«الهجمات بدأت».. مرضى «الفيبروماليجيا» يستغيثون من تأثيرات تغيرات الحرارة
مع التغير الذي يشهده الطقس في الفترة الحالية وارتفاع درجات الحرارة، هناك أشخاصًا يعدون هذا التغيير في الفصول، ودخول فصل الصيف بمثابة "الهجمة" عليهم من بينهم مرضى "الفيبروماليجيا" الذين وصفوا ما يعانوه في هذه الفترة بهجمة يتعرضون لها من المرض عليهم بسبب هذه التقلبات الجوية، وأنها قد بدأت خاصة كذلك مع بدء صيام بعض أيام شهر شعبان.
ولكن لماذا أطلق أصحاب مرضى "الفيبروماليجيا" على ما يعانوه هذه الفترة بالهجمة؟ وما الذي يخافونه مع دخول شهر رمضان المعظم؟.
"صومت وتعبت أوى وجسمى كله بيحرقنى وفقدت طاقتى كاملة عايزة أنام وضغطى واطى خالص" تقولها م.ح إحدى المصابات بمرض "الفيبروماليجيا" موضحة الآلام التي تعرضت لها خلال الفترة الماضية بسبب ارتفاع درجات الحرارة وصيامها بعض الأيام.
مرض "الفيبروماليجيا" هو مرض الألم الليفي العضلي وهو اضطراب يسبب ألمًا واسع المدى في البنية العضلية الهيكلية ويصحبه الشعور بالإرهاق واضطرابات النوم والذاكرة والحالة المزاجية، ويعتقد الباحثون أن الألم الليفي العضلي يزيد الإحساس بالألم عن طريق التأثير على طريقة معالجة الدماغ والحبل النخاعي للإشارات المؤلمة وغير المؤلمة، ويتسم المرض بصعوبة شديدة في تشخيصه.
تصف ن.ح مريضة أخرى من مرضى "الفيبرووماليجيا" ما تخافه في فترة الصيام المقبلة بشهر رمضان المعظم قائلة: "ربنا معانا أنا خايفة أوى زعلانة إنى تعبت من يومين أومال هاعمل ايه فى رمضان أنا بجد منهارة لانى مش بقوم باللى عليا ظهرى ساقط لتحت بتقل كأن ظهرى وروحى بتطلع من غير المياه مع إن أنا نمت متأخرة علشان اشرب بجد أنا مبقتش عارفة حاجة، يارب هونها علينا أنا بموت أوى من كل الأعراض مرة واحدة".
الدواء لا يأتي بنتيجة هكذا وصفت السيدة مريم أحمد "اسم مستعار" مريضة "الفيبروماليجيا" ما تفعله من أجل التغلب على آلام هذا المرض دون جدوى قائلة: "اعمل ايه تانى فيتامينات باخد والأكل مضبطاه والرياضة بمشى كتير اعمل ايه تانى صعبان عليا نفسي مش عارفة اعمل اللى عليا".
كذلك أكدت ريهام سمير مسمى "الهجمة" الذي أطلقه مرضى "الفيبروماليجيا" على ما يتعرضون له خلال هذه الأيام بسبب ارتفاع درجات الحرارة وتغيرها بشكل عام "ربنا يرحمنا برحمته فعلا درجة الحرارة بتسبب هجمات أنا لو اتعرضت للبرودة الشديدة بتجيني هجمة ولو قعدت دقيقتين في شمس الظهيرة بتجيني هجمة ربنا يجعل تعبنا في ميزان حسناتنا".
تعد من المشكلات التي تواجه مرضى "الفيبروماليجيا" ليست فقط صعوبة التشخيص، بل أنه وحسب الدراسات العالمية فإن أحد أهم عقاقير العلاج منه هي مواد البربالجين، والترامادول الذين يندرجون تحت مسمى المواد المخدرة والممنوع تعاطيها بعالمنا العربي، وهو الأمر الذي يجعل المصاب به في حيرة دائمة بداية من كيفية التشخيص إلى وسائل العلاج.
إضافة إلى ذلك فإن هذه العقاقير المخدرة المجرم تناولها فهي في الحقيقة لا تأتي بنتيجة أكبر من ٢٠%، في حال حتى تم تناولها، ولكن الواقع حسبما وصفوا أنه ليس هناك علاج حقيقياً وفعال لهذا المرض، وما هي إلا أدوية مسكنات تتميز بارتفاع أسعارها التي تصل إلى 10 آلاف شهريًا، حسب ما ذكر أحد المصابين لـ"الدستور".
من جانبه قال الدكتور حامد الجوهرى استشارى جراحة العظام والمفاصل بالهيئة العامة للمعاهد والمستشفيات التعليمية، إن متلازمة "الفيبروماليجيا" هي عبارة عن صورة شائعة لآلام العضلات، والأنسجة مثل أوتار الجسم، وتحدث نتيجة اضطراب بسبب ألم واسع المدى في البنية العضلية والعصبية، ويصحبه اضطراب في النوم والذاكرة والحالة المزاجية للمريض، كما يصاحبه أعراض أخرى مثل الصداع النصفي، وآلام في القولون، وقلق، واكتئاب.
وقال الجوهري في تصريحه لـ"الدستور" إن الإصابة بهذا المرض تأتي في الغالب بعد تعرض المريض لوقوع حادث، أو إجرائه لعملية جراحية كبيرة، أو تعرضه لضغط نفسي شديد، وتتزايد الأعراض مع مرور الوقت.
وأضاف حامد، أن الباحثين أوضحوا أن الأسباب وراء الإصابة بهذا المرض هو التحفز المتكرر للأعصاب، والذي يتسبب في حدوث تغيرات في الدماغ والحبل الشوكي للمريض وينتج عنها تغيرات في مستويات المواد الكيميائية المسئولة عن نقل الألم من الدماغ إلى الأطراف العصبية فتصبح مستقبلات الألم حساسة أكثر من اللازم، وبالتالي يصبح الشعور بالألم السريع عند بذل أي مجهود أكثر عند المريض من غيره.
وأوضح الجوهري، أن هذا المرض يصيب السيدات أكثر من الرجال، لتعرضهن أكثر للإصابة بالروماتيزمية، أكثر تلك الأمراض التي تزيد من فرص الإصابة بالفيبروماليجيا.
أما عن تأثر مرضى الفيبروماليجيا بتغير درجات الحرارة قال استشاري جراحة العظام، إنه عادة ما تكون ردة فعل المصابين بالفيبروميالجيا أكثر حساسية نحو تغير درجات الحرارة عن غيرهم، موضحًا أن ارتفاعا أو انخفاضا بسيطًا يصبح بالنسبة لهم أمر مزعج، مشيرًا إلى أنهم غالبًا ما يميلون إلى الجلوس في مكان حار أو بارد، ولا يتحملون درجات الحرارة المعتدلة.
وذكر الجوهري، أن علاج مرض "الفيبروماليجيا" يتمثل في تناول مسكنات الألم ومضادات الاكتئاب، مشيرًا إلى أن الأمر يحتاج في بعض الأحيان إلى تناول عقاقير مثل أدوية الصرع التي قد تسهم في تخفيف الشعور بالآلام الناتجة عنه، ونصح الجوهري المرضى بضرورة المواظبة على ممارسة الرياضة والعلاج الطبيعي، موضحًا أنه لا بد أن تراعى الظروف الصحية لمريض "الفيبروماليجا" في المجال الوظيفي.
الجدير بالذكر أن نسبة إصابة السيدات بهذا المرض تصل إلى 77%، وكانت أولى المحاولات العلاجية بالأدوية السيريتونية لمرض الفيبروماليجيا في العام 1984، فيما كان أول ظهور لاسم المرض فى 1976، أما إنتاج الأدوية والعلاجات التي خصصت لهذا المرض فبدأت في عام 2007.