كش ملك
منذ 25 عامًا حكي لي أحد الأصدقاء المفكرين قصة معبرة، وقد بحثت عن مرجعها ولكن لم أحصل عليه، وهنا ليس المرجع هو المهم بل التعبير الأدبي والثقافي عن مجريات تلك القصة هو الأهم، تلك القصة قبل أن اسردها في مقالي هذا فهي تعبر عن الذي حدث في مصر منذ سبعينيات القرن الماضي إلى وقتنا هذا.
القصة، في الرواية الهندية يذكر بأنّ الذي اخترع الشطرنج هو وزير يدعى سيسا كان يعمل لدى ملك يدعى شرهام، وكان يريد تسليته بلعبة تجلب عقله وترفع عنه الهم، إلا أنّ الملك أعجب كثيرًا باللعبة، فأعطاه مكافأة، وطلب منه تحديدها بنفسه حتي لو كانت "جزءًا من مملكته"، أمّا سيسا فقد خالف توقعات الملك وطلب حبة أرز واحدة توضع في المربع الأول، ثمّ تضاعف في المربعات الأخرى حتى يتم انتهاء جميع مربعات الشطرنج الأربعة والستين، ولكن الملك سخر من طلبه واعتبر ذلك الوزير "مجنون وغبي"، إلا أنه أمر له بما يريد، فاتضح في نهاية اللعبة، أنّ مجمل محصول أرز الهند سيكون ملكًا للوزير الذي اخترع اللعبة لمدة 20 عامًا، وبما أن الأرز كان هو غذاء مملكة الهند العظمي ولشعوب أخري كثيرة، ومصدر اقتصادها الأول فأصبح ذلك الوزير هو حاكم البلاد الفعلي والمتحكم في كل شئونها، هنا أيقن الملك أن كل حكم المملكة قد ضاع منه، وأنه هو المجنون والغبي وليس الوزير.
هذا ما حدث في مصر وكانت البداية نظام السادات في السبعينيات عندما أراد القضاء علي الهوية المصرية فسلم وزارة التعليم إلي يد الجماعات المتطرفة، وبالطبع وضعوا المنهج الذي هو أول حبة أرز (ثقافة إرهابهم) في قطعة الشطرنج التي تمثل (الهوية المصرية) وفي كل تحرك عبر كل عام دراسي الذي يمثل كل مربع في "قطعة الشطرنج" تتضاعف حبات الأرز، وفي الربع الأول من مربعات الشطرنج تم حصار الملك (السادات) والقضاء عليه برصاصة كش ملك بيد أحد عساكر القطعة التابعين للوزير مخترع الشطرنج، رغم أنه كان حليفًا سياسيًا وربما أيدلوجيًا لهم، وجاء ملك آخر ليستكمل اللعبة (حسني مبارك) لم يكن لديه أي مهارة أو علم باللعبة فعمل علي إطالة مداها الزمني والتسلية مع مخترع اللعبة (الجماعات المتطرفة) لكي يجلس أطول فترة ممكنة علي رقعة الشطرنج فترك لهم كل تنقلات اللعبة علي قطعة الشطرنج، وطلب منهم امتلاك كل شيء، ولكن أن يتركوا الملك يعيش بدون حصاره والقضاء عليه كمثل سابقه السادات، فامتلكوا الاقتصاد والنقابات وكل المنصات الإعلامية والتعليمية والثقافية وحكموا قاع المجتمع، لكن في النهاية عندما جاءت الفرصة تم حصاره، وكان مصيره الرمي به خارج دائرة الغرفة التي تمارس فيها اللعبة ليتم إزلاله والقضاء عليه.
وهنا أصبح مخترع اللعبة (الجماعات المتطرفة) هم ما يمثلون الملك والمسلي (محمد مرسي والجماعات المتطرفة) وامتلكهم الغرور ليفعلوا بقطعة الشطرنج (مصر) ما يحلو لهم بعد أن ملأوا كل مربعات قطعة الشطرنج (الهوية المصرية) بكل أرز الشيطان (ثقافة الإرهاب والتطرف) لعشرات سنوات قادمة، وأن الوطن مصر أصبح اللعوبة في أيديهم يفعلون به كما يشاءون.
لكن فجأة وجدوا الملايين تصرخ خارج غرفة اللعبة ومطلبها هو القضاء علي الوزير المسلي (مرسي) وجماعته المتطرفة وإنقاذ ما تبقي من الهوية المصرية للبناء عليها لما هو قادم.
لكن الذي حدث تم إخراج الوزير والملك (مرسي وجماعته) دون القضاء عليهم وبقيت رقعة الشطرنج وحبات أرز عليها وجاء آخرون (السلفيون) من أتباع الوزير المسلي (الإخوان) لكي يحافظوا على حبات الأرز (تعاليمهم الإرهابية) التي على الرقعة (الهوية المصرية) ويعملون على تثبيتها تمامًا حتى يتم امتلاك مصر كاملة وستكون النتيجة بكل تأكيد ضياعها.
والسؤال المهم والمنطقي بعد مرور 9 سنوات على ثورة 30 يونيو العظيمة: هل الذي حدث في إدارة أحداث تلك الثورة، كان يهدف إلى إنقاد ثقافة الإخوان الإرهابية محاكم فعلي للمجتمع المصري من ثورة الشعب بدلًا من إنقاذ الشعب من إرهاب حكم الإخوان"؟ سيظل هذا السؤال مطروحًا حتى تتخذ القيادة السياسية خطوات جادة للقضاء على ثقافة الإخوان الإرهابية التي تسيطر على كل شىء وإنقاذ الهوية المصرية وإلا فضياع مصر قادم بكل تأكيد، من له أذن للسمع فليسمع ما يقوله ضمير الوطن للقيادة السياسية قبل فوات الأوان.