تعنت إسرائيل وضغط أمريكى.. سياسى لبنانى يكشف كواليس اتفاق ترسيم الحدود البحرية
قال الباحث السياسي اللبناني عبدالله نعمة، إن الولايات المتحدة الأمريكية وبتوجيهات من الرئيس جو بايدن فرضت على إسرائيل الرضوخ في ملف ترسيم الحدود البحرية بعد تلبية كافة مطالب لبنان.
وأوضح "نعمة" أن موضوع النفط والغاز في لبنان ليس بالأمر الجديد، نظرًا لأنه مع بداية قيام الدولة اللبنانية أتت شركات نفط عالمية وقامت بالتنقيب عن النفط في أماكن عديدة، منها على سبيل المثال منطقة عدلون في الجنوب، ومنطقة بدياس جانب نهر الليطاني وكذلك في عكار والبقاع، ولكن بسحر ساحر تم ردم هذه الآبار ولم تعرف النتائج وكل الذي قيل يومها أنه لا نفط في لبنان.
- محاولات اكتشاف النفط والغاز في لبنان
وأضاف الباحث السياسي في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أنه بعد الحرب على سوريا وتدخل روسيا وإيران والولايات المتحدة ودول الخليج، عاد الحديث عن النفط والغاز في شرقي البحر المتوسط مقابل فلسطين المحتلة ولبنان وسوريا بقوة، وأظهرت الدراسات وجود كميات هائلة من النفط مقابل هذه الدول ومن ضمنها لبنان.
وأشار إلى أن الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة التي تحتلها إسرائيل لم تكن مرسمة وبتدخل الأمم المتحدة تم ترسيمها واستعاد لبنان آلاف الكيلومترات المربعة وتم وضع خط وهمي مشار إليها ببراميل مطلية باللون الأزرق، واعتبرت انها الحدود بين البلدين وباتت تعرف فيما بعد بالخط الأزرق ولكن بقي هناك أراض محتلة، منها على سبيل المثال مزارع شبعا وكفرشوبا اضافة الى قرى لبنانية لم يتم أي تفاوض بشأنها وهي ما يعرف بالقرى السبع، ومنها على سبيل المثال طربيخا وصلحا وهونين وقدس فهذه هي قرى لبنانية احتلها إسرائيل عام 1948 وهجرت أهلها وأهلها يحملون الجنسية اللبنانية.
وتابع أنه عقب الحديث عن الثروة النفطية بدأ النزاع بين لبنان والاحتلال الإسرائيلى على الحدود البحرية وكانت هناك خطوط وهمية متعارف عليها، كالخط المعروف بخط هوف إضافة الى خط ناتج عن اتفاق وقعه رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة مع الدولة القبرصية وهذا الاتفاق نتج عنه خط مجحف بحق لبنان اذ ان الدولة اللبنانية خسرت من جرائه ما يقارب 1240 كلم بحري.
ولفت "نعمة" إلى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري تولى مهمة التفاوض مع الأمريكان وبقي الملف بين يديه حوالي 10 سنوات وكان له قول مشهور وهى "لن نتنازل عن كوب ماء واحد من ثروة لبنان ولا حتى عن قطرة غاز واحدة، نريد حقنًا كاملًا"، وتابع "قبل سنة تولى الملف رئيس الجمهورية ميشال عون لأن الدستور اللبناني حصر بشخصه موضوع التفاوض الدولي".
- الولايات المتحدة ضغطت على إسرائيل
ولفت المحلل السياسي اللبناني إلى أن الولايات المتحدة أرسلت الوسيط أموس هوكشتاين وهو بالمناسبة إسرائيلي يحمل الجنسية الأمريكية ليكون وسيطًا بين لبنان واسرائيل، وليتولى إدارة المفاوضات غير المباشرة، لأن الدولة اللبنانية لا تعترف بوجود دولة إسرائيل انما تعترف بوجود فلسطين المحتلة.
وأوضح "نعمة" أنه في بداية المفاوضات صرح "هوكشتاين" أكثر من مرة أن موقف لبنان ضعيف في المفاوضات وعلى اللبنانيين أن يقبلوا بما تعطيه لهم إسرائيل لمعالجة وضعهم الاقتصادي الصعب، ولكن هذا الموقف لاقى اجماعًا وطنيًا لبنانيًا رافضًا.
وتابع "نعمة" كلنا نعلم أن إمكانيات الدولة اللبنانية ولا يمكنها أن تفرض موقفًا، فكان لا بد للبنان من الدفاع عن حقه فأعلنت المقاومة عن أنها تقف خلف الدولة اللبنانية بكل قوتها ووجهت تحذيرات وتهديدات أنه لن يسمح لإسرائيل باستخراج الغاز ما لم يسمح للبنان، وأبدت استعدادها لقصف وتدمير سفينة الحفر الإسرائيلية "باور انرجين" في حال قامت إسرائيل باستخراج الغاز، وأرسلت 4 طائرات مسيرة قامت بجولة حول السفينة مما اضطر إسرائيل الى اسقاطها.
- تهديد للمنصة الإسرائيلية
وأوضح أنه بإرسال المسيرات تبين أن لبنان قادر على تعطيل استخراج النفط والغاز الذي تحتاجه أوروبا وأنه بالفعل قادر على تشكيل تهديد للمنصة الإسرائيلية، حينها تدخلت أمريكا بقوة لفرض الاتفاق ووفقًا للحق اللبناني على إسرائيل.
ولفت نعمة إلى أن اسرائيل وكونها على أبواب انتخابات بدأت المناكفات السياسية داخلها ما بين بنيامين نتنياهو ولابيد، حيث اتهم نتنياهو الحكومة الإسرائيلية الحالية برضوخها أمام ضغط حزب الله، فأعلن لابيد عن رفضه للمطالب اللبنانية والتعديلات التي طالب بها اللبنانيون، ولكن أمريكا وبتوجيهات من الرئيس جو بايدن فرضت على إسرائيل الرضوخ بعد تلبية كل المطالب اللبنانية وبتدخل المقاومة.
وبعد أن كان الموقف اللبناني ضعيفًا في البداية وكان "هوكشتاين" مستخفًا باللبنانيين، بات يتصل كل ساعة بنائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب ويطلعه على كل التطورات، والذي بدوره ينقلها إلى رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الجمهورية ميشال عون، حتى اتجهت الأمور حاليًا إلى توقيع اتفاق بين لبنان وإسرائيل، مؤكدًا أن هناك موقفًا موحدًا عن الرؤساء الثلاثة سيصدر حول التعديل النهائي للاتفاق حول الترسيم.