عبد الله السلايمة: لكل كاتب مزاجه الذي غالبا ما ينعكس على شخصياته
أشعلت صورة الدكتور أحمد زويل وهو يدخن “الشيشة”، في مقهي الفيشاوي، مواقع التواصل الاجتماعي، وأعادت الحديث عن “مزاج” المبدعين، ومدي ارتباط الإبداع في أي مجال بطقوس خاصة.
وفي هذا الصدد قال الكاتب الروائي عبد الله السلايمة لــ “الدستور”: تختلف صورة المبدع لدى العامة، فمنهم من يراه شخصًا غريب الأطوار، ولا أريد القول مجنون، ومنهم من يتصوّر أنه مرفهٌ يعيش في برج عاجي، وكلا الفريقين مخطئين ولا يدركان حقيقة أن المبدع يشبه عمال حفر المناجم، فهو يعمل في منجم الكلمة على مدار الساعة ولا يتوقف عن الحفر والتنقيب في سراديبها ومتاهاتها سعيًا وراء إشباع نهم لا ينتهي.
وفي محاولة من الكاتب الأمريكي «أندرو شافر» لتصحيح تلك الصورة وصف الكاتب في كتابه (كُتّاب مشردون، تاريخ فاضح لكُتّاب متمردين) بأنه مقاتل وضحية، وهو القاتل والمشرّد. وأن هناك كُتّاب كانوا بالنسبة للقُرّاء أساطير، وكُنا نظن أنهم يعيشون في النعيم ثم عرفنا لاحقًا أنهم عاديون يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق مثلنا!، بل يعيشون حياة تعيسة، وأحد هؤلاء التُعساء الكاتب الأمريكي الشهير ارنست همنغواي صاحب رواية «الشيخ والبحر» الشهيرة.
وتابع “السلايمة”: ولا يعرف العامة أن الكتابة حقل ألغام، والكاتب الحقيقي لا ينجو منه. وهي مرض مُزمن أيضًا ولا يمكن للكاتب الحقيقي أن يبرأ منه.
حياة مضطربة ومقلقة اختارها الكاتب لنفسه، وربما اصطفاه الله من بين البشر ليحمله هذه الرسالة السامية، وجعل الكتابة متنفسه وملاذه وغايته في الحياة. وجعل شخصية الكاتب تتسم باضطراب المزاج والقلق الدائم، وعندما تغيب الفكرة أو تهرب يدخل في حالة شرود وتوتر، ويظل هذا حاله حتى يعود إليه الإلهام ويقبض على الفكرة.
ولفت “السلايمة” إلي: وكما لكل كاتب مزاجه الذي غالبًا ما ينعكس على شخصياته، له طقوسه الخاصة ويراها رّكيزة أساسية في إبداعه، فمن الكُتّاب من كان يسير مسافات طويلة في الصباح الباكر مثلما كان يفعل نجيب محفوظ، ومنهم من يبكي ويصرخ أثناء الكتابة كالكاتب الفرنسي فلوبير، ومنهم من يتخفف من ملابسه تفاديًا لتشتت ذهنه مثلما كان يفعل فيكتور هوجو، ومنهم من يُفضِّل الكِتابة في المقهى وسط الصخب، ومنهم من يفضِّل العُزلة مثلي عن العالم، حيث أُفضِّل الجلوس في المنزل أمام الكمبيوتر في الصباح الباكر قبل ذهابي إلى العمل، وبعد أن أُحلت للتقاعد مؤخرًا استعدت حريتي وأصبحت أملك كل وقتي الذي أمضي أغلبه في غرفة مكتبي أمام الكمبيوتر، وقد اعتدت الكتابة علي الكيبورد منذ أعوام مضت، ولم أعد استخدم الورقة والقلم كما كنت أفعل في السابق. وقد وجدت في الكتابة على الكمبيوتر حميمية مختلفة ومتعة خاصة، حيث يمكنني إعادة كتابة وتنقيح بعض المشاهد ورسم الشخصيات كما أريد، أو كما رسمت هي مسارها.