كُتاب يردون على إساءة صافى ناز كاظم لـ بهاء طاهر: «عايزة تتعالج»
من وقت لآخر تثير الكاتبة الصحفية صافي ناز كاظم الانتباه بكتابة غير مألوفة تتجاوز فيها حدود النقد إلى ما يمكن وصفه بالطعن، هذا الأمر الذي أثار حفيظة العديد من المثقفين المصريين للرد عليها عقب تعقيبها على خبر رحيل بهاء طاهر.
وكتبت صافي عبر صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: «مات بهاء طاهر، كان من كوابيس جيلي الثقافية؛ لو جاملناه نقول: روائي متوسط الموهبة. استحل لنفسه جوائز كثيرة مغتصبة ممن كانوا أحق».
الأمر الذي أثار الجدل ودفعنا للسؤال: لماذا الآن، ولماذا يتجاوز كاتب في حجم وتاريخ صافي ناز كاظم من النقد إلى الطعن في شخص أحد مجايليه ليلة رحيله؟، وفي التقرير التالي نحاول الإجابة على تلك الأسئلة.
في البداية يقول الكاتب أشرف الصباغ: «من حق السيدة صافي ناز كاظم أن تعرب عن رأيها، ولها كامل الحرية في الإعلان عن هذا الرأي، كما أنها تملك الحق الكامل في توجيه النقد لأي عمل أدبي أو فني مهما كان اسم المؤلف أو المخرج، لكن فكرة أن تطعن في الناس وتقول رأيها في شخصهم وفي حجم موهبتهم وليس في أعمالهم، فهذه طريقة منحطة جدًا للنظر إلى العالم والتعامل مع البشر، المشكلة في الاعتقاد الراسخ بامتلاك الحقيقة واليقين، وهو ما يجعل البعض يتعالى بهذا الشكل، ويمنح نفسه الحق في كيل الاتهامات والإمساك بترمومترات تقيس حجم الموهبة وجودة الأخلاق، غير أن المرعب هو عملية الطعن وإصدار أحكام القيمة وتلك الأحكام القاطعة التي إما تقضي بالتقديس وإقامة التماثيل أو بالإعدام والمحو».
وأضاف الصباغ: «لنعترف بأننا مجتمع «وِدَني»، نعمل فقط بالسمع و«العنعنة»، لا نفكر قبل أن ننطق بالكلام، ولا نفكر بتمعن فيما نقرأه أو يُنْقَل إلينا. هناك دور للجهل وانعدام التربية في حالة الانحطاط التي وصلنا إليها. لكن يوجد الأخطر من ذلك، عندما يشعر الإنسان بامتلاكه الحقيقة واليقين. في هذه الحالة سينظر إلى الناس باستعلاء، ويراهم صغارًا ومذنبين طوال الوقت ولا يقومون بالواجب اليومي، وبأنهم ليسوا على مقاس دماغه ولا أفكاره».
وتابع: «في الحقيقة هذه ليست «العَمْلَة» الأولى للأستاذة صافي ناز كاظم، وبهاء طاهر ليس الكاتب الأول الذي يتعرض لهذا «الثغاء»، فهناك نجيب محفوظ وخيري شلبي وعشرات غيرهم. وأعتقد أننا لم ننس بعد ما فعلته أيضًا بعد وفاة الناقدة الراحلة الدكتورة نهاد صليحة، حيث كالت لها الطعنات وصبت عليها جام غضب «الآلهة»، وفعلت ذلك أيضًا مع حسين أحمد أمين في أحد اللقاءات التليفزيونية. وعلى الرغم من علاقتهما الجيدة والقديمة إلا أنها لم تتورع عن «بهدلته» أمام الكاميرات، وكادت تلقي به إلى خارج الاستديو، بينما كان الرجل في غاية الارتباك والحيرة والرعب».
وأوضح الصباغ: «أنا شخصيًا في غاية الارتباك، وأخشى التورط في إصدار أحكام أو قراءة نوايا. ولكن إذا حللنا خطاب السيدة صافي ناز كاظم، ودققنا في الـ(22) كلمة التي كتبتها، سنجد أن المسألة لا تقتصر فقط على النقد أو الرأي الشخصي، وإنما يجب أن نبحث في مشاكل الأستاذة صافي ناز مع أبناء وبنات جيلها. ويبدو أن هناك مشكلة شخصية لدى الأستاذة، وبالتالي يمكننا أن نفهم تلك الحدة التي تشبه تصفية الحسابات القديمة أو عملية الانتقام».
واختتم: «في نهاية المطاف، علينا أن نوفر طاقتنا ونحافظ على عقولنا، وننظر إلى الأمر، وكأن مواطنة قالت رأيها الشخصي مقابل آلاف وعشرات الآلاف من الآراء الأخرى الأكثر منطقية وعلمية واحترامًا. في الحقيقة، الناس يتعاملون معها طوال السنوات الأخيرة بشكل من الحذر، وعندما يأتي ذكرها، يبتسمون ويهزون رءوسهم في صمت بدون أي تعليق. وعمومًا، من الصعب أن نعيد إصلاح أو تربية الناس، وخاصة أولئك الذين يتصورون أنهم يمتلكون الحقيقة واليقين، أو الذين يشعرون بالعزلة والدونية ومن ثم الاستعلاء. يجب أن نشفق عليهم، ونحاول أن نتفهمهم، بل ونطالب بعلاجهم بأسرع وقت ممكن».
من جهته كتب الكاتب الصحفي والروائي شريف صالح عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: «في بداية حياتي الصحفية التقيت الأستاذة صافي ناز كاظم، وأعجبني اتساقها مع نفسها وشجاعتها أنها بتقول للأعور يا أعور مباشرة ولا تزوق الكلام، ولما ظهرت غاضبة على شاشة الجزيرة تركت إفيه لا ينسى، وفي الوقت دا قبل ربع قرن كنت التقيت معظم المثقفين الكبار وعملت معهم حوارات، وكانت الأستاذة صافي الوحيدة اللي انزعجت ليه حد بموهبتي مايشتغلش في مؤسسة صحفية حكومية؟ (كان شغلي وقتها في مكتبي الخليج الإماراتية مع أستاذي أحمد الجمال والجزيرة السعودية مع أستاذي الدكتور محمد شومان)، المهم وقفت معي الأستاذة صافي وقفة بمية رجل وكلمت سمير رجب لإعطائي فرصة في الجمهورية».
وتابع صالح: «فعلًا التحقت تحت التمرين بها (والحقيقة كان عندي وسايط تعيني في أي مؤسسة صحفية في مصر وقتها، لكنني لم أرغب وفضلت وساطة صحفية معروفة لأنها صيغة منطقية ومحترمة وما عداها أبواب خلفية لا احترمها)، عملت في الجمهورية أكثر من ثلاث سنوات وعاصرت شبابًا يقودونها الآن واستفدت من أساتذة كبار فيها، ومع أن الجميع كان يعلم أني اشتغلت بتزكية صافي ناز مرة قال لي زميل كبير السن: أنت مخبر؟ قلت له ليه؟ قال لي صعب حد يتمرن في القسم دا ومع نواب رئيس التحرير إلا لو مخبر».
وأشار: «كان الرجل الله يرحمه بيتكلم بيقين وكنت مستغرب منطقه، لأني العكس كنت شايف أنه مش مكاني وكان سهر مرهق لي.. وبدون أجر تقريبًا وسرعان ما تخليت عنه غير نادم».
وأكد: «احتفظت بعلاقة ود مع صافي ولم أنس فضلها، وتفهمت آراءها النارية، من ليس معها ضدها. فمثلًا أحمد فؤاد نجم أعظم شاعر عامية (والد ابنتها) وهو شاعر عظيم قطعًا، لكن لا مجال لمناقشتها أن فؤاد حداد فتح فتوحات في العامية لم يسبقه إليها أحد».
وتابع: «بمرور الزمن تلاشى التواصل بيننا وقبل ستة أعوام على ما أذكر، شنت هجومًا حادًا على أستاذتي نهاد صليحة بسبب تكريم حظيت به، وآلمني أن تكتب بتلك القسوة ونهاد كانت في مرض الموت تقريبًا، وآخر همها التكريم.. وماتت فعلًا»، موضحًا: «من عادة صافي ناز إطلاق أحكامها بيقين متأثرة جدًا بميولها الإسلامية المحافظة، ومعاركها الشخصية وربما يخشى كثيرون الاشتباك معها لحدة آرائها».
وتابع: «طبعًا هي حرة في انطباعاتها عن الناس، أنا نفسي لم أكره زميلي لما قال لي أنت مخبر (أكيد ماكنش دا بقى حالي)، لكن المشكلة في تعميم الانطباعات الذاتية، ومنحها صبغة الحكم العام، يمكن أن أقول إن سناء البيسي دفعة صافي ناز أكتر موهبة منها في كتابة المقال الصحفي، لكن تعميم الانطباع يستوجب دراسة وتحليلًا ومقارنة، فعليها إما أن تتوقف عن إطلاق الأحكام، أو تثبتها لنا ولو وفق مرجعيتها وخبرتها، حتى لو عندها خبرة شخصية ضد الأشخاص، فمن المنطقي أن تواجههم في حياتهم لمنحهم حق الرد».
واختتم: «لا أعرف هل حصلت صافي ناز على هذا الأسلوب كرد فعل على الخذلان، أم هو بسبب إسلامويتها، التي تختزل الناس في مؤمنين معها وكفار هي ضدهم، ولا أظن أن نهاد ولا بهاء كانا ضدها، ولا قالا بحقها ما يقلل منها، لكن لا أفهم إصرارها على المعارك والتحقير والانتقام من موتى، لا أفهم كثيرًا من المثقفين ولا الإسلامويين، في تربية الكره، ليه نزرع نقاط سوداء في قلوبنا وقلوب غيرنا، النقد مش سيف أبدًا ولا حبل مشنقة النقد بوصلة تشاور على الجمال وتضاعف إحساسنا به».
كما كتب الكاتب والناقد سيد الوكيل عبر صفحته بموقع فيس بوك: «لست على يقين من صحة هذا البوست لـ صافي ناز كاظم مع كل التقدير والاحترام لها، وبغض النظر عن قيمة بهاء طاهر مبدعًا، فالتقييم النقدي نسبي وتختلف معاييره بين ناقد وآخر، وتستند إلى مناهج علمية لا يملكها أي شخص غير متخصص».
وتابع: «لكني أدرك أن أفراد هذا الجيل، تبادلوا الاتهامات، والتخوين فيما بينهم، وقد طال هذا كبارهم وعلى رأسهم نجيب محفوظ».
واختتم: «الوعي المؤدلج، لا يختلف عن الوعي الديني المتزمت، كلاهما وجها عملة واحدة وأتوقع رد فعل عنيفًا لتؤكد ما أقول».