الأسبوع الأول.. الرسائل
فى الولايات المتحدة ودول كثيرة فى العالم يهتمون بما يحققه الرئيس فى أول ١٠٠ يوم من ولايته، فى إسرائيل يهتمون كثيرًا بأول أسبوع، أول يوم، أول ساعة، أول قرار، أول زيارة، أول توتر، وربما أول صاروخ.
الأسبوع الأول لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، بعد عودته المثيرة إلى سدة الحكم، كان ساخنًا، الكثير من العروض، والإشارات والرسائل، نتنياهو عاد، ليس فقط ليحاول التهرب من المحاكمة، بل عاد ليصحح الأخطاء، مثلما ذكر فى خطاب الوداع خاصته، عندما تشكلت حكومة التغيير برئاسة «بينيت- لابيد»، وفى جلسات الحكومة خلال الأسبوع قال نتنياهو: لقد حاولوا منع هذه اللحظة، لكن ها هى.
أول لقاء كان مع رئيس الموساد ديفيد برنياع، والرسالة كانت أن «مستر أمن» مثلما يحب أن يُطلق عليه حلفاؤه قد عاد، وأنه لا تزال إيران على أجندة نتنياهو، وسيكون هناك المزيد من المطاردات والأكشن فى شوارع طهران، وربما المزيد من الاغتيالات لعلماء النووى فى إيران، قبل أيام تم النشر عن اغتيال ضابط رفيع فى الحرس الثورى من أمام منزله، الحادث يأتى تزامنًا مع ذكرى اغتيال قاسم سليمانى.
أول توتر، كان خلال تجول وزير الأمن القومى الإسرائيلى الجديد إيتمار بن غفير فى ساحات المسجد الأقصى رغم الانتقادات الشديدة، والتقارير التى أفادت بأن نتنياهو أقنعه بالتراجع عن الخطوة المثيرة للجدل. فضلًا عن تهديدات حماس، والإشارة كانت واضحة، إن إلغاء الزيارة سيبدو كإشارة على ضعف الحكومة الجديدة وخضوعها للتهديدات من قبل حركة حماس، بالإضافة إلى أن تقييمات الوضع من مفوض الشرطة وقائد لواء القدس ولقاءه برئيس الشاباك وقرروا جميعًا أنه لا يوجد عائق أمام بن غفير فى الصعود إلى الحرم الإبراهيمى.
أول صاروخ تم إطلاقه من قطاع غزة بعد عودة نتنياهو فشل وسقط داخل القطاع ولم يعبر الحدود، ولم يتم تفعيل صفارات الإنذار فى إسرائيل، ولم تقع إصابات. الصاروخ ربما هو رد حركة حماس على دخول «بن غفير» الأقصى، هذا من حسن حظ نتنياهو.. لماذا؟
لأنه إذا كان الصاروخ سقط داخل إسرائيل، كان حلفاؤه والمعارضة، وسكان بلدات غلاف غزة، وجزء من الإسرائيليين، سيطالبونه بالرد، وآخر شىء يريده نتنياهو أن يبدأ جولة عسكرية فى الأسبوع الأول من ولايته، بالإضافة إلى أنه معروف بأنه رئيس الوزراء «المتردد» فى اتخاذ قرارات الحروب. عكس لابيد.. الذى يتخذ القرار فى ساعات.
أول زيارة، هى زيارته الإمارات، وقال نتنياهو: «قررت أن رحلتى الأولى ستكون إلى الإمارات العربية المتحدة، كإشارة على جديتى فى توسيع نطاق السلام»، الحقيقة أنه يريد أكثر من توسيع السلام، هو يريد الاستحقاق قبل أى شىء.
خلال فترة رئاسة نتنياهو السابقة، نجح نتنياهو مع ترامب فى التوصل لاتفاقيات أبراهام عام ٢٠٢٠، والتى أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات والبحرين، وانضم المغرب والسودان فيما بعد إلى الاتفاقية.
على الرغم من إنجازه، إلا أن نتنياهو لم يزر الدولة الخليجية خلال فترة توليه منصبه. وبدلًا من ذلك، قام خليفته، نفتالى بينيت، بأول زيارة رسمية لرئيس وزراء إسرائيلى إلى الإمارات فى ديسمبر ٢٠٢١.
نتنياهو لم ينس، الآن هو يريد أن يستعيد إنجازه، ليذكر العالم بأن هذا هو إنجازه، فوضع زيارة الإمارات على قائمة أولوياته، حيث يتحرك برغبة مزدوجة، أولها هو الحصول على الصورة المميزة التى رغب فيها، وحصل عليها «بينيت» من قبله. ويحصد نتاج جهده الذى أسفر عن الاتفاقية، ومن الناحية الأخرى يرسل رسالة إلى معارضيه والعالم بأنه يحظى بالحفاوة والتقدير.
وكذلك يريد أن يزور «مقهى بيبى» الذى يحمل اسمه فى دبى، ويحصل على صورة مميزة، وليكون الأول أيضًا.