ذراع نانسى.. ويد بايدن
أثارت صور لرئيسة مجلس النواب الأمريكى نانسى بيلوسى، وهى تتأبط ذراع الرئيس عبدالفتاح السيسى تساؤلات كثيرة، أهمها كيف لتلك المرأة القوية التى تحدت ترامب فى عنفوانه، والصين، وروسيا، جاءت شرم الشيخ، وتقف هذه الوقفة أمام الرئيس السيسى؟
ومن المرأة الحديدة فى السياسة الأمريكية، إلى بايدن الرئيس الأمريكى الداهية السياسية، ووضع يده على كتف السيد الرئيس بشكل لافت للنظر وبعيد عن بروتوكولات السياسة وتعاطيها الدبلوماسى فى مثل تلك اللقاءات.
وقبل أن نغوص فى تحليل وتناول الأسباب لا بد من الإشارة إلى أن الأمريكان لهم سمات وخصائص فى التعبير عن عواطفهم عندما يريدون إظهارها للآخرين، ليس من بينها ما فعلته رئيسة مجلس النواب نانسى بيلوسى أو ما فعله الرئيس الأمريكى بايدن.
ولذلك ما فعلوه هو شىء مدروس ومتعمد ورسالة إلى الشعب المصرى بأن الأمريكان أصدقاء لكم، لأن تأبط ذراع نانسى لذراع الرئيس، ووضع بايدن يده على كتف الرئيس، ذلك من خصائص وسمات الشعب المصرى، ويفعل المواطنون المصريون ذلك مع بعضهم البعض عندما تصل العلاقة بين بعضهما البعض إلى الصداقة العميقة والثقة الكبيرة.
فلدى مؤسسات الدولة الأمريكية المعطيات الكاملة التى أظهرتها الحرب الروسية الأوكرانية وتعاطف الشعب المصرى والعربى مع الموقف الروسى، ليس كرها فى أوكرانيا، بل أملًا فى كسر عنجهية السياسة الأمريكية، التى تركت تبعيات سلبية كبيرة وممتدة على شعوب المنطقة وأيضا القضية الفلسطينية، وما يحدث للشعب الفلسطينى جراء المساندة الأمريكية للجانب للسياسة الإسرائيلية الهمجية.
فقوة السياسة الأمريكية تكمن فى مراكز أبحاثها المتخصصة القادرة على استقراء المستقبل القريب والبعيد، ووضع الاستراتيجية الكاملة للتعامل مع معطيات ذلك الاستقراء، فالآن هناك ولادة لنظام عالمى جديد قادم بقوة، ذلك النظام سيكون داخل الإدارة الرقمية الذكية، فمن يمتلك أدوات تلك الإدارة سيكون له تأثير كبير فى السياسة العالمية.
وهناك عاملان أساسيان سيعتمد عليهما هذا النظام، وهما الموارد الطبيعية «الطاقة النظيفة، والصناعات التكنولوجية» وقليل من الدول تمتلك تلك الموارد ولكن ما يميز مصر من بين تلك الدول التى تمتلك تلك الموارد، هو موقعها الجغرافى «ملتقى القارات» بجانب توافر الأيدى العاملة الرخيصة، والأهم من ذلك من وجهة نظرهم أنها الجار الأقوى والأهم، للجانب الإسرائيلى.
وتعلم أمريكا جيدًا أنها أصبحت ليست صاحبة القرار السياسى الأوحد فى التعاطى مع الأحداث العالمية، وهى الآن تحاول أن تكون أحد الأضلع الرئيسية فى النظام العالمى الجديد القادم، ذلك النظام سيستمد قوته من المنطقة العربية ومصر بالتحديد، بسبب ما تمتلكه تلك المنطقة من موارد وثروات طبيعية متجددة وهائلة قادرة على إمداد الإدارة الذكية الرقمية للدول بكل المتطلبات اللازمة.
ومن هنا ستغير أمريكا تعاطيها السياسى مع دول المنطقة، فهناك سبب أخير ومهم أن الشركات العالمية الكبرى التى تعمل فى مجالات الطاقة النظيفة والصناعات الإلكترونية بعض منها للعائلات الصهيونية التى تحرك السياسة الأمريكية وتوجه السياسة الغربية، وتدير المؤسسات المالية والاقتصادية العالمية، الآن تلك الشركات تريد الوجود فى المنطقة العربية لتوطين صناعتها بتلك الدول لتضمن وجودها المؤثر فى النظام العالمى الجديد.
وهنا الصراع بين الشركات الأمريكية الغربية «الصهيونية» وبين الشركات الروسية الصينية الهندية المتقدمة جدًا فى تلك الصناعات، للتسابق على سرعة الوجود والتوطين فى مصر، وعلى القيادة السياسية المصرية وضع استراتيجية لقيام شركات وطنية مصرية للعمل على توطين تلك الصناعات فى مصر حتى تكون مصر صاحبة القرار المؤثر فى تلك الصناعات.
وهكذا أصبحت مصر الدولة الأهم فى النظام العالمى الجديد، وهكذا ستصبح مصر «أد الدنيا» كما ذكر الرئيس السيسى سابقًا، ولأنها أم الدنيا كما ذكر الرئيس الأمريكى منذ ساعات، وكما أشارت نانسى بيلوسى، إلى أن مصر تعتبر ركيزة الأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط والعالم العربى.