صُناع وأبطال فيلم «المقابلة»: يقدم رسالة للمجتمع بأن المرض النفسى ليس وصمة عار
يشارك فيلم «المقابلة» للمخرجة هند متولى، فى مسابقة الفيلم القصير ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته الـ٤٤.
الفيلم من بطولة النجمة الشابة سارة عبدالرحمن، وهو التجربة الإخراجية الأولى للمخرجة هند متولى.
«الدستور» التقت صناع الفيلم، للحديث عن كواليس تصويره، والرسائل الرئيسية التى يحملها، ورأيهم فى مشاركته ضمن مهرجان القاهرة السينمائى الدولى.
سارة عبدالرحمن: شخصية «نادية» غيّرت نظرتى للحياة
قالت الفنانة الشابة سارة عبدالرحمن إنها قررت خوض أولى تجاربها فى الأفلام القصيرة من خلال فيلم «المقابلة؛ لأن لديها يقينًا بأن الأفلام القصيرة يقف وراءها مخرجون شباب يحاولون تقديم أفضل ما لديهم، فى ظل أن هذه الأعمال تعتبر مصيرية بالنسبة لهم، كما أن أفكارهم تكون مختلفة ولديهم موضوعات مهمة.
وأضافت: «استفدت من التجربة التى غيّرت نظرتى للحياة، وأصقلت خبراتى على المستويين الشخصى والمهنى، وجعلتنى قادرة على التعبير عن مشاعر كثيرة دون النطق بأى كلمات».
وكشفت عن أن أحداث الفيلم تدور حول شخصية «نادية» التى تقع بين خيارين، كلاهما صعب، الأول رعاية والدتها التى تعانى من الاكتئاب وتفكر فى الانتحار، أو حضور مقابلة عمل يمكنها من أن تغير حياتها وحياة أسرتها للأفضل.
وأشارت إلى أنها تحمست للفيلم منذ الوهلة الأولى، بعدما وجدت شخصية «نادية» قريبة الشبه منها، فرغم أن الشخصية تعانى من كبت، ولم تحقق أى هدف من أهدافها فى الحياة لرعايتها والدتها، فإنها تجد نفسها تدخل فى صراع نفسى فى المقابلة، ويوضح الفيلم فى النهاية كيف سيكون مصيرها.
وقالت إنها لم تجر أى معايشات مع حالات شبيهة، لأن الحياة مليئة بأشخاص يعانون من الاكتئاب، لافتة إلى الحاجة الشديدة لتسليط الضوء من خلال الأعمال الفنية المختلفة على الأمراض النفسية، خاصة أن المجتمع يتعامل مع المرض النفسى على أنه وصمة عار.
وأضافت: «بالنسبة لى كانت مناقشة المرض النفسى عن الكبار والجيل الأصغر أحد أهم الأفكار التى تناولها الفيلم، لأنه فى الوقت الذى مرت فيه والدة (نادية) بأزمة نفسية، لم تكن (نادية) نفسها متزنة نفسيًا».
وعن تجربتها مع المخرجة هند متولى، قالت: «تجربة جيدة ومختلفة، وهى مخرجة دقيقة ومتمكنة من أدواتها، وكانت مؤمنة بى إلى حد الجنون فى تقديم الشخصية، وعملنا على رسم تفاصيل كثيرة، لدرجة أن اندماجى مع الشخصية أصابنى بالأرق الشديد وبحالة نفسية سيئة».
وشددت على أن علاقة «نادية» بوالدتها بها الكثير من مشاعر الحب والكراهية فى آنٍ واحد، لأنها كانت سببًا فى منعها عن العمل، مضيفة: «هذه العلاقة الغريبة أصابتنى بحالة من التوتر، لأننى لم أمر بتجربة مشابهة فى حياتى الواقعية، لذا غيّرت نظرتى للحياة».
واختتمت «سر خلع (نادية) الحجاب أثناء المقابلة هو شعورها بأن المكان والعاملين فيه أعلى منها طبقيًا، لذلك شعرت بأنها عندما تخلع حجابها ستكون قريبة الشبه منهم وسيقبلونها».
هدى شحاتة: تجربتى مع الانتحار ساعدتنى على تقديم دور الأم
أشارت الفنانة هدى شحاتة، التى جسدت دور والدة «نادية» ضمن أحداث فيلم «المقابلة»، إلى أنها تحمست جدًا للشخصية، ووجدت بها بعض النقاط التى تشبهها، لكن الحالة التى تمر بها الشخصية جعلتها فى حيرة من أمرها، وتتساءل هل هى مريضة نفسيًا أم تعانى من مس الشيطان.
وأضافت: «بعد أن أدركت أنها شخصية مريضة نفسيًا بالفعل، أعجبت بطريقة كتابتها، ورأيت أنها تُشبهنى، خاصة الجانب المتعلق برغبتها فى التخلص من الحياة، وأن الشخصية غير قادرة على التعامل مع ابنتها، وتشعر بأن العالم كله ضدها».
وأوضحت: «خرجت من الفيلم وأنا أقول الحمد لله أنى لم أصل إلى مرحلة الأم فى الفيلم، لأنى حاولت من قبل الانتحار فى فترة الضغط النفسى التى مررت بها، وكانت التجربة التى مررت بها هى المرجعية التى بنيت عليها الشخصية وأدائها وانفعالاتها، ولم ألجأ إلى قراءة أى شىء متعلق بالمرض النفسى»، مضيفة: «كبار السن يواجهون ضغوطًا نفسية أكثر من صغار السن لأنهم يتحملون العديد من الأعباء والضغوطات المختلفة».
وبيّنت أنها أدت العديد من «البروفات» مع المخرجة هند متولى والبطلة سارة عبدالرحمن قبل بداية التصوير، لإحداث انسجام بين شخصيتى الأم والابنة، لتظهر الأحاسيس والانفعالات صادقة على الشاشة. واختتمت: «شعرت بأن سارة ابنتى بالفعل، وكانت تجربة ثرية ومهمة جدًا بالنسبة لى، لأن العمل مع هند متولى ممتع، وهى تترك لنا حرية كبيرة فى الأداء، ما أعطانى ثقة فى تقديم الشخصية، وهى مخرجة ممتازة وأتوقع لها مستقبلًا باهرًا».
المخرجة هند متولى: فخورة بعرض عملى فى مصر.. وحرصت على تقديم جانب خفى من مشكلات المرأة
أكدت المخرجة هند متولى أنها سعيدة بعرض الفيلم للمرة الأولى من خلال أهم مهرجان فى بلدها وهو مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، وفخورة بالمجال الفنى فى مصر، ورغم أنها درست فى نيويورك ولوس أنجلوس وتعرفت على مجال الصناعة الأمريكية فإن الفيلم مصرى وفريق العمل مصرى، لذلك هى فخورة بعرض الفيلم فى مصر وأنه صناعة مصرية بالكامل- موجهة للجمهور المصرى.
وأضافت أنها بدأت التفكير فى الفيلم فى شهر فبراير عام ٢٠٢١، ثم بدأت كتابة النسخة الأولى منه فى شهر يونيو من العام نفسه، وأنهت تصوير الفيلم فى شهر فبراير ٢٠٢٢، واستغرق التصوير ٣ أيام فقط.
وأشارت إلى أنها أصرت على الاحتفاظ بـ٣ مشاهد فى الفيلم كما هى فى النسخة الأولى للسيناريو، وهى المشهد الافتتاحى ومشهد المقابلة ومشهد النهاية، مؤكدة أن التعديلات كانت فى الحبكة نفسها، فالنسخة الأولى كانت بها تفاصيل أكثر ولكنها فضلت اختزالها حتى تركز أكثر على ما يفيد القصة دون الدخول فى صراعات جانبية.
وأكدت أن انشغالها بقضايا المرأة كان دافعًا لها لكتابة هذا الفيلم، خاصة أن المرأة فى مجتمعاتنا العربية تمر بالعديد من المشاكل النفسية، خصوصًا موضوعات الاكتئاب والانتحار.
وذكرت أن العديد من الشخصيات حولها تخوض صراعات نفسية مختلفة دفعتها إلى كتابة الفيلم لدعمهم ومساندتهم لإيجاد الحلول للصراع النفسى الذى يمرون به.
وأشارت إلى أنها خلال التحضيرات لشخصية الأم لم تقف عند سر إصابتها بالاكتئاب ولم ترغب فى أن يظهر السبب بوضوح فى الفيلم؛ لأنها أرادت أن يرى الجمهور حالة الاكتئاب كحالة فيتعلق بالشخصية أكثر، ويتعاطف مع الأم ويربط سبب الاكتئاب بقصص مشابهة فى حياته.
أما عن شخصية نادية فقالت إنها حرصت على تقديم خلفية عن هذه الشخصية حتى يتعايش معها الجمهور، ولكن لم تقدمها بشكل صريح حتى تترك للجمهور المساحة للتخيل والتعايش مع الشخصية والشعور بصراع الأجيال المختلفة، وكيف يكون الصراع بين جيلين: جيل يريد تحقيق أحلامه، وجيل آخر متمسك بالعادات والتقاليد.
كما حرصت على أن تظهر شخصية نادية مختلفة عن بنات عائلتها ومجتمعها، وألا تكون محاطة بالكثير من الصديقات، وأن يكون لديها هوس طوال الوقت بالتمرد على حياتها وتغييرها للأفضل.
وقالت إنها حاولت من خلال الفيلم أيضًا تسليط الضوء على عقدة الحجاب التى أصابت المجتمع، مضيفة: «للأسف نحن لدينا عقدة من الحجاب وهى موجودة فى بعض الشركات والأماكن، لذلك رأيت أنه من الضرورى أن تحاول نادية تغيير نفسها حتى يراها الناس بطريقة مختلفة ويتقبلها ذلك الجانب من المجتمع».