الاستثمار فى كثبان طمى النيل
هناك فرق كبير بين الإدارة التقليدية للمشكلة أو الأزمة، وبين الإدارة العلمية المبتكرة القائمة على خلق أكبر عملية استفادة من أطروحات الإبداع فى الحلول.
كثبان الطمى المنتشرة فى مجرى النيل من جنوبه إلى أقصى شماله تمثل مشكلة كبيرة ومتزايدة نتيجة عدم التفكير فى حل لها منذ عشرات السنوات، والنتيجة هو مزيد من خنق المجرى عن طريق الاستيلاء عليها وتحويلها إلى مشروعات استثمارية، من أباطرة الفساد وأصحاب النفوذ ومعظمهم من استولى على أراضى طرح النيل وقام بتقنين شراء الفدان فيها ببضعة جنيهات ليحولها إلى بنايات أو مشروعات استثمارية ثمنها بملايين ومليارات الجنيهات.
والحل طرحناه سابقًا عدة مرات، «لا يفل الفساد إلا قوة القانون» وما تم الاستيلاء عليه بالقوة لن يتم استرجاعه إلا بالقوة «أراضى طرح النيل ثروة قومية تقدر بثمن كبير» ذلك الثمن قادر على حل معظم مشاكل مصر المالية وقادر على المساهمة فى بناء اقتصادها.
فلا يعقل وليس من العدل أن يقوم أصحاب النفوذ بالاستيلاء على طرح أراضى مجرى النيل ويدفعوا عشرات أو مئات الجنيهات لثمن الفدان الواحد عند تقنين وضعه (ذلك المبلغ المدفوع بالتقسيط على عدة سنوات) ويقوم بعدها ببيع ذلك الفدان بالمتر الذى يصل فى بعض المناطق السكنية أو الاستثمارية لعشرات الآلاف، وإن كانت أرضا زراعية فالفدان فى الوقت الحالى يتخطى 5 ملايين، والعدل هو رجوع تلك الأراضى إلى الدولة عن طريق الإعلان طبقًا لتشريع، لحين تسعيرها مرة أخرى، وقد اقترحت سابقًا أن يستلم الجيش تلك الأراضى ويعلن فى مزاد علنى بعد تسعيرها ويكون للمالك الذى استولى عليها 50% فقط والنصف الآخر للدولة على أن تضع الدولة استراتيجية لاستغلال تلك الأرض فى بناء المشروعات التحتية مثل المدارس والمصانع والمستشفيات والمسارح والملاعب، والفائض من تلك المشروعات يتم عرضه للبيع طبقًا لتسعيرة المزاد عن أن يكون الأولية لواضع اليد عليها منذ البداية.
ورجوعًا لموضع كثبان الطمى وسط مجرى النيل اقترحنا أيضًا سابقًا أن تقوم كل محافظة بتكرير الكثبان ورفعها وتجفيفها فى أماكن مخصصة، ومن ثم استخدامها فى إحلال وتجديد التربة الصحراوية فى الأراضى التى يتم استصلاحها وزراعتها، ذلك الاقتراح سيكون ذات عدة فوائد أهمها الحفاظ على النيل ومجراه، ثانيًا قطع الطريق على أصحاب النفوذ من الاستيلاء عليها، ثالثًا والأهم هو تجديد وإحلال التربة الرملية الصحراوية وتحويلها إلى تربة زراعية تستخدم فى زراعة كل المحاصيل وعلى رأسها المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والذرة والفول البلدى وفول الصويا والشعير والبرسيم الخ، والفائدة الرابعة أن كثبان الطمى فى النيل تمثل حضنا للحشائش والنفايات، مثل ورد النيل وخلافه واستمرار تلك الكثبان حتمًا يزيد من خنق المجرى وضيق اتساعه، ويقول بعض المتخصصين إن ذلك الطمى بداخله بعض المعادن يمكن الاستفادة منها عبر عملية تكرير واستخلاص ويمكن دراسة ذلك من خبراء ومتخصصين.
ومع التفكير فى تلك المقترحات والأطروحات أقترح أيضًا سن تشريع بقانون عسكرى يعاقب من خلاله، من يعتدى على مجرى النيل بأى شكل من الأشكال ومنها الاستيلاء والردم ورمى النفايات.
ولا ننسى أن نهر النيل يتم صب فيه بعض المصارف المحملة بكل نفايات المستشفيات والمصانع والحيوان النافقة، فمثلًا فى محافظة المنيا هناك مصرف يشق معظم مدن المحافظة ويتجه مباشرة إلى النيل لصب فيه كل النفايات المحملة، وهذا لا يؤثر فقط على صحة الإنسان بل على الأراضى الزراعية وجودة المنتجات والمحاصيل، وطبعًا أثر ذلك بقوة على الثروة السمكية التى كانت تعتبر أمنًا غذائيًا موازيًا فى متناول المواطن الفقير ولكن الآن شبه اختفى ذلك، فماذا لو قامت الدولة بنقل مياه ذلك المصرف إلى الصحراء لزراعة بعض الغابات التى تنتج أخشابًا معظمها نستوردها بملايين الدولارات، هنا التفكير العلمى الذى يبدع فى خلق أطروحات أكثر من استفادة عند حل المشكلة.