عاصم حجازي: الأسئلة المقالية بالثانوية العامة مهمة واعتماد المنهج على الكم مرفوض (حوار)
كشف الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوي المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية لدى جامعة القاهرة، أسباب الصعوبة التي تواجه تلاميذ الصفيين الرابع والخامس الابتدائي صعوبة التعامل مع مناهج نظام التعليم الجديد.
وأبرز حجازي في حوار مع "الدستور"، الأسباب وكيفية التغلب على صعوبة المناهج، بالإضافة إلى أهمية وجود درجات أعمال السنة في تقييم طلاب صفوف النقل، كما تحدث عن أهمية عودة الأسئلة المقالية في امتحانات الثانوية العامة، وإلى نص الحوار..
-هناك شكاوى من أولياء الأمور طلاب الصفين الرابع والخامس الابتدائي من صعوبة المنهج، هل تناسب المناهج فئتهم العمرية؟
قد يكون هذا الكم من المعلومات الموجود في مناهج الصفين الرابع والخامس الابتدائي مقبولا في حال انتظم التلاميذ في الدراسة في مرحلة رياض الأطفال والصفوف الثلاثة الأولى بشكل كامل، وقاموا بدراسة المحتوى كاملا في هذه الصفوف، ففي هذه الحالة يمكنهم استيعاب المناهج المقدمة في الصفين الرابع والخامس بسهولة ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في أن هذه المناهج تحتوى على قدر كبير جداً من المعلومات في الوقت الذي يعاني فيه الطلاب من انقطاع جزئي عن الدراسة ولو لفترات قصيرة بسبب جائحة كورونا وحاليا الفيروس المخلوي التنفسي، كما يحدث بين الحين والآخر حذف لبعض الموضوعات من المنهج على الرغم من أن هذه الموضوعات يبنى عليها خبرات وموضوعات في المناهج التالية.
بالإضافة إلى أن اعتماد المنهج على الكم وليس الكيف أمر مرفوض وينبغي أن يضع واضعوا المناهج في اعتبارهم أن المطلوب هو إكساب الطلاب الخبرات الأساسية التي لا غنى عنها والتي يستطيع الطالب أن يعتمد عليها في بناء منظومة معرفية أكبر والمهارات المتقدمة كمهارات التفكير العليا ومهارات الاستكشاف والبحث والتعلم الذاتي ومهارات التعلم المستمر والاتجاهات الإيجابية نحو التعلم ونحو المادة، مع تضمن المناهج الكثير من الأنشطة والتطبيقات العملية ذات الصلة بالحياة الواقعية ومشكلات المجتمع، وبهذا المنظور فإنه لا حاجة لنا في تضخيم المنهج بكم كبير من المعلومات حيث إننا سوف نعطي الطالب الأدوات والوسائل التي تمكنه من الحصول على كم أكبر من هذا وبصفة دائمة ومستمرة.
-مارأيك في تطبيق سؤال القراءة المتحررة في نظام التعليم الجديد وما مدى استفادة التلاميذ منها؟
تعتبر القراءة الحرة من الأنشطة المهمة التي تدعم الإبداع وتحفزه كما أنها وسيلة جيدة جدا لاكتشاف الهوايات والميول وأيضا وسيلة مهمة جدا لاكتشاف المشكلات النفسية والسيطرة عليها، ومن ثم فإن نشاط القراءة الحرة والذي يعتمد على ترك الحرية للطالب في اختيار المادة المقروءة، هو خطوة جيدة جدا تعمل على اكتشاف الإبداع وتنميته بشكل عملي وتشجع على القراءة فمن أهم شروط الإبداع الحرية، ومن أهم النصائح التي تقدم لتشجيع الطلاب على القراءة أن تتاح لهم الحرية الكاملة في اختيار المادة المقروءة، حيث أن ذلك يكون له عظيم الأثر في تحفيز الطلاب وتشجيعهم وزيادة ثروتهم اللغوية وتنمية خيالهم وزيادة معارفهم بشكل كبير.
-ما رأيك فى تطبيق نظام أعمال السنة لطلاب صفوف النقل؟، هل القرار في مصلحة الطلاب أم فرصة لتحكم معلم الفصل؟
ينبغي العلم أن التقويم وفقا للأسس العلمية هو عملية تبدأ من قبل بداية البرنامج التعليمي فيما يسمى التقويم التشخيصي للوقوف على المستوى المبدأي للطلاب، وتستمر مع البرنامج التعليمي من بدايته وحتى نهايته فيما يسمى التقويم التكويني وهو تقويم يهدف إلى اكتشاف نقاط الضعف والعمل على تلافيها أولاً بأول.
ماذا تعني باكتشاف نقاط الضعف والعمل على تلافيها أولاً بأول؟
مثلا قد يكتشف المعلم من خلال تطبيق التقويم التكويني أي في أثناء العام الدراسي أن نسبة كبيرة من الطلاب قد أخفقوا في امتحان شهر من الشهور فيسعى للبحث عن السبب، فيتضح مثلا أن طريقة التدريس التي اتبعها كانت غير مناسبة أو أن الطلاب يجدون صعوبة في استيعاب بعض المفاهيم التي درسوها في هذا الشهر فيعيد الشرح بطريقة أخرى وهكذا , ويأتي التقويم النهائي للحكم على أداء الطالب في نهاية البرنامج التعليمي.
هل ساهم فى ذلك تطبيق أعمال السنة؟
أعمال السنة تتبع التقويم التكويني الذي يهدف إلى اكتشاف المشكلات التي تعوق تحصيل الطلاب والعمل على إيجاد الحلول المناسبة لها ويمكن أن يستخدم أيضا لتتبع نشاط وجهد الطالب طوال الفصل الدراسي ولضمان بقاء الطالب نشطا ومتحفزا طوال الفصل الدراسي، إذا فهو نظام مطلوب ومطلوب بقوة لزيادة ربط الطلاب بالمدرسة وضمان استمرارية النشاط وبذل الجهد, وفيما يخص سوء الاستخدام من قبل البعض فيمكن من خلال وضع المعايير الدقيقة واستخدام التقويم الموضوعي التخلص نهائيا من الذاتية في تقويم الطلاب.
-يشتكي عدد من أولياء الأمور بشأن استمداد مناهج الرابع والخامس الابتدائي من مصادر أجنبية.. ما رأيك؟
الاعتماد كليا على المصادر الأجنبية مرفوض لأنه يؤدي إلى أن يتنصل الطالب من جذوره وثقافته وتنعدم ثقته فيها وفي قدرتها على التأثير في المجتمع وتعتبر المناهج بهذا الشكل أداة فعالة للوصول بالطلاب إلى عمق الاغتراب الثقافي وفقدان الهوية، إلا أن الاستعانة ببعض المصادر الأجنبية إلى جانب المصادر العربية يعمل على تطوير وتنمية الكثير من العادات والمهارات والقدرات المطلوبة في شباب المستقبل كالذكاء الثقافي وتقبل الاختلاف والانفتاح على الآخر وكيفية التعامل مع الثقافات المختلفة وأخذ ما يفيد منها وتوظيفه في خدمة المجتمع، ولا شك أن المستقبل في ظل الثورة الرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي لم يعد يسمح لنا بالانكفاء على الذات وعدم التعاطي مع مخرجات الثقافات الأخرى وإنما تحتم علينا الرغبة في اقتحام المستقبل أن نكون على اطلاع دائم على كل ما أنتجته البشرية من معارف وأن نستفيد إلى أقصى حد من كل ما تتيحه لنا الثورة الرقمية من منجزات دون أن نتنصل من ثقافتنا أو ننسلخ من هويتنا.
-هل الخطة الزمنية للحصص داخل الفصول كافيه لاستيعاب الطالب المناهج الدراسية؟
مع وجود هذا الكم الهائل من المعلومات المكدسة في المناهج الدراسية التي تعتمد على الكم بشكل واضح تصبح الخطة الزمنية غير كافية لتدريس كافة موضوعات المنهج بشكل جيد بالإضافة إلى تأثيرها السلبي أيضا على ممارسة الأنشطة وعدم ترك مساحة كافية لممارسة الهوايات والمهام المدرسية الأخرى كاكتشاف الموهوبين ورعايتهم وأكتشاف ذوي صعوبات التعلم وعلاجهم، ما يعمل على زيادة الفجوة بشكل كبير بين الفئات المختلفة من الطلاب الموهوبين والعاديين وذوي صعوبات التعلم والمتأخرين دراسياً.
-هل هناك طرق دراسة مختلفة تساهم فى وصول المعلومة بشكل أسرع للطالب؟
هناك العديد من طرق التدريس الحديثة التي ينبغي أن يتدرب عليها المعلمون بشكل كاف ويطبقوها بشكل عملي في مدارسهم، ويعتمد نظام التعلم الرقمي على طرق واستراتيجيات تدريسية متقدمة كالتعلم بالاستكشاف الموجه ونظام التعلم القائم على المشروعات وغيرها من طرق التدريس التي تحول الطالب إلى طالب نشط وشريك أساسي في الوصول إلى المعلومة وليس متلقنا سلبيا لها ويتحول دور المعلم إلى موجه ومرشد وهو ما يخفف من الأعباء الملقاة على عاتق المعلمين، وهذه الطرق والاستراتيجيات بالإضافة إلى تنشيط الطالب فإنها أيضا تكسبه مهارات البحث العلمي ونقد المعلومات وماهرات التفكير النقدي والتفكير العلمي وتساعده في أن يكون لنفسه بناء معرفيا خاصا من خلال خبرات حقيقية، كما أن المعلومة التي يكتسبها الطالب من خلال بحثه ومجهوده الخاص تكون أبقى أثرا وأكثر فائدة للطالب من المعلومات الملقنة.
-ما تعقيبك على عودة الأسئلة المقالية فى امتحانات صفوف المرحلة الثانوية؟
بالنسبة للأسئلة المقالية هي بالطبع مهمة ومطلوبة لاستثارة قدرات الطلاب على التعبير وإتاحة الفرصة لهم للابتكار والإبداع والتعبير الحر عن رأيهم واكتساب مهارات النقد والتلخيص والتفسير وغيرها من المهارات العليا وهذا ما يميزها عن الأسئلة الموضوعية، إلا أنه ينبغي العمل على أن عملية القياس النفسي والتربوي عملية معقدة جدا وهناك العديد من الأخطاء التي قد تحدث في هذه العملية وتؤثر على دقتها ومنها بالطبع الأخطاء المرتبطة بتحيز المصحح أو عدم دقته أو عدم معرفته ببعض النقاط أو بعض المرادفات أو التزامه الصارم بنموذج الإجابة وهذه كلها أمور تحدث في الأسئلة المقالية دون غيرها، وبالتالي فإن تطبيق الأسئلة المقالية يجب أن يسمح به في سنوات النقل لتحقيق الأهداف سالفة الذكر مع عدم السماح به مطلقا في السنوات النهائية كالصف الثالث الإعدادي والصف الثالث الثانوي في الامتحانات النهائية وذلك لأن الدرجة فيها قد تغير مسار طالب وتعوقه عن تحقيق حلمه وبالتالي فإن الأولوية المطلقة تكون للدقة والموضوعية وتكافؤ الفرص، وهو ما يستدعي الاقتصار بشكل كامل على الأسئلة الموضوعية.
هل نسبة 15% المخصصة للأسئلة المقالية بالامتحانات كافية لتعبير الطالب عن رأيه ومعرفة مستواه الحقيقي؟
هناك العديد من الطرق والأساليب الأخرى التي يمكن من خلالها إتاحة الفرصة للطالب للتعبير عن رأيه فليست الامتحانات وحدها هي المسؤولة عن اكتساب الطالب لكل المعلومات والمهارات وإنما المدرسة تعتمد على بناء متكامل ومتماسك يعتمد على المحتوى والأنشطة والتقويم ما هو إلا وسيلة وليس غاية، ويمكن أن يتعلم الطالب التعبير عن رأيه والإبداع من خلال المسابقات الثقافية وصحيفة الحائط من خلال كتابة المقالات فيها ومسابقات للقصة والشعر كما يمكن تطبيق الأسئلة المقالية بشكل غير رسمي من خلال المعلم في امتحانات الشهر أو في امتحانات أسبوعية أما في الامتحانات النهائية التي يترتب عليها تحديد مستقبل الطالب ورسم ملامحه فيجب أن تقتصر على الأسئلة الموضوعية.
ما رأيك فى تصحيح الأسئلة المقالية بالثانوية العامة بشكل إلكتروني؟
تصحيح الأسئلة المقالية لا يمكن أن يكون إليكترونيا وهذه التسمية ليست في محلها وإنما ما سوف يتم هو أن الإجابات سوف ترسل للمعلمين من خلال وسيط إليكتروني وسيتم قراءتها من خلال الشاشة وتصحيحها، وهذا التصحيح لا يختلف إطلاقا عن التصحيح العادي الفرق الوحيد هو أن المعلم لن يمسك بورقة الطالب بيده وإنما سوف يقرؤها من خلال شاشة، إذا فليس هناك فرق هو تصحيح تقليدي وليس إلكترونيا.
-هل الوقت كاف لاستفادة طلاب الثانوية العامة من تدريب المعلمين على شكل الأسئلة؟
بالتأكيد ليس كافيا ويجب بعد ذلك استثمار فترة الأجازة في نهاية العام في إنهاء مثل هذه التدريبات والانتهاء من كل هذه الترتيبات، بحيث تكون فترة الأجازة مخصصة للتخطيط والاستعداد وفترة الدراسة تكون مخصصة فقط للتنفيذ أما أن تتعارض الدوار، بحيث يتم الاستعداد في نفس الوقت المخصص للتنفيذ فإن أضرار ذلك على العملية التعليمية أكثر من نفعه.
-ما اقتراحاتك فى تطوير التعليم الفني بمصر؟
التعليم الفني على الطريق الصحيح للتطوير من خلال الشراكات الحقيقية بين التعليم الفني وسوق العمل والتدريب الحقيقي في مواقع العمل الفعلية وتطبيق منهج الجدارات الذي يشترك في رسم ملامحه سوق العمل ونحتاج إلى مزيد من الربط ومزيد من الشراكة الحقيقية والتطوير الدوري للمناهج وفقا للمستجدات لأن وسائل الإنتاج وأدوات العمل تتطور بشكل كبير، ومن ثم فإن التعليم الفني يجب أن يواكب هذا التطور من ناحية المهارات المطلوبة ومن ناحية المحتوى المقدم وهنا يجب الإشارة إلى أنه ينبغي أن تكون أدوات العمل والإنتاج في الشركات التي تعقد معها وزارة التربية والتعليم شراكة متطورة ومحدثة بشكل دائم لضمان اكتساب الطلاب مهارات حقيقية مواكبة لسوق العمل الدولي وليس مواكبة للعمل في هذه الشركة بعينها.
-هل المشروبات والتغذية لها تأثير فى استيعاب الطالب للمناهج الدراسية؟
بالطبع فبعض أولياء الأمور يغفلون هذه النقطة الهامة، فالعنصر الحاسم في عملية التعلم هو المخ وهذا المخ لا ينبغي أن ننسى مطلقا أنه عضو له طبيعة بيولوجية يجب أخذها في الاعتبار لضمان قيامه بالوظائف المعرفية بشكل جيد فهناك أطعمه صديقة للمخ تعمل على زيادة كفائته وقيامه بوظائفه بشكل جيد كالمكسرات بأنواعها مثلا وشرب العصائر الطازجة والسوائل وممارسة الرياضة الخفيفة يعمل على تنشيط الدورة الدموية ووصول الدم إلى المخ بكميات كافية للعمل بكفاءة فيستطيع الطالب أن ينتبه بشكل جيد ويدرك ويتذكر ويفكر بأقصى طاقة ممكنة.
-وجه نصيحه للطلاب وأولياء لأمور فى هذا الشأن؟
من المهم أن يحصل الطالب قبل ذهابه إلى المدرسة على وجبة فطور صحية وخفيفة وتحتوي على ثمرة من الفاكهة وأن يشرب كمية كافية من السوائل أما بخصوص اللانش بوكس، فيجب ألا يحتوي على وجبات دسمة وصعبة الهضم لأن الوجبات الدسمة تعمل على سحب كمية كبيرة من الدم نحو المعدة لهضم الطعام وهو ما يؤثر على كمية الدم التي تصل إلى المخ فيقل التركيز ويتأثر تعلم الطالب بهذا الأمر بلا شك، ولذلك يجب أن تحرص الأم على أن تكون الوجبات المقدمة للطالب في أوقات الاستذكار والنشاطات التعليمية خفيفة وسهلة الهضم وتحتوي على قدر كبير من الفيتامينات والمعادن وكميات كافية من السوائل لضمان عمل المخ بكامل كفائته.