«ليلة عبور المستحيل».. كيف يكسر «أسود الأطلس» حاجز فرنسا الأقوى فى المونديال؟
مصحوبًا بدعوات مئات الملايين من العرب، يدخل منتخب المغرب جولة جديدة فى مغامرته التاريخية ببطولة كأس العالم قطر ٢٠٢٢، حينما يواجه نظيره الفرنسى، فى التاسعة مساء الغد، فى المواجهة الثانية بنصف النهائى.
وقدم منتخب المغرب مونديالًا تاريخيًا، حيث بدأ بتصدر مجموعته على حساب منتخبات كبيرة بحجم بلجيكا وكرواتيا، ثم إقصاء «الماتادور» الإسبانى فى دور الـ١٦ بركلات الترجيح، قبل أن يلحق به البرتغال فى ربع النهائى بهدف يوسف النصيرى.
بينما وصل منتخب فرنسا إلى نصف النهائى، بعدما حقق الفوز فى دور الثمانية على منتخب إنجلترا، وقبله الفوز على بولندا فى دور الـ١٦، لكى يصل إلى هذا الدور بشخصية قوية تجعله المرشح الأول للفوز بالبطولة.
لكن السؤال الذى يشغلنا نحن العرب، ماذا يختلف فى فرنسا عن المتنافسين السابقين، وما حظوظنا الليلة؟
بداية علينا الاعتراف بأننا أمام جودة أعلى فى اللاعبين، بل أمام الأعلى جودة فى هذه البطولة، مقارنة بكل المنتخبات الأخرى، ففرنسا يضم فى كل مركز لاعبًا واثنين بملكات وقدرات استثنائية.
ثانيًا، منتخب فرنسا هو الأكثر تكاملًا فى كل خطوط اللعب، فالهجوم شرس بلاعبين أصحاب سرعات ومهارات فردية وحلول مبتكرة، والوسط لا يقل عنه فى شىء، واللاعبون لديهم القدرة على تقديم نفس المستوى من الأداء، حتى فى الدفاع.
كل الخطوط فى فرنسا قوية حتى لو عملت منفصلة، ورغم أننا فى زمن التكتيك والجماعية، يعد «الديوك» أكثر منتخب يمتلك حلولًا فردية فى كل الخطوط، وأفراده قادرون على سد العوار الخططى وثقوب المنظومة حينما تظهر.
يتميز منتخب فرنسا، أيضًا، بقوة الشخصية، وما نسميه «هوية البطل»، فليس شرطًا أن يكون فى أفضل حالاته ليفوز بالمباراة، وليس ضروريًا أن يقدم ١٠٠٪ مما لديه ليحقق الانتصار، لكن بمجهود أقل يستطيع «الديوك» تحقيق ما يفعله الآخرون بطاقات مضاعفة.
على سبيل المثال أمام إنجلترا، حينما تقدم الفرنسيون فى النتيجة لعبوا بأريحية وتركوا الكرة للإنجليز، لكن حينما تعادل رفاق هارى كين ماذا جرى؟
لم يصب الذعر صفوف الفرنسيين، ولم يهتزوا لحظة، وفى قرابة ربع الساعة صنعوا فرص تهديف لم يصنعها الإنجليز فى قرابة ١٠٠ دقيقة كاملة، حتى سجل أوليفيه جيرو هدف التقدم، وقبلها بدقائق أهدر هدفًا أسهل.
ما يزيد الأمر صعوبة أن فرنسا أكثر منتخب يمتلك حيلًا لفك تكتلات المغرب، فهو يجيد اللعب فى العمق بكثافة عددية، ويرسل عرضيات كثيرة، ولديه أطوال فى منطقة جزاء الخصم تستغل هذه العرضيات وتحولها إلى أهداف، مثل جيرو ومبابى ورابيو.
إسبانيا لم يكن لديه مهاجم عمق قوى يدخل منطقة المغرب ويستقبل العرضيات، والبرتغال لم يعد رونالدو كما الماضى، وتأخر مدربه سانتوس فى الاستعانة بالجناح لياو، الذى صنع الخطر بالاختراق.
بينما فرنسا لديه جيرو شرس جدًا فى العمل بالعمق، ويتحول معه جريزمان، ويتقدم رابيو، وعلى الخطين يمينًا ويسارًا يعرف مبابى وديمبلى كيف يراوغان ويكسران التكتل، بخلاف فيران توريس وألمو فى إسبانيا، وبرونو فيرنانديز وجواو فيلكيس فى البرتغال، فجميعهم يتسمون بالبطء، على عكس جناحى فرنسا.
فى منتخب المغرب، أيضًا، وصل الأبطال إلى هنا بعد نزيف بدنى استهلك الجميع، وهناك إصابات عديدة، مثل نايف أكرد وغانم سايس ونصير مزراوى، فما الحل مع كل هذه العوامل والمشكلات؟
وليد الركراكى، المدير الفنى لمنتخب المغرب، مُطالب الليلة بأن يفعل شيئًا مهمًا للغاية، وهو البحث عن إلقاء الشكوك فى نفوس لاعبى فرنسا مبكرًا.
هذا يحدث إذا حاول منتخب المغرب مبادلة التحكم، أو الهجوم، وصناعة بعض الفرص بالتسديد القوى أو إرسال كرات عميقة تجاه يوسف النصيرى، من أجل إرسال رسالة للاعبى فرنسا بأن المغرب لن يتكتل اليوم، وسيبدل من أسلوبه، وأن لاعبيه قادمون من أجل الفوز.
منتخب فرنسا حينما يتقدم جريزمان إلى المقدمة، تكون هناك مساحات بين خطوط اللعب الثلاثة، ورابيو وتشاومينى يقعان فى خطأ جسيم بالتمركز على نفس الخط وتظهر المساحات أمامهما وخلفهما، وهنا يستطيع منتخب المغرب صناعة خطر كبير.
كما أن المردود الدفاعى للجناحين كيليان مبابى وعثمان ديمبلى ضعيف للغاية، وإذا كان سفيان بوفال فى يومه يستطيع التفوق على الظهير الأيمن كوندى، وبمقدوره صناعة خطر كبير جدًا وتهديد مرمى المنافس، وكذلك حكيم زياش ستكون لديه مواجهة حاسمة مع هيرنانديز، الذى يبدو مهزوزًا بعض الشىء بعدما ارتكب خطأ فادحًا أمام إنجلترا، وتسبب فى ضربة جزاء من كرة ميتة.
إذا نجح المغرب فى المبادرة والتقدم، وزرع الشكوك فى لاعبى فرنسا، سيكون بمقدوره تحقيق مفاجأة كبيرة، أما التكتل المبكر فلن يجدى نفعًا أمام مهاجمين شرسين يعرفون كيف يجدون المساحة ويخلقون الفرصة ويصنعون الفارق.
الركراكى: لن نواجه مبابى فقط.. وحكيمى من أفضل لاعبى العالم
قال وليد الركراكى، المدير الفنى لمنتخب المغرب، عن المواجهة المرتقبة أمام فرنسا، إنها ستكون صعبة للغاية، وهذه طبيعة الأدوار المتقدمة فى البطولات الكبرى. وأضاف «الركراكى»، فى المؤتمر الصحفى عن المواجهة القوية بين كيليان مبابى وأشرف حكيمى: «أشرف حكيمى أكثر لاعب يعرف مبابى، لأنه يتدرب معه يوميًا فى باريس سان جيرمان».
وواصل: «حكيمى من أفضل لاعبى العالم فى مركزه، وهو متحفز لتقديم أفضل ما لديه والتفوق على مبابى». وحذر من أن «التركيز على مبابى وحده خطأ، لأن منتخب فرنسا يضم لاعبين آخرين مميزين، مثل أنطوان جريزمان وعثمان ديمبلى». وعن خطة إيقاف «الديوك»، قال مدرب المغرب: «يجب علينا التركيز فى كيفية تصدير المشاكل لمنتخب فرنسا من أجل تحقيق هدفنا بالفوز وبلوغ نهائى كأس العالم».
فاران: معركة كروية أمام منتخب صعب
أكد رافاييل فاران، مدافع منتخب فرنسا، أن المباراة ستكون صعبة ومعقدة، ولا مجال فيها للوقوع فى أى خطأ. وأضاف فاران: «يجب ألا نقع فى فخ المنتخب المغربى.. فهو منتخب صعب ويمتلك قدرات فنية كبيرة». ورأى أن المواجهة أمام «أسود الأطلس» ستكون معركة كروية، وعليه هو وزملائه الذين يمتلكون الخبرة فى منتخب «الديوك» تجهيز بقية اللاعبين لها. وجدد الإشادة بالمنتخب المغربى، قائلًا: «هو فريق متماسك جدًا، ومن الصعب مباغتته».
كوندى: منتخبهم مميز بغلق المساحات
أشاد جيل كوندى، مدافع منتخب فرنسا، بالمنظومة الخططية للمنتخب المغربى بقيادة وليد الركراكى.
وقال «كوندى»: «أعتقد أنهم يغلقون المساحات بشكل جيد بين الخطوط، ولا يتركون الوقت لحامل الكرة من أجل تنظيم صفوفه، خاصة مع تميّزهم بالسرعة فى عكس الهجمات».
وأضاف: «هم يملكون لاعبين يعرفون جيدًا كيفية الاحتفاظ بالكرة، وهو ما يجعل مهمتنا صعبة جدًا، حيث سنضطر للعب من لمسة واحدة وبكرات سريعة، لخلق الفراغات فى دفاعهم».