كيف تحسب بصمتك «الكربونية» الناتجة عن استخدام الكهرباء؟ هذا الكتاب يجيب

كيف تحسب بصمتك "الكربونية" الناتجة عن استخدام الكهرباء، وتتحكم في الإنباعاثات الحرارية، وكيفية الحد من ملوثات البيئة، والتي تؤدي إلي اضرابات وتغيرات مناخية، وغيرها من الموضوعات، والتي حملها كتاب بعنوان “كيفية حساب بصمتك الكربونية” للباحث دوين باهتشجي، والصادر عن دار العربي للنشر والتوزيع، بترجمة لــ فاطمة أحمد.

بداية يشير مؤلف الكتاب إلي: في حياتنا كثير من العادات اليومية والوسائل التكنولوجية التي تُسهِّل معيشتنا، لكنها في الوقت ذاته تتسبَّب في انبعاث الغازات الدَّفيئة التي من دورها تُحدِث التغيُّرات المناخية.

ولكُلٍّ من تلك العادات والوسائل، بعدٌ مادي؛ فجميعنا ينظر أولًا لهذا البُعد المادي، حسنًا كان أم سيئًا، ثم بعد ذلك يحدد ما إن كان سيستخدم تلك الوسيلة أم لا. فمثلًا عندما نشتري سيارة، نفكر أولًا في استهلاك البنزين؛ أو نتابع أسعار الفواكة والخضراوات واللحوم، ثم نحاول تنظيم مصروفاتنا حسب ميزانيتنا. وهكذا نطبق مقولة: "على قد لحافك مد رجليك".

والآن، بات علينا التفكير في لحافٍ آخر، وتنظيم عاداتنا الاستهلاكية، آخذين في الاعتبار تأثير أنشطتنا على التَّغيُّر المناخي. فكل شيء يبدأ من البيت، ولهذا السبب تمامًا يتحتَّم علينا عمل "ميزانية كربونيَّة" خاصة بنا.

ــ ما هي الميزانية الكربونية؟

ويوضح متابعا: و"الميزانية الكربونيَّة" بتعبير ارتجالي هي خلاصة غاز ثاني أكسيد الكربون والميثان الناتجين عن وقود السيارات أو وسائل التدفئة أو الثلاجة والمصباح في المنازل، أي إن نتاج أنشطتنا عبارة عن انبعاثات كربونيَّة. 

ولكي نتمكن من عمل ميزانية كربونيَّة، علينا أولًا أن نقوم بحساب بصمتنا الكربونيَّة. ومن خلال "كيفية حساب بصمتك الكربونية؟ المسؤولية الفردية تجاه البيئة" ستتعلَّم كيف يمكنك حسابها كما لو كنت تقوم بحساب ميزانية البيت. كما سنتعلَّم المقصود ببصمتنا الكربونيَّة، وكيف يمكننا تحويل: استهلاك الكهرباء. انبعاثات التدفئة. المواصلات. الأنشطة الناتجة عن أسلوب حياتنا إلى بصمة كربونيَّة بعملية حسابية بسيطة تستند إلى بعض الحقائق العلمية، لكنها في الوقت ذاته تحتوي على عديد من الافتراضات. ولذا يجب علينا أن ننظر للبيانات الناتجة عنها على أنها دليل إرشادي. وانطلاقًا من هذا الدليل سنكشف عن نصيب كل فرد في التَّغيُّر المناخي.

ــ البصمة الكربونية للكهرباء

وفي الفصل المعنون بـ “البصمة الكربونية للكهرباء”، يذهب مؤلف الكتاب إلي: الكهرباء عصب الحياة، وجزءٌ لا ينفصل عن حياتنا اليومية؛ فبها يعمل عديد من الآلات والأجهزة التي نستخدمها؛ من التليفون المحمول إلى الأجهزة المنزلية، ومن الكمبيوتر إلى المُكيِّفات، ولكل منها تكلفته الكربونيَّة الخاصة به. تلك التكلفة الكربونيَّة الناتجة عن استهلاك الكهرباء تتغيَّر من بلد لآخر؛ فكل دولة تُنتج الكهرباء الخاصة بها بدمج مصادر طاقة مختلفة عن بعضها، فالدول التي تستخدم بكثرة محطاتِ التوليد التي تعمل بالوقود الحفري كالغاز والفحم، تكون فيها التكلفة الكربونيَّة أعلى نسبيًّا من التي تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة كالرياح، والطاقة الشمسية، والتي تكون تكلفتها الكربونيَّة أقلَّ بكل تأكيد.

وبالنسبة لاستهلاك الكهرباء في تركيا، التي تُعتبر إحدى الدول المستخدمة للوقود الحفري، وخاصة الفحم، والغاز الطبيعي، ترتفع بها التكلفة الكربونيَّة لاستهلاك الكهرباء. ووفقًا لبيانات وزارة الطاقة والموارد الطبيعية، فإن 45.9% من كهرباء تركيا يُنتَج من الغاز الطبيعي، و25.3% من الفحم، و24.5% من الموارد الهيدروليكية، مثل السدود، والخزانات، ومحطات توليد الطاقة الكهرومائية، و2.5% من الوقود السائل، أما 1.87% منها فينتج من مصادر الطاقة المتجددة، مثل الرياح، والطاقة الحرارية الأرضية. 

والحقيقة، إننا لا نعلم من أي محطة تأتي الكهرباء المُوصَّلة لمنازلنا.. إنها تنتج بنظام الشبكات النمطية المركزية، ومِنْ ثَمَّ تُدمج في أحد المراكز، ومنها تُوزَّع إلى المُدُن؛ ولذلك تُؤخذ الانبعاثات الكربونيَّة الناتجة عن متوسط إنتاج الكهرباء كقاعدة أساسية في حساب البصمة الكربونيَّة.

ــ الانبعاثات الكربونية الناتجة عن توليد الطاقة

ويضيف المؤلف: وعند إنتاج متوسط كيلوواط من الكهرباء، ينبعث متوسط 0.43 كجم من الكربون. أي عند استهلاكك كيلوواط من الطاقة، فإن بصمتك الكربونيَّة تساوي 0.43 كجم، وهو مقدار الانبعاثات الكربونيَّة الناتجة عن توليد هذه الطاقة.

وعند الاطلاع على دليل استخدام أي جهاز كهربائي نشتريه في منزلنا، سنجد في الإرشادات خانة تُسمَّى "القُدرة" الكهربائية، ويُقصَد بها الطاقة الكهربائية التي يبذلها الجهاز أثناء عمله بانتظام لمدة ساعة. فمثلًا، إذا كان لدينا جهاز سعته 2000 واط. فإن الانبعاثات التي ستنتج عن عمله لمدة ساعة: 2000 واط × 1 س = 2000، واط. ساعة = 2 كيلوواط في الساعة.

2 كيلوواط في ساعة × 0.43 كجم = 0.86 كجم (860 جم) انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

أي إننا إذا استخدمنا هذا الجهاز لمدة ساعة، فسنكون قد استهلكنا 2 كيلوواط في الساعة من الكهرباء، وبالتالي تسبَّبنا في انبعاث 860 جم من الكربون.

والآن، وفي ضوء ما ذكرناه، دعونا نُلقِ نظرة على الاستهلاك الكهربائي لبعض الأجهزة المنزلية التي نستخدمها بصفة مستمرة، وكذلك على القيمة المساوية لهذا الاستهلاك باعتبارها بصمة كربونيَّة:
 

من الصعب للغاية أن نقوم بعمل قائمة بجميع الأجهزة الكهربائية الموجودة في منزلنا، ونقرأ قُدرتها الكهربائية من دليل الاستخدام، ومِنْ ثَمَّ نحفظه في عقلنا، وبعدها نسجل المدة الزمنية التي استخدمناها فيها يومًا بيوم، ومنه نحسب كمية الكهرباء التي استهلكناها، وبعد ذلك نحسب البصمة الكربونيَّة الناتجة عن استخدام هذه الأجهزة. حقًّا إنه أمر شاق، ويستغرق وقتًا طويلًا، بل وتكراره كل يوم أو أسبوع أو شهر، سيكون بالغ التعقيد. هذا، إن وجدنا أصلًا من لديه الوقت والدافع الذي يحفزه لشيء كهذا.

وبدلًا من هذا كله، يمكننا بكل سهولة أن نعرف استهلاكنا الشهري من الكهرباء، من خلال الفاتورة التي تأتينا كل شهر أو شهرين؛ فالنقطة الوحيدة التي تجذب انتباهنا عند تسلُّم الفاتورة؛ كم سندفع هذا الشهر؟ مع أنه يوجد بها كمية استهلاكنا في تلك الفترة الزمنية بالتفصيل، وذلك في خانة كيلوواط/ ساعة (ك.و.س).

وفي الواقع، يكفي أن نستعين بالفواتير في حساب البصمة الكربونيَّة، لأن معلومة كمية الاستهلاك موجودة في جميع الفواتير، سواءً كانت تأتي كل شهر أو شهرين. وبقراءة كمية الاستهلاك نستطيع إيجاد بصمتنا الكربونيَّة بعملية حسابية بسيطة. وهكذا، سنعرف إلى أي مدى نتسبَّب نحن كأشخاص في التَّغيُّر المناخي الذي يُعَدُّ عنصرَ تهديدٍ عالمي.

إن تصاميم الفواتير الكهربائية، وفترات سدادها، وكذلك المبلغ المطلوب لكل كيلوواط، تتغيَّر من محافظة لأخرى، لكن خانة "القراءة الأولى"، و"القراءة الأخيرة"، و"كمية الاستهلاك (ك.و.س)"، موجودة في جميع الفواتير الكهربائية، ومنها نستطيع أن نعرف كمية استهلاكنا في الفترة، إما مباشرةً بقراءة خانة "ك.و.س"، وإما بطرح القراءة الأخيرة من الأول.

وأثناء قراءة تلك البيانات، علينا الانتباه لعدَّة نقاط:

1- من الممكن أن تكون الفاتورة دورية؛ كل شهر أو شهرين. فإن كانت الأخيرة فبإمكانكم حساب متوسط استهلاككم الشهري، بقسمة كمية الاستهلاك على اثنين. أما بالنسبة للفترة الزمنية فستجدونها في خانة "بداية الفترة : نهاية الفترة".

2- كما يمكنكم إيجاد فترة الاستهلاك أيضًا بحساب الفارق الزمني بين "تاريخ القراءة السابقة - تاريخ القراءة الحالية" كما يُكتب أعلى الفواتير - وفقًا للمواصفات المعيارية - في بعض المحافظات. وهنا، يجب أن ننتبه لنقطة؛ ليس من الضروري أن تكون تلك الفروق الزمنية شهرًا أو شهرين بالتمام والكمال؛ فموظفو قراءة العدَّاد يأتون أحيانًا مبكرًا أو متأخرًا بضعة أيام. لكن علينا ألا ننسى أن حساب البصمة الكربونيَّة ما هو إلا تقدير افتراضي، وعلى هذا لا بد أن نأخذ في الاعتبار أن مسألة مرور عدد من الأيام، ليس مهمًّا كثيرًا.

فمثلا: إذا كان لدينا فاتورة تاريخ قراءتها السابقة: 2/ 12/ 2009، وتاريخ قراءتها الحالية: 3/ 1/ 2010، فسنرى أن كمية الاستهلاك هي 32 يومًا، ولكي نحسب استهلاك شهر ديسمبر: نُقسِّم قيمة الاستهلاك على 32، ونضرب الناتج - وهو متوسط الاستهلاك اليومي - في 31، وبالتالي نحصل على كمية الاستهلاك في شهر ديسمبر. وهذه ستكون فرضية جيدة لحساب البصمة الكربونيَّة.

أو يمكننا اعتبار كمية الاستهلاك المكتوبة بالفاتورة على أنها استهلاك شهر ديسمبر واستخدامها مباشرة. وهذه أيضًا تُعَدُّ فرضية جيدة.

ويوضح “المؤلف”: ويمكنكم إجراء العملية الحسابية بأيٍّ من الطريقتين.

لكن في بعض المحافظات تتغيَّر أسعار شرائح الاستهلاك بين الليل والنهار؛ ولذلك يمكن أن تكون قراءات المؤشر منفصلة: واحدة لليل، وأخرى للنهار؛ لذا عليكم أن تُركِّزوا على "كمية الاستهلاك" الموجودة في خانة النشاط.

وفيما يلي، نموذج لفاتورة إحدى الشركات المسؤولة عن توزيع الكهرباء في الجانب الآسيوي من إسطنبول.

لنقوم بحساب البصمة الكربونيَّة الناجمة عن الاستهلاك الشهري في هذه الفاتورة.

القراءة الأخيرة: 3.730.000

القراءة الأولى: 3.484.000 

الاستهلاك: 246.000 (ك.و.س ) في الفترة: 4/ 2012.

لنطبق ما شرحناه سالفًا؛ عند إنتاج متوسط كيلوواط من الكهرباء، ينبعث متوسط 0.43 كجم كربون. 

ووفقًا لتلك المعطيات، تكون الأسرة التي تسلَّمت هذه الفاتورة قد تسبَّبت في انبعاثات كربونيَّة خلال شهر أبريل، وقدرها: 246.000 ك.و.س × 0.43 جم / ك.و.س = 105.780 جم انبعاثات كربونيَّة.

وفرضًا، إذا كان هناك فردان يسكنان في هذا المنزل، فإن البصمة الكربونيَّة لكل فرد في هذا الشهر: 52.89 جم من الانبعاثات الكربونيَّة.