مصر الصامدة أبدًا
فى الطائرة التى تحملنى من شرم الشيخ الرائعة، حيث مؤتمر المناخ إلى القاهرة الساحرة، حيث التاريخ والأصالة، نظرت من نافذة الطائرة فوجدت أضواء العاصمة الإدارية الجديدة تسطع فى سماء الوطن مضيئةً فى ذلك الليل المعتم، فمن إنجاز كبير فى مدينة السلام إلى إنجاز أعظم فى مدينة الألف عام...
فى هذا الوقت دار برأسى تاريخ هذا البلد وأقداره، كم كان عنيدًا لا يستسلم ولا يقبل الهزيمة يومًا، فقد كنت فى الطائرة أقرأ بعضًا من تاريخ مدينة من مدن محافظة الشرقية... منيا القمح، التى سميت بهذا الاسم، حيث كانت موضعًا لجمع القمح، إذ كانت كلمة «منى» لدى الفراعنة تعنى الجمع، وكان هذا المكان موضعًا لجمع القمح فى قديم الزمان، حتى تأسست المدينة بعد ذلك وسميت بهذا الاسم...
وحينما تقرأ تاريخ تلك المدينة العريقة تجد أنها تأسست قبل دول كثيرة فى عالمنا فقد تأسست منذ ما يقرب من مائتى عام، ولا يكمن تاريخها البهى فى السنوات الطوال وإنما فى التاريخ المشرق المشرف الذى تحمله المدينة الصامدة، فقد كان لها موقف مشرف أثناء ثورة ١٩١٩، حيث هجم الثوار على مركز الشرطة لإخراج السجناء الذين نكل بهم جنود الاحتلال الإنجليزى ردًا على أحداث ثورة ١٩١٩، فلما حدث هذا الهجوم على مركز الشرطة قام الجنود بإطلاق طلقات النيران على المواطنين مما أسقطهم تباعًا...
ثلاثون من الشهداء وما يقرب من عشرين مصابًا جراء تلك الأحداث فى وقت لم يكن عدد السكان فيه كبيرًا كيومنا هذا. ومع ذلك فر جنود الاحتلال أمام الأهالى الذين تجمعوا وانقضوا عليهم واحتمى الجنود بالدكاكين وفر منهم الكثير هاربًا... فسمى الميدان الذى شهد تلك الموقعة ميدان الشهداء، ويقع الآن أمام قصر الثقافة بالمدينة
تلك كانت حادثة وحيدة فى مدينة من مدن محافظة واحدة من محافظات مصر الأبية الصامدة التى لم ولن تخضع أبدًا، بل يزيدها الألم إصرارًا على مواصلة النجاح.