محللون سياسيون عن قمة الجزائر: فرصة لتوحيد الجهود ومواجهة تحديات العرب
أكد محللون عرب أهمية وحساسية التوقيت الذي عقدت فيه القمة العربية الـ31 التي احتضنتها الجزائر على مدار يومي 1 و2 نوفمبر الجاري، مشددين في تصريح لـ"الدستور" على ضرورة توحيد الرؤى والجهود العربية لمواجهة التحديات الراهنة.
وضع النقاط على الحروف
وقال عضو المجلس الوطني الاتحادي بدولة الإمارات العربية المتحدة ضرار بالهول الفلاسي، إن القمة العربية في الجزائر جاءت تحت شعار "لم الشمل" لترسم عبر ذلك الشعار المعنى والهدف من ذلك الاجتماع الكبير المستوى على جميع الأصعدة، لافتا إلى أن حاكم دبي رئيس الوزراء نائب رئيس الدولة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قال عبر حسابه في "تويتر" إن مواقف الإمارات في الخمسين عاما الماضية ثابتة في دعم القضايا العربية التي هي أساس توجهاتها وعملها البناء؛ كون رسالة دولة الإمارات تعزيز العمل العربي المشترك الذي سيبقى الهدف الرئيسي في سياسة الامارات الخارجية.
وأضاف الفلاسي في تصريحات أدلى بها إلى "الدستور"، أن عودة سوريا لمقعدها في جامعة الدول العربية، لم يحسم حتى الآن، وسوف يحال في الوقت المناسب عبر وزراء الخارجية إلى القادة العرب، وحينها بالتأكيد سيتم اتخاذ القرار المناسب فيه خلال القمة.
وأشار عضو المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي، إلى أن الوضع الراهن اليوم يستدعي كل الجهود للوقوف صفا واحدا أمام كل التحديات التي تهدد الأمن والاستقرار الدولي، مؤكدا أن أن القمة العربية لها دورها الهام الذي يضع النقاط على الحروف، ويرسم خارطة طريق واضحة هدفها الأول والأخير استقرار المنطقة ودعمها في المجالات المختلفة في عملية التطوير والتقدم والازدهار.
ومضى الفلاسي قائلا: ما رأيناه في القمة مبشر للغاية، وهناك دور كبير للدول المشاركة، وإن غاب القادة فهناك ممثلين لهم قد حضروا تلك القمة المهمة، ولديهم جميع التعليمات بالعمل الجاد والبناء للتوافق العربي والدولي لما فيه مصلحة الجميع، لذلك نرى بأن التنسيق مشترك ومتكامل وله أبعاد مستقبلية مشرقة ومهمة.
من ناحيته، قال البرلماني الكويتي السابق طلال السعيد، إن الكويت حاضرة في قمة الجزائر بوفد عال المستوى برئاسة ولي العهد، وهذا بالتأكيد يعني أن الدولة مع الإجماع العربي، وتدعم جهود إنهاء كل الخلافات العربية.
وأضاف السعيد في تصريحات أدلى بها إلى "الدستور"، أن هذا شعور الشارع والقيادة الكويتية، متابعا: لكن أتصور أن هناك خلافات كبيرة جدا من الصعب تجاوزها، مثل الخلاف المغربي الجزائري حول قضية الصحراء، وهذا الحلاف منع المغرب من حضور القمة.
غياب سوريا
وتساءل البرلماني الكويتي السابق، عن مقعد سوريا الشاغر في جامعة الدول العربية بقوله: من يمثل الشعب السوري؟ ومن يحضر نيابة عنه، النظام أم المعارضة، وللحقيقة والتاريخ، لا النظام سقط، ولا المعارضة استطاعت توحيد كلمتها.
وشدد السعيد على ضرورة عقد قمة خاصة لبحث مسألة عودة سوريا إلى الجامعة العربية، لافتا إلى أن هذا الموضوع ليس رئيسيا في قمة الجزائر، ولهذا يحتاج اجتماعا خاصا.
وعبر البرلماني الكويتي السابق عن أمله في أن تحقق القمة الحد الأدنى من التضامن العربي الذي تتطلع إليه شعوب المنطقة، لافتا إلى المتابعة الشعبية الكبيرة في الشارع العربي لفعاليات القمة عكس ما كان متوقعا.
ويرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي المغربي سامي جولال، أن القمة العربية الـ 31 في الجزائر انعقدت في وقت تعيش فيه العلاقات المغربية-الجزائرية توترا كبيرا، لكن رغم ذلك كانت تعليمات الملك محمد السادس، واضحة، بضرورة المشاركة في هذه القمة، وبشكل بناء، وذلك وعيا بأهمية التحديات المطروحة على طاولة القمة.
وأضاف جولال في تصريحات أدلى بها إلى "الدستور"، أن الملك المغربي كان- وفق ما كشفه وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة- من أوائل القادة العرب، الذين عبروا عن استعدادهم للذهاب إلى القمة، وبلغ المغرب جامعة الدول العربية رسميا بذلك، وكل التحضيرات كانت تسير في اتجاه حضوره، قبل أن يختار في النهاية عدم المشاركة لاعتبارات معينة، ويوجه في المقابل بأن يشارك الوفد المغربي، برئاسة وزير الخارجية، مشاركة إيجابية في القمة، وهو ما حدث بالفعل.
رأب الصدع
وأشار جولال، إلى أنه لا بد من التذكير بأن شعار "لم الشمل" قبل أن يكون شعارا رسميا لهذه القمة، فهو شعار السياسة التي يتعامل الملك محمد السادس، منذ سنوات، مع التوتر القائم بين البلدين، لدرجة أنه دعا حكام الجزائر في أكثر من خطاب ملكي لرأب الصدع، وتجاوز الوضع المتوتر بين البلدين، وفتح الحدود البرية المغلقة بينهما منذ 1994، وإطلاق آلية سياسية مشتركة للحوار، لكن الطرف الجزائري لم يتفاعل مع هذه المبادرات.
وأكد المحلل السياسي المغربي، على أن المغاربة والجزائريين شعبان شقيقان، تجمع بينهما أواصر الأخوة والمحبة المبنية على مشتركات عدة، تشمل الدين الإسلامي، والتاريخ المشترك، والعادات والتقاليد، والحدود البرية، وعلاقات المصاهرة، وغيرها من الروابط المتينة الأخرى، إذ يتشارك الشعبان المغربي والجزائري الكثير من مكونات هويتهما الثقافية، خصوصاً في الشرق المغربي والغرب الجزائري.
ومضى قائلا: لا شك أن تجاوز التوتر المغربي-الجزائري سيؤدي إلى إحياء حلم "اتحاد المغرب العربي" المجهض، وتفعيله من جديد، بعدما تجمد، وأصبح مجرد إدارات متفرقة في البلدان المغاربية، منذ آخر قمة لقادته في سنة 1994 بتونس، بسبب خلافات سياسية بين الدول الأعضاء، إذ يعد الصراع المغربي الجزائري، والحرب الليبية، من أبرز معيقات إحياء الاتحاد الذي من شأنه، إذا أعيد تفعيله، تخليص دول المغرب العربي الخمسة من التبعية الأجنبية، وتحويلها إلى قوة اقتصادية، وسياسية، وعسكرية، وتفاوضية كبيرة.
رفض التدخلات الأجنبية
وكان بيان قمة الجزائر، قد أكد على رفض التدخلات الخارجية في شؤون الدول العربية والتواجد غير الشرعي لأي قوات أجنبية.
كما نص البيان على ضرورة تحقيق حل ليبي ليبي، لتسوية الأزمة، عبر خروج المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد، بالإضافة إلى على ضرورة ضرورة تجديد الهدنة الإنسانية في اليمن كخطوة أساسية للتوصل لحل سياسي شامل للأزمة، مع استمرار العمل على التوصل لحل سياسي للأزمة اليمنية وفق المرجعيات المعتمدة.
وشدد بيان قمة الجزائر، بالتأكيد على وحدة أراضي سوريا ودعم الحل السياسي المبني على الحوار. وجاء إعلان قمة الجزائر، مؤكداً على أن التوترات الراهنة تسلط الضوء على الحاجة الملحة لمعالجة الاختلالات الحالية ووضع حد لتهميش الدول النامية.
كما رحب البيان بإعلان الجزائر الذي يهدف إلى لم الشمل الفلسطيني، مؤكداً على ضرورة مواصلة الجهود لحماية القدس.
ورفض البيان جميع أشكال التدخل الخارجي في شؤون اليمن، مؤكداً على دعم الجامعة العربية للحكومة الشرعية في اليمن.