التكية السليمانية.. قلب سوريا فى انتظار ترميمه وإعادته للحياة
فقد السوريون الكثير من معالمهم السياحية والأثرية، فلم تعد دمشق هي دمشق بعد الحرب التي مزقت البلاد، ومع ذلك تبقى بعض الأماكن رغم ما أصابها من تدمير وإهمال غالية على قلوب أهالي سوريا، تشكل وجدانهم وتربطهم بذكريات وماض سعيد، ومن بين تلك الأماكن "التكية السليمانية" المهددة في الوقت الحالي بالخصخصة.
وكانت انتشرت مقاطع فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أظهرت أصحاب الحرف يفرغون محالهم من أدواتها، في الساحة المحيطة للتكية، مما أدى إلى انتشار شائعات تفيد ببيع التكية.
من جانبه نفى وزير السياحة السوري محمد رامي مارتيني، صحة ما تم تداوله عن منح الموقع الأثري (التكية السليمانية) للقطاع الخاص، مؤكدًا أنها مِلك لوزارة الأوقاف وليست لوزارة السياحة كي تتصرف بها، وأن ما يجري في التكية هو مشروع الأكبر من نوعه في ترميم هذا المكان التراثي للمرة الأولى منذ إنشائه.
كما أوضح أن أعمال الترميم الجارية بدأت منذ أكثر من 3 سنوات، وهدفها صونه والحفاظ عليه، مؤكدًا أنه كان لا بد من إخلاء سوق المهن اليدوية، التي توجد في التكية الصغرى لأن أعمال الترميم وصلت إلى هذا الجزء.
تاريخ التكية السليمانية
تم بناؤها في القرن الـ16، بأمر من السلطان العثماني سليمان القانوني، وهي واحدة من أبرز التكايا العثمانية وأحدثها طرازًا وأجملها عمارة، حسب مختصين.
كانت التكية السليمانية مكانا لتأدية الفروض الدينية واستراحة للحجاج وملجأ للمقطوعين والفقراء من أهالي دمشق والمسلمين وغيرهم، وبقيت كذلك حتى الاستعمار الفرنسي لسوريا عام 1920؛ حيث اتخذ الجنرال غورو وقواته من التكية مسكنًا.
ومع خروج الاستعمار وحلول عام 1948، عادت المدرسة الشرعية في التكية لعقد الحلقات التعليمية وحلقات تحفيظ القرآن، ومنذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي بدأت التكية احتضان عشرات محال الحرف اليدوية الدمشقية العريقة، وتوسع هذا الجزء ليعرف لاحقًا باسم سوق المهن اليدوية.
موقع أثري مميز
تقع التكية السليمانية في موقع أثري مميزًا، حيث عرف موقعها غربي دمشق تشييد عدد من المساكن الملكية، كان آخرها القصر الأبلق لصاحبه السلطان المملوكي الظاهر ببيرس (1228-1277 من الميلاد)، الذي سمي نسبة لألوان أحجار بنائه السوداء والصفراء التي جيء بها من حلب ودرعا.
ولكن أجزاء واسعة من القصر تعرضت للاحتراق في أثناء غزوة القائد المغولي تيمورلنك لدمشق سنة 803 من الهجرة (1402 من الميلاد)، ولم يرمم القصر الأبلق ويعاد تأهيله إلا مع دخول السلطان العثماني سليم الأول دمشق سنة 923 من الهجرة (1517 من الميلاد).
وبحلول سنة 959 من الهجرة (1502 من الميلاد)، كلف السلطان سليم القانوني المعماري العثماني الشهير معمار سنان بوضع مخطط معماري حديث الطراز لتكية في موقع القصر الأبلق، وفي سنة 960 من الهجرة (1553 من الميلاد) شرع عدد كبير من العمال ببناء التكية تحت إشراف المهندس الدمشقي شهاب الدين بن العطار، في حين تشير مصادر أخرى إلى أن المهندس المشرف كان الإيراني ملا آغا، واستغرق البناء 6 أعوام.
الفن الدمشقي على جدران التكية السليمانية
ويتألف بناء التكية السليمانية من كتلتين معماريتين متصلتين متشابهتين، إحداهما كبرى وتضم الجامع والتكية، والأخرى صغرى وتضم المدرسة، ويصل بين هاتين الكتلتين سوق كان مخصصًا لقوافل الحجاج، وتتضح الآثار الهندسية العثمانية على التخطيط والبناء، في حين تطغى اللمسة الفنية الدمشقية على تصاميم الأبواب والنوافذ والزخارف التي تزين جدران وغرف المكان.
ويمتد سوق التكية السليمانية من أقصى شرقها إلى أقصى غربها، وترتصف على جانبيه عشرات المحال التي كانت في السابق حوانيت تجارية، وتحولت منذ سبعينيات القرن الماضي إلى محال للحرف اليدوية.