لمواجهة هيمنة الدولار ..آليات مبتكرة لتشكيل عملات جديدة والتعامل بالعملات الوطنية
مع تعاظم التنافس بين القوى العظمى الذي يأتي في وقت يواجه الاقتصاد العالمي ركودًا غير مسبوقًا، تتجه عدد من الدول إلى خطوات وآليات جديدة لتشكيل عملات جديدة على رأسها استخدام العملة الوطنية، لتحل محل الدولار الأمريكي الذي يهيمن على التعاملات التجارية بين الدول الحليفة والغير حليفة للولايات المتحدة.
وما بين هيمنة الدولار من جهة وصعود الصين كقوة اقتصادية، والعقوبات المفروضة على روسيا منذ بدء عملياتها العسكرية في أوكرانيا، برزت محاولات جديدة لإزالة عصر الدولرة؛ كحل لبناء روابط تجارية بين الدول، أحدثها ما تم الإعلان عنه في أميركا اللاتينية، بين البرازيل والأرجنتين، وكذلك إعلان مصر وروسيا اعتماد الجنية والروبل كعملات تبادل تجاري، وفيما يلي التفاصيل:
عملة برازيلية أرجنتينية مشتركة
كشف الرئيس البرازيلي، لويس اغناسيو لولا دا سيلفا، في تصريحات أمس الأثنين في العاصمة الأرجنتينية بيونس أيرس، أن الفرق الاقتصادية من البرازيل والأرجنتين ستعملان على اقتراح لطرح عملة مشتركة تستخدم في التدفقات التجارية والمالية بهدف تقليل الاعتماد على العملات الأجنبية.
وأوضح لولا دا سيلفا، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء البرازيلية، أن عملية طرح عملة مشتركة ستحتاج نقاشا طويلا واجتماعات عديدة.
وقال: «إذا ما كان الأمر يعتمد علي، لكان للمواطنين تجارة خارجية دائما ما تعتمد على عملات دول أخرى لتقليل الاعتماد على الدولار»، مشيرًا إلى أن العديد من الدول تعاني من صعوبات في شراء الدولار وهذا يمنع توقيع اتفاقيات.
ولاحقًا، صرح وزير المالية البرازيلي، فرناندو حداد، بأن العملة الرقمية الموحدة بين بلاده والأرجنيتن، ستستخدم فقط لعمليات التبادل الجاري لتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي، نافيًا أن تكون بديلا عن الريال البرازيلي أو البيزو الأرجنتيني.
وأوضح فرناندو حداد أن الفكرة تكمن في تعزيز التجارة بين دول أمريكا اللاتينية بطريقة أفضل من أدوات أخرى استخدمت في الماضي مثل السداد بالعملات المحلية وعدم اللجوء إلى الدولار واتفاقيات السداد والائتمان المتبادل التي ألغتها البرازيل في عام 2019.
وتتركز التجارة بين البرازيل والأرجنتين على شراء القمح الأرجنتيني من جانب البرازيل وبيع السيارات وقطع غيار السيارات البرازيلية للبلد المجاور.
اعتماد الجنيه والروبل في تعاملات القاهرة وموسكو
للتغلب على العقبات والأزمات العالمية التي خلقتها العقوبات الغربية على موسكو بسبب الحرب الدائرة في أوكرانيا، أعلنت مصر منتصف يونيو الجاري، أنها ستتبنى آلية سداد للسماح باستخدام الروبل الروسي في التبادل التجاري مع موسكو.
وقالت وزيرة التجارة والصناعة، نيفين جامع، أثناء منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي، منتصف يونيو الماضي، إنه مع تعطل حركة النقل البحري والجوي بسبب الأزمة الأوكرانية، إلى جانب المعاملات المصرفية فإن الحاجة لإيجاد آليات لتسديد المدفوعات، بات ضروريًا، خاصة وأن مصر بحاجة إلى القمح الروسي.
من جهته، أوضح وزير الصناعة والتجارة الروسي دينيس مانتوروف أن موسكو والقاهرة اتفقتا على التحول إلى العملات المحلية في التسويات المتبادلة، وأشار إلى أن حجم التبادل التجاري بين روسيا ومصر يتيح للدولتين استخدام الروبل والجنيه في المعاملات التجارية، مشددًا على أن "هذا سيخدم مصلحة الاقتصاد الروسي والمصري على حد سواء".
والخميس الماضي، أعلن البنك المركزي الروسي رسميًا عن تحديد الأسعار الرسمية للروبل مقابل تسع عملات أجنبية أخرى من بينها الجنيه المصري؛ حيث نشر المركزي الروسي بياناً بموقعه الرسمي قال فيه إن «قائمة العملات الأجنبية التي يحدد سعرها رسمياً مقابل الروبل تضمنت 9 عملات جديدة من بينها الجنيه المصري الذي يساوي أكثر من 2 روبل روسية».
ويقدر حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا بنحو 4.7 مليار دولار لعام 2021.
«إيكو» عملة إفريقية للتخلي عن الفرنك الفرنسي
تعود فكرة إنشاء عملة موحدة في منطقة الإيكواس (الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا) إلى ثلاثة عقود ماضية بهدف تحقيق التكامل النقدي؛ حيث ستوفر هذه العملة التسهيلات التجارية فيما بين دول الإيكواس، وكذلك فيما يتعلق بتصدير واستيراد المنتجات على الصعيد الدولي.
وقد دعمتْ الفكرة بقوة كل من غانا ونيجيريا، عام 1999، كما تعتبرها الإيكواس جزءًا مهمًّا من التكامل الاقتصادي من خلال اعتماد سياسة نقدية مشتركة بين الدول الأعضاء والتخلي عن السيادة في الأمور النقدية لسلطة نقدية مشتركة تكون مسؤولة عن إصدار إيكو وإدارتها.
والإيكواس تشمل «جمهورية بنين، وبوركينا فاسو، وتوغو، وجمهورية الرأس الأخضر، والسنغال، وسيراليون، وغامبيا، وغانا، وغينيا، وغينيا بيساو، وكوت ديفوار، وليبيريا، ومالي، والنيجر، ونيجيريا».