الرئيس الصيني يتحمل تبعات سياسة صفر كوفيد وعلى رأسها الاحتجاجات
يرى الكاتب والباحث ميتشيل بلات أن الحزب الشيوعي الصيني أوقع نفسه في مأزق، حيث إن جهوده للسيطرة على فيروس كورونا، التي نجحت في وقت من الأوقات بشكل كبير، لم تعد مجدية ومفيدة.
ولم تتعرض سياسة صفر كوفيد المبالغ فيها فقط لانتقاد العلماء الصينيون بوصفها غير صحيحة، ولكنها أصبحت ذات تبعات سياسية أيضا.
فقد اندلعت احتجاجات في جميع أنحاء البلاد في شنغهاي وبكين و تشنجتشو (في مصنع فوكسكون) وفي أماكن أخرى، وانتفض المقيمون في المناطق السكنية المفروض عليها قواعد الحجر وفتحوا بالقوة البوابات. وقد أصبح المحتجون أكثر جرأة في التعبير عن غضبهم.
وقال بلات، في تقرير نشرته مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، إنه منذ البداية، حاولت الحكومة الصينية استغلال مواجهتها للجائحة كأداة للدعاية للرئيس شي جين بينج والحزب الشيوعي الصيني.
ووضعت اللجان المحلية للحزب الشيوعي الصيني المكلفة بالحفاظ على عمليات إغلاق الأحياء السكنية لافتات عند نقاط التفتيش كُتب عليها أن “أعضاء الحزب يسيطرون على زمام الأمور ويراقبون الحي ويكافحون الجائحة”.
وزعم الحزب الشيوعي أنه منقذ الشعب، بينما الشعب ضحى بسبب قرارات الحزب. وتم احتجاز الأطباء الذين دقوا ناقوس الخطر بشأن الفيروس مبكرا، ودعت المستشفيات للتبرع بالكمامات، ولكن الأطباء الأوائل في ووهان لم يتم السماح لهم بارتداء الكمامات عند علاج المرضى.
ولبى المواطنون الدعوة، حيث تم التبرع في أسبوع واحد، بسلع تبلغ قيمتها أكثر من 90 مليون دولار، وبأموال للصليب الأحمر، لكن ملابس الحماية تكدست في المخازن ولم يتم توزيعها، ويبدو أن البعض منها اختلسه مسؤولون حكوميون.
وخلال الأشهر الأولى للإغلاقات التي قامت بها الصين في عام 2020، تم غلق كل مجتمع سكني مع إقامة أسوار حول المباني لغلق كل مدخل عدا البوابات الرئيسية التي كان يتواجد بها حراس لفحص بطاقات الهوية وتسجيل الأسماء.
ويتم فرض هذه الأنماط من الإغلاقات من حين لآخر منذ ثلاث سنوات ومازالت قائمة في بعض الأماكن.
وترددت تقارير مفادها أن الاحتجاجات قد تسببت أخيرا في أن تخفف الصين إجراءات الحجر إلى حد ما، حيث خرجت مجتمعات سكنية في بعض المناطق في بعض المدن من الإغلاق، وأنهت بعض المدن مطلب تقديم المواطنين نتائج اختبارات سلبية قبل استخدام وسائل النقل العام.
ولكن الصين ما زالت تطبق سياسات أكثر تشددا من أي دولة أخرى في العالم تقريبا. فما زالت تطلب استخدام رمز الاستجابة السريعة الصحي للتحكم في تحديد الأشخاص الذين يمكنهم السفر. وربما يحدث المزيد من التخفيف.
والصين مازالت متخلفة عاما تقريبا عن الاتجاه الذي سلكته حتى الدول الأسيوية الأكثر صرامة مثل كوريا الجنوبية.
وأضاف بلات أنه بعد ربط الحزب والزعيم القوى بهذه السياسة، كان من المستحيل تقريبا بالنسبة للحزب أن يحدد طريقة لوضع نهاية لها بدون أن يقر ضمنيا بأنها كانت خاطئة.
وأصبح صفر كوفيد عقيدة مثل الماوية ، نسبة إلى المبادئ التي أرساها الزعيم الصيني الراحل ماو تسي تونج في القرن الماضي . والحزب الشيوعي غير قادر على السماح بالمعارضة أو الخلاف.
وعرف الأطباء والعلماء الصينيون منذ فترة طويلة أن الكثير من سياسات الصين غير فعالة أو لا يمكن الدفاع عنها علميا ، ولكن معظمهم خائفون من التحدث بشكل علني.
وأسدت الاحتجاجات بطرق ما خدمة لبكين، حيث دفعت الحكومة للتحرك في اتجاه كان يعلم معظم مسؤولي الصحة بالفعل أنه ضروري.
غير أنه لا تزال هناك بعض الاعترافات التي لن يستطيع الحزب الشيوعي الصين النطق بها.
وهاجمت الصين التعامل مع الجائحة من جانب الغرب، والولايات المتحدة بصفة خاصة،على نحو عدواني وبشراسة لدرجة أنهم لايستطيعون الاعتراف بأن الغرب كان صائبا بشأن بعض الأمور ، على سبيل المثال اللقاحات.
ولم تقبل الصين أي لقاحات أجنبية حتى على الرغم من أن لقاحات إم أر إن أيه التي طورتها شركات أمريكية وألمانية أثبتت أنها أكثر فعالية من اللقاحات الصينية.
وسوف تخاطر الصين بحدوث ملايين الإصابات والوفيات الجديدة ،عندما تعيد بصفة نهائية فتح المناطق المغلقة بشكل كامل لمواصلة حملتها الدعائية ضد الولايات المتحدة.
ويعرض الحزب الشيوعي الصين حياة الصينيين للخطر ،حتى بينما يوافق على استخدام لقاح بيونتيك بالنسبة للمقيمين الأجانب.
وفي أي دولة ديمقراطية، لا تعد الاحتجاجات بمثابة تهديد لوجود للنظام، حيث يكون النقاش مفتوحا ولا يعتبر الخلاف مع سياسة الحكومة تخريبا.
ولكن عندما يقوم نظام بجعل الحزب والدولة مترادفين ويجعل زعيم الحزب وجه الحكومة والبلاد ، فإن من المستحيل الفصل بينهما. وقُيل أن سياسة الصين الخاصة بكوفيد هى سياسة شي جين بينج بشأن كوفيد.
وليس هناك أي فارق دقيق، ووجدت الصين أن من الصعب أن تعلن أنه ربما كانت سياسة شي فعالة في العام الأول، إلا أن الأوضاع قد تغيرت. وتم مواصلة السياسة لمدة طويلة جدا، وأصبح الأمر سياسيا.
واختتم بلات تقريره بالقول إن الحزب الشيوعي الصيني أوقع نفسه في مأزق عندما أصر على أن ينسب لنفسه كل الفضل في النجاح الأولي للصين في إبطاء تفشي الفيروس. ويتعين أن يتحمل اللوم عن الارتفاع الحتمي الذي سوف يحدث عندما تفتح الحكومة المناطق المغلقة في نهاية المطاف، أو عن الاضطرابات الخطيرة على نحو متزايد التي سوف يواجهها إذا لم يتخذ هذه الخطوة.