في حواره لـ«الجارديان»..
وزير الخارجية: محادثات مناخية حاسمة بين قادة العالم خلال «COP27»
حذر سامح شكري، وزير الخارجية ورئيس الدورة 27 لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ «COP27»، من أن هدف الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية أصبح «أكثر هشاشة» من أي وقت مضى.
وأشار شكري، في حواره مع صحيفة «الجارديان» البريطانية، إلى أن قادة العالم يستعدون للاجتماع في قمة COP27 في مصر من أجل إجراء محادثات مناخية حاسمة.
وقال: "صياغة اتفاق ستكون أصعب من أي محادثات مناخية مؤخرًا، بسبب الاقتصاد العالمي المضطرب والصعب، والتوترات الجيوسياسية التي سببتها حرب أوكرانيا، كما أن الاتفاق الذي جرى خلال مؤتمر جلاسكو (Cop26)، العام الماضي، طغت عليه الأوضاع الدولية الحالية".
تراجع الدول المتقدمة عن التزاماتها حول المناخ
وتابع وزير الخارجية، في حواره الذي نُشر اليوم السبت: "ظروف عقد COP27 صعبة للغاية، وتتجاوز الظروف التي كانت موجودة في باريس أو في جلاسكو من حيث التحدي، والآثار الاقتصادية أو الجيوسياسية، لكن علينا أن نظل متفائلين ونحاول إبعاد عملية التفاوض عن بعض الظروف الخارجية"، محذرًا من أن الدول الغنية تفقد ثقة العالم النامي، لأنها تخلفت عن الوفاء بالتزاماتها بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتوفير التمويل المناخي للدول الفقيرة.
وأوضح أنه في حال كانت الدول المتقدمة تريد التراجع أو الانحراف عن التزاماتها وجهودها للحفاظ على تلك الاتفاقيات والتفاهمات التي تم التوصل إليها في باريس وجلاسكو، فذلك يعني أن العالم يسير للحصول على ارتفاع درجات الحرارة بأكثر من درجتين مئويتين وربما 3.6 درجة مئوية، وفقًا للدراسات العلمية المتوفرة، قائلا: "هذه تناقضات ويجب على الجميع أن يكونوا جادين في التعامل معها".
وأضاف شكري :"تحولت بعض الدول الغنية، بما في ذلك بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، إلى زيادة إنتاج الوقود الأحفوري، وسط أزمة الطاقة التي أدت إلى ارتفاع أسعار الغاز".
إخفاق الدول فى تحقيق أهدافها يعد أخطر قضية
وأعرب عن رفضه التمييز بين الأفراد، كما حذر من أن زيادة اعتماد الدول على الوقود الأحفوري يقوض هدف مواجهة التغيرات المناخية، كما يعرض الجميع للخطر، قائلا: "نحن نشجع جميع الأطراف على الامتناع عن التراجع عن زيادة الاعتماد على الوقود الأحفوري، فعودة الاعتماد عليه لا تمثل حافزًا للبلدان النامية، التي يتم تشجيعها على الانتقال من الوقود الأحفوري، وأعتقد أن على الفرد أن يكون قدوة في ذلك الأمر".
وأشار إلى أن إخفاق الدول المتقدمة في تحقيق أهدافها الخاصة بالانبعاثات يعد أخطر قضية، موضحًا: "نحن ندرك الظروف الجيوسياسية التي تطورت خلال العام، سواء كانت الحرب الروسية الأوكرانية، أو التوترات بين الولايات المتحدة والصين، ولكن على نطاق أوسع، عادت قضية الثقة إلى الواجهة مرة أخرى، بعد الزخم الذي أوجدته باريس وجلاسكو في كيفية تحقيق تقدم عند التعامل مع تغير المناخ".
وأضاف أن الثقة ستنشأ من وفاء البلدان المتقدمة بالتزاماتها بشأن الانبعاثات، والمعروفة باسم المساهمات المحددة وطنيًا، وتوفير التمويل للعالم الفقير، متابعًا: "كنا نأمل أن تتم ترجمة الزخم الذي جرى في COP26 لمساهمات وطنية واضحة، لكن حتى الآن، لم يقم سوى عدد قليل جدًا من الدول، بينها مصر، بإيداع المساهمات المحددة وطنيًا لدى أمانة الأمم المتحدة للمناخ، ولذلك نأمل أنه خلال COP27، سيتم تقديم المزيد، ليس فقط التزامات الدول، لكن رغبتهم في تنفيذ تلك الالتزامات بطريقة مؤثرة".
إبعاد عملية التفاوض عن التوترات الجيوسياسية
وشدد شكري على أن مسألة الثقة أمر أساسي، مؤكدًا أن الدول النامية تراقب الوضع وترى إلى أي مدى يجب أن تستمر في تحمل الأعباء التي قالت إنها ستتحملها، وإذا رأوا أن هناك آخرين لديهم قدرة أكبر، ومرافق أكبر، ولا يفعلون ذلك، فيجب أن يكون أولئك الذين ساهموا أكثر في المشكلة أكثر استعدادًا للمساهمة في حلها.
وقال وزير الخارجية: "الدول يمكنها، بل ويجب عليها، التغلب على النزاعات التي نشأت منذ COP26، وعلينا أن نحاول عزل التوترات والخلافات الجيوسياسية والتركيز على القضية المطروحة، وهي كيف نمضي قدمًا معًا، لأننا لا نستطيع التحرك بشكل مستقل، لن ننجح حينها، وعلينا أن نتحرك معًا إذا أردنا تحقيق تقدم، وأردنا التعامل مع تغير المناخ بشكل فعال".
شكرى يعرض الوساطة بين الصين وأمريكا
وخلال حواره مع «الجارديان»، عرض شكري التوسط في المناقشات بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وهما أكبر دول العالم في الانبعاثات، قائلا: "لقد أجريت مناقشات مستفيضة مع كلا الجانبين وعرضت إمكانية الاتصال، وسنرى كيف تتطور الأوضاع خلال COP27 نفسها".
وتابع: "مصر ستظل ترحب بالملك البريطاني تشارلز إذا حضر COP27، ونحن ندرك أنه داعمًا وثيقًا للتعامل مع تغير المناخ، وكان له تأثير بحكم مكانته، وأيضًا لالتزامه الشخصي تجاه هذه القضية، وكان قائدًا يحتذى به في هذا الصدد، لذا فمن المؤكد أن وجوده سيكون قيمة مضافة إلى مباحثات مؤتمر المناخ".
وقالت «الجارديان» إن شكري رفض انتقاد ليز تراس، رئيسة الوزراء البريطانية السابقة، والتي قيل إنها منعت الملك تشارلز من حضور COP27، وعند سؤال شكري عما إذا كانت المملكة المتحدة ساهمت بشكل إيجابي يكفي في مؤتمر المناخ المقبل، أجاب: "حسنًا، دعنا نقول إن ألوك شارما، رئيس COP26 المنتهية ولايته، قد فعل ذلك، وليس من المناسب إجراء تقييم للمملكة المتحدة، وابتعادها عن الوقود الأحفوري، ويجب أن يقرر المجتمع العلمي ذلك".
وشدد شكري على أن منظمات المجتمع المدني ستكون قادرة على المشاركة الكاملة في COP27، قائلا: "نأمل في أن يكون لدينا مساهمة ومشاركة مهمتان، والمساحة المفتوحة أمامهم ستكون أكبر من تلك التى كانت موجودة في مركز مؤتمرات جلاسكو، وأن هناك 9 آلاف ممثل قد سجلوا بالفعل، ولقد شجعني حماسهم والتزامهم ومناصرتهم، وأعتقد أن لديهم دورًا مهمًا في الحفاظ على صدق الحكومات وعلى المسار الصحيح، وهم الجمهور الأكثر اهتمامًا بالقضية".