المقص.. والإرهاب
متواجد منذ سنوات طويلة للعمل في إحدى دول الخليج، سأقول شيئا مهما للغاية لنا كدولة وشعب مصر، في تلك الدولة وأيضًا باقي دول الخليج لا يجرؤ مواطن أو وافد على التفكير في عمل الخطأ، سواء بالقول أو الفعل، لأن النتيجة ستكون رد فعل فوريا وقويا من السلطات المعنية، هكذا أصبحت تلك الدول واحة للأمن والأمان والمواطنة وأيضا التقدم والازدهار.
هكذا هو العكس في وطني مصر، التي أصبحت مستنقعا يموج بالأخطاء في القول والفعل والنتيجة، مزيد من الانحدار والتراجع والخوف وعدم الأمان، فكفى أن تتصفح موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، لتقرأ وتسمع كل ما هو خارج عن إطار الأدب والأخلاق وأيضًا القانون، ورغم ذلك لا يُحاسب أو يُعاقب أحد، والنتيجة اتساع رقعة ذلك المستنقع وخطورته على أمن المجتمع واستقراره.
فالجميع قد قرأ عما حدث من شاب مصري متطرف اسمه إبراهيم خليل يعمل في دولة الإمارات الشقيقة، والذي علق على أحد منشورات الفيسبوك حيث قال: "هو لو كل واحد مننا اشترى مقص وقابل أي واحدة كاشفة شعرها قام قاصص لها شعرها مش هتلاقي واحدة من غير حجاب"، وتداخلت السيدة أسماء وهدان، باحثة الدكتوراه المصرية بنت محافظة الشرقية، وعلقت له: "إنت قد تعليقك دا؟" فرد عليها المتطرف إبراهيم خليل: "طبعا قده بس المشكلة مش لاقي المقص".
وهنا نلاحظ من خلال التعليق للشاب المتطرف والسيدة المصرية الشجاعة أن هذا الشاب تمتلكه ثقافة متطرفة يجاهر بها علنا بالتهديد والوعيد والإرهاب، والسبب لأن مجتمعه الذي عاش به لا يقاوم أو يعاقب تلك الثقافة، بل يعطيها المساحة والحماية للتواجد والانتشار، فنسي نفسه واعتقد أنه في مصر كمثل ما يفعله الكثيرون من الإرهابيين والمتطرفين والمنفلتين، وقام بالتهديد الإرهابي المبطن، وعلى الجانب الآخر كان رد السيدة المصرية الشجاعة كله ثقة لأنها تعلم مدى قوة القانون في دولة الإمارات التي يعيش على أرضها ذلك المتطرف، فكان ردها مقتضبا حيث قالت: «إنت قد الكلام دا؟»، بحيث تعطيه فرصة للتراجع قبل وقوعه في قبضة القانون الإماراتي القوي، لكن لأنه متطرف ومتشبع بثقافة الرجعية والغباء فأكد في تعليقه وقال: "طبعا قده بس المشكلة مش لاقي المقص".
وبالطبع لأنها دولة قانون ولديها كل أدوات التواصل السهل لحماية الوطن من تلك الثقافة المتطرفة، فقامت السيدة المصرية بالتواصل على رقم واتس آب متخصص من الجهات المعنية للإبلاغ عن مثل تلك التعليقات، وقالت لهم: «أنا عاوزة أبلغ عن شخص عامل COMMENT على «FACEBOOK في التو واللحظة أرسلوا لها الموقع الذي ترسل عليه شكواها، وبالفعل أرسلت صورة من التعليقات، وقد كان، تم الوصول لهذا الشاب المتطرف والقبض عليه، وتقرر ترحيله خارج أرض الإمارات إلى مصر.. هكذا تفرض ثقافة الالتزام والنظام بقوة القانون.
وكان من أقوى ما كتبته السيدة المصرية على صفحتها في الفيس عن الشاب المتطرف: «ده طبعا نتيجة تربية شيوخ الدواعش اللي عرفوه إنه من حقه يكون وصي على أي إنسان مخالف له في العقيدة أو الأفكار، ده نموذج، ولو دورنا نلاقي كتير زيه»، وأكملت السيدة منشورها الجريء والرائع قائلة: «الحل هو القانون الرادع لأشكاله واللي زيه، المواجهات الشخصية مش كفاية ابدأ».
وفي الأخير، كان تعليق هذا الشاب الإرهابي على صفحته أنه في ابتلاء وطلب الدعاء له ليفك ربنا كربه، هكذا يعتقد هؤلاء أن ما يقومون به من إرهاب هو جهاد، وعند وقوعهم تحت طائلة القانون يسمونه ابتلاء بسبب جهادهم، وبالطبع تضامن معه بعض الدواعش على صفحته، ولأنهم يعلمون أنهم في مأمن فيكتبون ما يشاءون، وبعدها أغلق المتطرف صفحته.
وسؤالي الأخير: ماذا ستفعل السلطات المصرية عندما وصل أو سيصل ذلك المتطرف إلى أرض الوطن هل سيحاكمونه أم سيهادنونه كما يهادنون ذلك الفكر الإرهابي الهدام؟.