«مراكز الفوضى»| أولياء أمور يتحدثون عن عبء السناتر التعليمية.. والوزارة تحارب المخالفين (تحقيق)
امتنعت حنان يحيى، ولية أمر أحد طلاب المرحلة الثانوية، عن اللجوء إلى السناتر التعليمية كأحد بدائل الدروس الخصوصية، لاسيما بعد مرور ابنتها بكثير من المشكلات في سناتر الدروس الخصوصية.
تقول حنان: "أعمل مدرسة لغة فرنسية، فكنت أتابع دراسة ابنتي بنفسي، وكان يوميًا يحدث الشجار بين الطلاب بعد انتهاء الحصص في سناتر الدروس الخصوصية، والتي عادةً ما كانت تتطور ويستخدم فيها الطلاب الأسلحة البيضاء التي عرضت حياة ابنتي وزملائها إلى الخطر أكثر من مرة، فهي تشكل خطرًا كبيرًا على حياة الطلبة والطالبات".
غير مؤهلة أو آمنة لاستقبال الطلاب
وعن جاهزية السناتر التعليمية، توضح حنان: "هي غير مؤهلة ولا يوجد فيها أي أمان للطلاب على الإطلاق، فالمقاعد المخصصة للجلوس متكسرة وبها مسامير وغير آمنة للاستخدام الآدمي، وبالفعل بعد شهر واحد من تجربة ابنتي مع سناتر الدروس الخصوصية أصبحت تعاني من مشاكل في الظهر والعمود الفقري بسبب مقاعد السنتر غير الآدمية".
أما عن مدى مستوى الإفادة من السناتر التعليمية، فتؤكد "حنان" أن المحصلة صفر، وبحسب تجربة ابنتها في المرحلة الثانوية مع هذه السناتر، تقول: "انتشرت في الفترة الأخيرة ظاهرة الفقرات الفنية داخل القاعة، سواء من الطلبة أو بالاستعانة بمطربين، ولجوء بعض المدرسين للشرح بطريقة غير لائقة بالتمثيل أو بالغناء، وهذا لا يعد تعليمًا على الإطلاق".
وتضيف: "عادة ما يكون عدد الطلاب داخل القاعة التي تضم 500 طالب، وبها كل مظاهر الضجيج والضوضاء، وتغيب فيها فرصة التفاعل والرد على الجميع أو اختبارهم بالصورة التي تضمن الاستيعاب الجيد للدروس والمقررات".
لا تزال السناتر التعليمية والدروس الخصوصية عائقًا أمام عملية تطوير التعليم في مصر، كما تمثل عبءً على أولياء الأمور والأسر المصرية، فضلًا عن السلبيات والمخاطر التي تتسبب فيها السناتر التعليمية للطلبة والطالبات، وهو ما كشفته "الدستور" خلال التحقيق التالي.
مجموعات الدعم والتقوية ستكون حلًا لمواجهة الدروس الخصوصية
من جانبها تقول شيماء نبيل، خبير تعليم ومؤسسة مبادرة معًا لتعليم مشرق، إن السناتر التعليمية ليست جديدة، ولكنها افتقدت آليات التنفيذ الناجحة، حيث إنها تفتقد إلى عنصرين في غاية الأهمية؛ هما التخصص والأمان.
توضح أن السناتر التعليمية ظهرت في ظل أزمة زيادة أسعار الدروس الخصوصية، حيث أصبحت أحد التزامات الأسرة المصرية وولي الأمر عادة هو من يلجأ لها في محاولة منه للهروب من ارتفاع أسعار الدروس الخصوصية، بالإضافة إلى سد قصور التحصيل الدراسي.
وأشادت "نبيل" بتوجه وزارة التربية والتعليم إلى إعطاء مجموعات التقوية في المدارس، مؤكدة أنه أمر جيد وإحدى الحلول التي لجأت لها وزارة التربية والتعليم للحد من هذه السناتر، خاصة أن هناك استفادة مادية مباشرة للمدرس.
وأشارت "نبيل" إلى أن مجموعات التقوية ليست أمر مستحدثا، فقديماً كان يتم اعطاؤها عقب انتهاء اليوم الدراسي، وهو ما كان يزيد من اطمئنان أولياء الأمور على ذويهم، كما أن إعطاء مجموعات التقوية في المدارس يمثل أمرًا إيجابيا من الناحية النفسية والأمنية لأولياء الأمور والطلاب، إذ إنها تعقد في المدرسة تحت إشراف المعلمين ووزارة التربية والتعليم وفي المقابل الاستغناء عن الدروس الخصوصية وإرسال الأبناء إلى أماكن مجهولة الهوية دون رقابة.
وطالبت "نبيل" بضرورة الإشراف وتقنين إعداد المجموعات المدرسية بشكل حقيقي وفعلي وليس صوريآ فقط، والعمل علي رجوع الدور الأصيل للمدرسة وسير العملية التعليمية على أكمل وجه وسد عجز المعلمين، فضلا عن الرقابة على الأداء، فالمدرسة هي الأصل في العملية التعليمية ومحور الأمان.
أسعار رمزية والحصة أونلاين
تواصلت "الدستور" مع أحد المنصات التعليمية التي تعمل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقال المسئول عنها في تصريحات خاصة: "نعمل من خلال الإنترنت ونوفر حصص ومراجعات تعليمية لجميع المراحل الدراسية بدايةً من كي جي حتى المرحلة الثانوية".
تابع مسئول الرد على الاستفسارات والشكاوى: "وجدنا ترحابا كبيرا من قبل الطلاب وأولياء الأمور، إذ هدفنا هو توفير حصة مكثفة أونلاين مدتها نصف ساعة أو ساعة على الأكثر، لمساعدة الطلاب وتوفير أساتذة ومعلمين على كفاءة ودراية كاملة بالتعامل مع التكنولوجيا الجديدة".
يوضح: "نحن نختلف تماما عن السناتر التعليمية التي تهدف إلى تحقيق أرباح طائلة على حساب أولياء الأمور والأسر المصرية، وإنما نحن نقدم الحصة الأونلاين مقابل مبلغ مادي رمزي للغاية، وذلك في سبيل تحقيق التعاون المشترك بين المدرسين الذين يعملون كنوع من أنواع التطوع وأولياء الأمور".
ويتابع مشرف الأكاديمية: "وجه العالم حاليا إلى الدراسة أونلاين، وبالفعل نستهدف الحد من الذهاب إلى السناتر التعليمية، خاصةً وأنها لها سلبيات عديدة أكثر من إيجابياتها، فهي تشكل مضيعة للوقت للطلاب كما تشكل خطورة على الطالبات فعادةً ما تشب المشاجرات وغيرها من الأخطار التي يتعرض لها الطلبة والطالبات".
وعن الأسعار، أوضح مشرف الأكاديمية أن الأسعار رمزية للغاية فإنه لا يتجاوز السعر 30 جنيه مقابل الحصة الواحدة، كما أن جميع المدرسين والمعلمين على مستوى عال من الخبرة والكفاءة، وان هذه الفكرة كانت مبادرة للتعاون مع اولياء الامور ومساعدتهم".
وأخيرا أشار مشرف الأكاديمية: "الدروس الخصوصية والسناتر التعليمية لا تراعي ظروف الأسر المصرية كما تمثل عبءً على أولياء الامور، ومن هنا جاءت فكرتنا في إنشاء أكاديمية تعليمية أونلاين توفر حصص مقابل رسوم بسيطة، من أجل مساعدة الطلاب واولياء الامور، ولقينا استحسان من كل من المدرسين وأولياء الأمور".
47 مليار جنيه نسبة الإنفاق على الدروس الخصوصية
كشفت نتائج بحث الدخل والإنفاق 2017 - 2018، التي أعلنها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء نهاية شهر يوليو عام 2019، عن أن متوسط إجمالى ما ينفقه المصريون، نحو 26 مليون أسرة فى جميع محافظات الجمهورية، على الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية يبلغ نحو 47 مليار جنيه بنسبة تمثل 37.7% من إجمالى الإنفاق على قطاع التعليم.
أشارت النتائج في عام 2019 إلى أن إجمالى متوسط الإنفاق السنوي للأسرة على التعليم فى جميع محافظات الجمهورية يبلغ 5 آلاف و184 جنيهاً، وأن نسبة الإنفاق منها على الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية تبلغ 37.7%، بقيمة 1954.368 جنيه، للأسرة الواحدة.
وبلغت نسبة الإنفاق على الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية فى الحضر للأسرة الواحدة تبلغ 2314.8 جنيه سنوياً تمثل 32.2% من قيمة الإنفاق على التعليم فى الحضر وقيمتها 7189.1 جنيه سنوياً، مقابل 1686.33 جنيه تمثل 45.6% من إجمالى 3698.1 جنيه قيمة الإنفاق على التعليم فى الريف.
طالب: التزاحم والتدافع كان سببًا في إصابتي
مازن أحمد، طالب بالفرقة الأولى كلية الحقوق، يقول إن "السناتر التعليمية كانت تجربة سيئة للغاية، خاصة خلال مرحلة الثانوية العامة، ولكني أدركت أن هذا يعد ضياعا للوقت حينما أصبح الخروج من المركز أو السنتر التعليمي أمرا صعبا".
يقول: "بالطبع أصبحت الدروس الخصوصية أمرا وفرضا على كل طالب وأسرة، لأن المراحل الدراسية لا أحد يذهب إلى المدرسة فما بالك المرحلة الثانوية، وخطئي كان الاعتماد على السنتر، وليس الدروس والمجموعات الخصوصية في المنزل".
يوضح: "كان السنتر غير مؤهل ولا يوجد به أي جاهزية للتعامل الآدمي مع الطلاب، حيث إن مدخل ومخرج السنتر كان عبارة عن باب شقة منزل ولا يساع الأعداد الكبيرة التي يستقبلها المركز، فكان التزاحم والتدافع بين الطلاب أمرا حتميا، وهو ما كان يؤدي إلى وقوع إصابات بيننا".
يضيف: "كنت يوميًا أثناء حضوري الدروس في السنتر يتسبب هذا المدخل في إصابتي خاصة في الرأس بسبب ضيق المدخل وتدافع الطلاب، هذا بالإضافة إلى انقطاع الكهرباء المستمر علينا أثناء الحصة".
وأشار "مازن" إلى أن السنتر التعليمي هو تجربة سيئة وفاشلة، ولا تؤتي نتائجها أو ثمارها الفعلية، فكان مجالًا لمضيعة الوقت.
عودة مجموعات الدعم والتقوية للطلاب
وفي محاولة وزارة التربية والتعليم لمحاربة السناتر والدروس الخصوصية فتقرر عودة مجموعات التقوية للطلاب إذ أعلنت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني أسعار مجموعات الدعم للطلاب، 100 جنيه للمادة في المدارس الحكومية و150 جنيه للمادة في المدارس اللغات.
وأوضح الدكتور رضا حجازي، وزير التربية والتعليم أن السعر المعلن هو الحد الأقصى وليس سعرًا موحدًا على مستوى الجمهورية، حيث اسعار مجموعات الدعم ستختلف حسب الأماكن، مؤكدًا على أنه يخصص 80% من عائد مجموعات الدعم لصالح المعلم بعد خصم الضريبة، وهي حق الدولة.
فيما وجهت وزارة التربية والتعليم بضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لكي تكون "مجموعات الدعم" بالمدارس عامل جذب لأبنائنا الطلاب، موضحًا أنه سيتم تجهيز قاعات خاصة بهذه المجموعات في عدد محدد من المدارس داخل كل إدارة تعليمية لاستقبال الطلاب، واختيار أفضل المعلمين المتميزين لتدريس المواد المختلفة في مجموعات الدعم وخاصة لمرحلة الشهادات الإعدادية والثانوية، أما صفوف النقل ستتم داخل المدارس.