معركة الأساطير.. ميسى يواصل حلمه بمواجهة مودريتش فى أولى مباريات نصف نهائى المونديال
يشهد ملعب «لوسيل» فى العاصمة القطرية الدوحة، التاسعة مساء غد، انطلاق مواجهات الدور نصف النهائى لبطولة كأس العالم قطر ٢٠٢٢، بالمواجهة المنتظرة بين منتخبى الأرجنتين وكرواتيا، والتى تعد الأقوى والأصعب فى هذا الدور.
ووصل «التانجو» إلى نصف النهائى بعد مباراة شاقة للغاية أمام منتخب هولندا، شهدت ندية وصراعًا كبيرًا بين المنتخبين، وعادل خلالها «الطواحين» النتيجة بهدفين قاتلين، بعدما كان رفاق ليونيل ميسى متقدمين، قبل أن يتألق إيمليانو مارتينيز فى ركلات الترجيح ويمنح منتخب بلاده تأهلًا تاريخيًا.
وبذل «ميسى» ورفاقه جهدًا بدنيًا كبيرًا فى هذه الملحمة، وسط حالة من الندية لم تنتهِ حتى بصافرة الحكم وانتهاء المباراة بانتصار «التانجو»، بل امتدت إلى الخطوط ووصلت إلى غرف اللاعبين، فقد ذهب نجم باريس سان جيرمان لـ«مكايدة» لويس فان خال، المدير الفنى لمنتخب هولندا، واحتفل أمامه على طريقة الأسطورة الأرجنتينية خوان ريكلمى، بسبب خلاف قديم بين اللاعب و«فان خال».
ولم يكتفِ «ميسى» بذلك، وواصل انتقاد «فان خال» فى تصريحات ما بعد المباراة، بسبب ما قاله المدرب الهولندى عن الأرجنتين فى المؤتمر السابق للمواجهة، وتقليله من شأن لاعبى «التانجو» ومعهم «ليو».
وبينما كان «ميسى» يتحدث إلى إحدى المحطات التليفزيونية أوقف حواره فجأة، منتظرًا فوتر فيجوريست، مسجل هدفى «الطواحين»، وظن «ليو» أن مهاجم هولندا جاء لاستكمال عراكهما الذى بدأ فى الملعب، ورصدت الكاميرات اللاعب الهولندى يبصق فى وجه «ميسى»، ما دفعه للتطاول عليه أثناء حديثه مع تلك المحطة قائلًا: «ما الذى جاء بك إلى هنا أيها الأحمق.. اذهب».
كانت أكبر من مجرد مباراة كرة قدم، وأخذت من الأرجنتينيين طاقة كبيرة، سيكون لها أثر على مردود اللاعبين الليلة، لكن لحسن حظهم فإن المنتخب الكرواتى جاء من ظروف أصعب، بعدما خاض ٢٤٠ دقيقة خلال مباراتين متتاليتين امتدتا إلى وقت إضافى، أمام البرازيل وقبله اليابان.
كانت مواجهة البرازيل ملحمة بدنية صعبة على الكرواتيين، لكن رفاق لوكا مودريتش أثبتوا امتلاكهم مقومات بدنية كبيرة، بعد عودتهم القوية عقب استقبال هدف نيمار، وقدموا شوطين إضافيين مميزين، ما مكنهم من التعادل، بل وكانوا الأقرب للفوز، قبل أن يتمكنوا من تحقيق ذلك عبر ركلات الترجيح.
ويتمتع المنتخب الكرواتى بمعنويات عالية بعد الإطاحة بالبرازيل، المرشح الأول للفوز بالمونديال قبل انطلاق البطولة، وكذلك الوصول إلى نصف النهائى للمرة الثانية على التوالى، ما يجعله يلعب مباراة الليلة بلا أى ضغوط.
فما فعله زلاتكو داليتش لم يكن متوقعًا، ومجرد وصوله إلى هنا مع فريق شاخ قوامه الرئيسى وتقدم أعمار نجومه يعد إنجازًا فريدًا، لكن ذلك لا يمنع طموحه ورجاله فى التحرك أكثر نحو اللقب، وتعويض خسارة المونديال الأخير أمام فرنسا.
ويعول منتخب كرواتيا على التنظيم الدفاعى القوى، وتكوين خطى دفاع، بداية من ٤ فى الخط الخلفى، وأمامهم خماسى آخر، ما يجعل فرص الخصم فى إيجاد المساحات أمرًا صعبًا للغاية، ويقلل الخطورة على مرمامهم، ومن جهة أخرى يستطيع الفريق تهدئة «الرتم»، ثم مبادلة المنافس الحيازة على الكرة والتحكم باللعب.
ومن مميزات الفريق الكرواتى أنه حينما يمتلك الكرة يعرف كيف يحتفظ بها عبر لوكا مودريتش وكوفاسيتش وبروزوفيتش، نقطة القوة الأكبر فى المنتخب الكرواتى، وسط إجادتهم الوقوف على الكرة وتدويرها من جهة إلى أخرى.
وفى التحولات يمتلك المنتخب الكرواتى سرعات كبيرة جدًا، ويجيد الوصول إلى مرمى الخصوم بأقل عدد من اللمسات، كما أنه يمتلك قامات طويلة فى الثلث الأخير، ما يجعل إرسال الكرات العرضية أمرًا خطرًا للغاية على المنافسين، وسيكون ذلك خطرًا أكبر على الأرجنتين، الضعيف فى الكرات الهوائية، ويعانى أزمة فى هذه النقطة.
فى المقابل، لم يستقر المدرب الأرجنتينى ليونيل سكالونى على الرسم الخططى لمنتخب بلاده، وخلال تدريبات، أمس الأول، جرب كل طرق اللعب الممكنة، وربما كانت هذه خدعة لإضافة مزيد من الغموض والحيرة على الطريقة التى سيبدأ بها، خاصة أن التدريب كان مفتوحًا للإعلام، ويعرف أن ما يحدث سينشر فى الصحف والمواقع.
بدأ فى التدريبات بطريقة لعب «٤- ٣- ٣»، استعان فيها بالنجم دى ماريا أساسيًا، وهذه الطريقة الاعتيادية التى بدأ بها مشوار البطولة، واستمرت حتى أصيب «دى ماريا»، قبل أن يعود اللاعب للمشاركة فى الدقائق الأخيرة أمام هولندا.
كما عدل الطريقة بعدها إلى «٣- ٤- ٣»، واعتمد على ليساندرو مارتينيز كمدافع ثالث، ثم حولها إلى «٣- ٥- ٢»، مثلما لعب أمام هولندا، وفى الطرق الثلاث، كان تاجليافيكو هو الظهير الأيسر الذى يلعب مكان أكونيا الذى سيغيب للإيقاف، وبعدها حوّل الطريقة إلى «٤- ٤- ٢».
وخلق ذلك حالة من الحيرة الشديدة للجميع داخل التدريب حول الشكل الذى سيبدأ به الأرجنتين أمام كرواتيا، لكن التدريب شهد تألق «دى ماريا» مع «دى بول» و«ميسى»، وتأكدت جاهزيتهم تمامًا لهذه للمباراة، بعدما كانت هناك مخاوف حول عدم إمكانية مشاركتهم.
عودة «دى ماريا» إلى التشكيل الأساسى تعنى أن الأرجنتين سيبدأ طامعًا فى الهجوم والتقدم من البداية، وسيضيف قوة كبيرة افتقدها فى المباريات الأخيرة.
كما أن «ميسى» الليلة سيكون الرهان الأكبر كعادته، خاصة أثناء التحولات، لأن تقدم بروزوفيتش وكوفاسيتش فى أوقات كثيرة سيعطى «ليو» المساحة التى يريدها ويعاقب بها الجميع.
لكن هناك تخوفات كبيرة لدى الأرجنتينيين من بديل «أكونيا»، سواء كان تاجليافيكو أو ليساندرو مارتينيز، وهو ما قد يركز عليه زلاتكو داليتش لصناعة التفوق الكرواتى فى هذه الجهة.