سفير الصين لـ«الدستور»: الفرصة مواتية لتعاون أعمق بين القاهرة وبكين فى «الحزام والطريق» (حوار)
قال السفير الصيني لدى القاهرة" لياو ليتشيانغ"، إن مصر تتمتع بإمكانات هائلة، وإن التعاون المصري الصيني في مجال الطاقة الخضراء سيشهد المزيد من الفرص والتقدم قريبا.
وأوضح ليتشيانغ في حوار مع "الدستور"، أن التعاون المصري الصيني في مجال الطاقة الخضراء مقبل على المزيد من الفرص، مشيرا إلى أن مصر حققت تقدمًا معتبرًا في بناء المركز الإقليمي للطاقة.. وإلى نص الحوار:
ما أبرز النتائج والآليات التنفيذية للقمة العربية الصينية فى رأيكم؟
بين يومي 7 و10 ديسمبر عام 2022، تلبية لدعوة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية، حضر الرئيس شي جينبينغ القمة الصينية العربية الأولى والقمة الصينية الخليجية الأولى في الرياض، وقام بزيارة الدولة إلى المملكة العربية السعودية.
ألقى الرئيس شي جينبينغ كلمة مهمة في القمة الصينية العربية الأولى، حيث استعرض تاريخ التواصل الودي الطويل بين الجانبين ولخّص روح الصداقة الصينية العربية الممتدة لآلاف سينين والمتجددة على مر التاريخ، مشيرا إلى أن التضامن والتآزر السمة الواضحة للصداقة الصينية العربية والمساواة والمنفعة المتبادلة القوة الدافعة لا تنضب لهذه الصداقة والشمول والاستفادة المتبادلة القيم المشتركة لهذه الصداقة.
طرح الرئيس شي جينبينغ، تماشيا مع تطورات العصر وتغيرات الأوضاع، إقامة المجتمع الصيني العربي الأوثق للمستقبل المشترك، مؤكدًا ضرورة التزام الجانبين بالاستقلال في صنع القرار والحفاظ على المصالح المشتركة؛ والتركيز على التنمية الاقتصادية وتدعيم التعاون والكسب المشترك؛ صون سلام المنطقة وتحقيق الأمن المشترك؛ تعزيز التواصل بين الحضارات وتعزيز الفهم والثقة المتبادلة. وقال الرئيس شي جينبينغ إن الصين ستعمل مع الدول العربية على دفع "الأعمال الثمانية المشتركة" التي تشمل دعم التنمية والأمن الغذائي والصحة والتنمية الخضراء والابتكار وأمن الطاقة والحوار بين الحضارات وتأهيل الشباب والأمن والاستقرار، الأمر الذي سيكمّل ركائز التعاون العملي بين الصين والدول العربية.
أصدر الجانبان "إعلان الرياض للقمة الصينية العربية الأولى"، واتفقا على بذل أقصى جهود لإقامة المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد، وتعزيز التضامن والتعاون الصيني العربي لمساعدة الجانب الآخر في إنهاض الأمتين، ودفع التنمية السلمية في المنطقة والحفاظ على العدالة والإنصاف الدوليين، بما يسهم في إقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية. كما اتفق الجانبان على تعميق التعاون في كل المجالات من خلال الآليات في إطار منتدى التعاون الصيني العربي، والعمل سويا على مواجهة التحديات التنموية المشتركة. سيدعم الجانبان بعضهما البعض في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية والشواغل الكبرى، ويعززان التضامن في القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك في المناسبات الدولية. كما يدعو الجانبان إلى إجراء الحوار بين الحضارات والحفاظ على التنوع الحضاري في العالم، ونبذ التمييز والانحياز ضد حضارة معينة ورفض نظرية "صدام الحضارات".
أكد "الإعلان" دعم مبدأ الصين الواحدة ومواقف الصين وشواغلها في الملفات المتعلقة بتايوان وهونغ كونغ وشينجيانغ، واستوعب المبادرات والدعوات المهمة من الجانب الصيني مثل التعاون في بناء "الحزام والطريق" ومبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي وتكريس القيم المشتركة للبشرية. وأصدرت القمة "التخطيط للتعاون الشامل بين جمهورية الصين الشعبية والدول العربية" و"وثيقة تعميق علاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية المتجهة نحو السلام والتنمية"، كما توصلت الجهات الصينية ذات الصلة والجانب العربي والأمانة العامة لجامعة الدول العربية إلى وثائق التعاون العديدة التي تشمل التعاون في بناء "الحزام والطريق" والطاقة والغذاء والاستثمار والتنمية الخضراء والأمن والفضاء وغيرها من المجالات. تعكس هذه النتائج المثمرة التوافق الاستراتيجي بين الجانبين الصيني والعربي في تطوير العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية الهامة، وتبشر بالإمكانية الكامنة الضخمة والمستقبل الواعد للتعاون بينهما.
هل سنشهد عقد قمة عربية صينية جديدة الفترة المقبلة؟
ترحب الصين بإقامة الدورة القادمة من القمة الصينية العربية في الصين في موعد يتفق عليه الجانبان.
كيف يمكن أن تستفيد مصر من القمة العربية الصينية؟
تعد مصر أول دولة عربية وإفريقية أقامت العلاقات الدبلوماسية مع الصين الجديدة. في السنوات الأخيرة، شهد البلدان الثقة السياسية المتزايدة والنتائج المثمرة في التعاون العملي، والنقاط الساطعة المتنوعة في مكافحة الجائحة، قد أصبحت علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين نموذجا للتضامن والتعاون والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك بين الصين والدول العربية والإفريقية والنامية. ظلت الصين تضع مصر في مكان بارز لدبلوماسيتها، وهي صديق وشريك موثوق به لمصر.
ستنتهز الصين ومصر فرصة القمة الصينية العربية الأولى لحسن تنفيذ نتائجها المهمة، وتعميق التعاون في بناء "الحزام والطريق"، والدفع بإنجاز مشروع السكك الحديدية بالعاشر من رمضان ومنطقة الأعمال المركزية للعاصمة الإدارية الجديدة في الموعد المحدد وبجودة عالية، وحسن تنفيذ مشروع "منطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري" وغيره من مشاريع التعاون الكبرى. تحرص الصين على استيراد المزيد من المنتجات المتميزة من مصر، وتوسيع التعاون في مجالات الاستثمار والتمويل والإنتاج المشترك للقاحات والفضاء، وتعزيز التواصل لتطبيق "المشاريع التسعة" في إطار منتدى التعاون الصيني الإفريقي وتنفيذ "الأعمال الثمانية المشتركة" على الأرض، بما يقيم سويا المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد.
ما أبرز مشاريع التعاون بين البلدين؟
خلال العقد الماضي، ازداد حجم التجارة بين الصين ومصر من 10 مليارات دولار إلى 20 مليار دولار، وازداد استثمار الصين في مصر 3 مرات. وحقق البلدان نتائج مثمرة في التعاون العملي، الأمر الذي يضخ قوة دافعة قوية لإقامة المجتمع الصيني المصري للمستقبل المشترك والمجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك في العصر الجديد. في عام 2021، بلغ حجم التجارة بين البلدين 20 مليار دولار بزيادة 37%، وتحافظ الصين على مكانتها كأكبر شريك تجاري لمصر لـ8 سنوات متتالية. اليوم، هناك 360 مشروعا باستثمار الصين و160 شركة الصينية في مصر. في إطار التعاون الصيني المصري العالي الجودة في بناء "الحزام والطريق"، تم ترجمة دفعات من المشاريع التنموية والمعيشية على أرض الواقع، وحقق التعاون العملي بين الجانبين عدة "الرقم الأول الإفريقي"، من بينه، مشروع السكك الحديدية في العاشر من رمضان الذي افتتح قبل فترة باعتباره أول سكة حديدية مكهربة في إفريقيا؛ كما أنجزت الشركة الصينية الهيكل الرئيسي للبرج الأيقوني في منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة باعتباره أطول مبنى في إفريقيا.
تتعاون مصر والصين فى العمل المشترك فى العاصمة الإدارية.. ما أهم النتائج التى حققها البلدان فى هذا التعاون؟
تعد منطقة الأعمال المركزية في العاصمة الإدارية الجديدة التي تقاولها الشركة الصينية واحدة من أكبر مشاريع البنية التحتية لمصر في السنوات الأخيرة، و"بطاقة الإصلاح الاقتصادي لمصر". لغاية اليوم، تم الانتهاء من بناء الهيكل الرئيسي لجميع المباني البالغ عدده 20 مبنى، وبدأت مرحلة الديكور الداخلي والتركيب الكهروميكانيكي. يعد هذا المشروع صورة حية للتعاون الصيني المصري في إنجاز المشاريع الضخمة. قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إن هذا المشروع يوفر نمطا ناجحا يمكن الاستفادة منه لمصر في دفع التنمية الاقتصادية ويشكل نموذجا يحتذى به لتعميق الصداقة الصينية المصرية.
كيف يتعاون البلدان فى مجالات تصنيع السيارات والمنتجات الإلكترونية والهواتف؟
تتمتع مصر بموقع جغرافي متميز، وتعتبر من أسرع الاقتصادات نموا في منطقة غرب آسيا وشمال إفريقيا، فتعتبر سوقا ذات إمكانية كامنة كبيرة للسيارات والمنتجات الإلكترونية الاستهلاكية.
وأصدرت الحكومة المصرية حزمة من السياسات والإجراءات الميسرة لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر. وفقا لما لدينا من المعلومات، قد وقعت شركة HMG المصرية مع شركة KingLong الصينية للحافلات اتفاقية بشأن إنتاج الحافلات.
والمشاورات جارية بين شركات البلدين للسيارات حول مشروع إنتاج سيارات الطاقة الجديدة. في مجال الهواتف، قد وقعت شركة OPPO الصينية مع الجهات الحكومية المصرية ذات الصلة على مذكرة تفاهم، وستستثمر في مصر وتفتح فيها مصنعا. تتمتع الصين ومصر بتكامل المزايا الواضح، وستواصل الحكومة الصينية في تشجيع شركاتها في مجال التصنيع على توسيع الاستثمار في مصر بخطوات متزنة، بما يساعد مصر على تسريع عملية التصنيع وخلق المزيد من فرص العمل.
ما أفق التعاون للبلدين فى الطاقة الخضراء وطاقة الهيدروجين الأخضر؟
في العقد الماضي، يتعمق تعاون "الطاقة+" بين الصين والدول العربية باستمرار. في مجال الطاقة الجديدة، تعمل الصين على توسيع التعاون مع الدول العربية في مجالات طاقات الشمس والرياح والمياه، وأقامت مركز التدريب الصيني العربي للطاقة النظيفة والمختبر الصيني المصري المشترك للطاقة المتجددة، ونفذت عددا كبيرا من مشاريع التعاون مثل مشروع الخرسعة للطاقة الشمسية بقطر ومشروع الطاقة الشمسية بسعة 186 ميغاوات بمنطقة بنبان للطاقة الشمسية بمصر ومشروع محطة الطاقة الشمسية بسعة 165 ميغاوات بمصر. تشمل "الأعمال الثمانية المشتركة" التي طرحها الرئيس شي جينبينغ في القمة الصينية العربية الأولى العمل المشترك في مجال أمن الطاقة، الأمر الذي وضع التخطيط الاستراتيجي للتعاون المستقبلي بين الجانبين في مجال الطاقة.
وتتمتع مصر بموارد طبيعية متوافرة وظروف مواتية لتطوير الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرهما من الطاقات الخضراء. في السنوات الأخيرة، تعمل الحكومة المصرية على دفع التحول نحو الاقتصاد الأخضر، وتزداد حصة الطاقات المتجددة في هيكل الطاقة بخطوات مستمرة، وحققت مصر تقدما معتبرا في بناء المركز الإقليمي للطاقة. اليوم، شاركت الشركات الصينية في مجال الطاقة المتجددة في استثمار وبناء 3 محطات الطاقة الشمسية في منطقة بنبان للطاقة الشمسية بمصر، وقد تم إنجاز المشروع بشكل سلس. في أكتوبر الماضي، وقعت شركة CEEC الصينية على مشروع كوم أمبو لمحطة الطاقة الشمسية بسعة 500 ميجاوات، ووقعت شركة PowerChina الصينية على مشروع طاقة الرياح بسعة 500 ميغاوات في خليج السويس، باعتبارهما أكبر محطة الطاقة الشمسية وأكبر مشروع طاقة الرياح في مصر. وعلى هامش مؤتمر COP 27، وقعت الشركة الصينية مع الجهات الإماراتية ذات الصلة مذكرة تفاهم بشأن التعاون في تطوير الهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية وغيرهما من مشاريع الطاقة الجديدة.
مع تطور التعاون الصيني المصري في بناء "الحزام والطريق" وتقدم "المشاريع التسعة" في إطار منتدى التعاون الصيني الإفريقي و"الأعمال الثمانية المشتركة" الصينية العربية، فإن التعاون الصيني المصري في مجال الطاقة الخضراء مقبل على المزيد من الفرص. وتحرص الصين على مواصلة التعاون القائم على المنفعة المتبادلة والصداقة الطويلة الأمد مع مصر في مجال الطاقة، بما يدفع التعاون بين البلدين لتحقيق تقدم أكبر في كل المجالات.