في بعض الأعمال بينما ارتبط في أعمال أخرى بدلالات سلبية.
فيما يخص المنحى الإيجابي كانت الشخصية الغجرية في الرواية المصرية تعبيرًا عن البحث عن الخصوبة والميلاد وتجدد الحياة والمستقبل.
أما الجانب السلبي، فقد مثل حضور الشخصية الغجرية فيه تعبيرًا عن الموت والضياع ووظفها الكتاب للتعبير عن الواقع المعيش، كما أنها ارتبطت بالحياة الشعبية نتيجة وجودها في سفح الهرم الاجتماعي، ما جعل الكتاب يستلهمونها للتعبير عن القهر الاجتماعي السائد في المجتمع والتحولات في القيم والسلوكيات.
في رواية مثل "خالتي صفية والدير"، يقدّم بهاء طاهر شخصية الغجرية أمونة التي ترقص وتغني في الأفراح، ويعبّر من خلالها عن صورة حياتية من الواقع. فيما حضرت في رواية "حنان" لمجيد طوبيا لمقاربة حياة البطلة التي تتطلع إلى الهروب من زيف الواقع نحو حياة أكثر حرية تشبه حياة الغجر المعتمدة على الترحال.
روايات حديثة
من الروايات الحديثة التي تعرّضت لصورة الغجر؛ نجد رواية "الراهبة الغجرية" لملاك رزق، والتي تدور أحداثها بفترة الخمسينات التي شهدت الحقبة الملكية في مصر، لتسرد حكايات الغجر وأحوالهم بعد ثورة الضباط الأحرار.
وأيضًا، تعد رواية "الغجر يحبون أيضًا" للروائي الجزائري واسيني الأعرج، من أبرز الأعمال في هذا الصدد، وفيها يسرد الكاتب فصولًا من تاريخ الغجر مع الإبادة النازية وحكاياتهم مع الترحال والهروب.