هل ينهى خط الغاز الجديد لبولندا الهيمنة الروسية على سوق الغاز؟
في ظل استمرار الأزمة الروسية الأوكرانية، وانقطاع إمدادات الغاز الروسية، وارتفاع أسعار الطاقة، وتكاليف نقل الإمدادات تسعى الدول الأوروبية لمواجهة أزمة لطاقة المقبلة في شتاء 2023، حيث من المتوقع أن تلك الأزمة ستكون أشد إيلاما من الأزمة الراهنة.
وقال أحمد السيد، الباحث في المركز المصري للفكر والدراسات، إنه في هذا السياق بدأت بولندا في تلقي الغاز من النرويج عبر خط أنابيب جديد يمتد من بحر البلطيق إلى بولندا عبر الدنمارك، وسيساعد خط أنابيب البلطيق في تنويع إمدادات الغاز البولندية بعيدًا عن روسيا، كما سيوفر من عمليات التحرر من الاعتماد على الغاز الروسي.
وأشار السيد في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، إلى أنه بإنشاء هذا الخط تعمل دول أوروبا على تقليل الاعتماد على روسيا، كما يعبر عن إرادة سياسية للغرب، وقد تمكنهم مثل تلك المشاريع من الاكتفاء من الغاز والاستعداد لفصل الشتاء.
وأوضح السيد أنه تم تشغيل خط الأنابيب، الذي تبلغ طاقته السنوية 10 مليارات متر مكعب، رسميا يوم الثلاثاء، بعد يوم من اكتشاف تسربات في خط أنابيب نورد ستريم الذي يمر عبر البحر ويربط روسيا بأوروبا.
ولفت السيد إلى أن الغاز يعتبر أحد أسلحة "بوتين" القوية ضد الغرب، وبإنشاء هذا الخط وافتتاحه رسميًا تسعى دول أوروبا للحد من هيمنة بوتين في مجال الطاقة.
وتابع السيد "يُعني هذا الخط أن بولندا ستستقبل زيادة في كميات الغاز بمقدار الضعف في الربع الأخير من 2022 عما كان متوقعا، وتبلغ كميات الغاز التي تستقبلها بولندا من النرويج عبر خط أنابيب البلطيق، وفق الاتفاق، 2.4 مليار متر مكعب سنويًا، وهي تكفي 15% من احتياجات وارسو".
وأكد السيد أن أنبوب البلطيق يعتبر مشروعا رئيسيا لتأمين الإمدادات في المنطقة ونتيجة لسياسة الاتحاد الأوروبي لتنويع مصادر الغاز، كما خط الأنابيب دورا مهما في التخفيف من أزمة الطاقة الحالية.
يجدر الإشارة إلى أنه تم تدشين خط الأنابيب، الذي تبلغ طاقته السنوية 10 مليارات متر مكعب، رسميا يوم الثلاثاء، بعد يوم من اكتشاف تسريبات في خطوط أنابيب الغاز البحرية نورد ستريم التي تربط روسيا بأوروبا.
وكانت روسيا قد قطعت إمدادات الغاز عن بولندا في أبريل عندما رفضت الدفع بالروبل.
أنابيب البلطيق سيهز أسواق الطاقة في أوروبا الوسطى
فى السياق ذاته، قالت مروة عبدالحليم الباحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، إنه حتى العام الماضي 2021 كان الغاز الروسي يسد سنويا أكثر من 40% من استهلاك الاتحاد الأوربي وبلغ حجم الصادرات منه إلى دول الاتحاد 155 مليار متر مكعب غير أن تبعات الحرب في أوكرانيا تقلص الاعتماد عليه بشكل متزايد، في وقت قرر فيه الاتحاد الاستغناء التدريجي عنه.
وافتتح قادة كل من بولندا والدنمارك والنرويج خط أنابيب البلطيق، وأعلنوا بدء تدفق الغاز النرويجي إلى بروكسل، بعد يوم واحد من اكتشاف عدة دول أوروبية تسريبات غاز من نورد ستريم 1، ما أثار مخاوف من وجود عمليات تخريبية.
وأشارت عبدالحليم في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، إلى أنه من شأن مشروع "أنابيب البلطيق"، وهو مشروع بقيمة 2.1 مليار يورو، أن يهز أسواق الطاقة في أوروبا الوسطى فلن تحتاج بولندا بعد الآن إلى إمدادات الغاز الروسية التي يتم نقلها بواسطة خط أنابيب يامال، وبذلك تكون قد اتخذت بولندا خطوة كبيرة نحو تنويع احتياجاتها من الطاقة من خلال الاستقلال عن إمدادات الغاز الروسية.
وأوضحت عبدالحليم أن خط "أنابيب البلطيق" سيساهم في خفض أسعار الطاقة، وتحرير بولندا وأوروبا من الغاز الروسي فكلما زاد عدد خطوط الأنابيب التي لا تأتي من روسيا، كان ذلك أفضل ليس فقط لأمن الطاقة، ولكن أيضا لأسواق الغاز، نتيجة زيادة العرض وبالتالي انخفاض الأسعار وهو ما يعني ضربة جيوستراتيجية ليس لروسيا فقط، ولكن لبيلاروسيا أيضًا والتي دائمًا ما يهدد رئيسها ألكسندر لوكاشينكو، بقطع إمدادات الغاز عن أوروبا إذا فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة على بلاده.
وقالت عبدالحليم إنه من المتوقع أن يساهم خط بولندا في انخفاض الصادرات الروسية إلى أوروبا من حوالي 200 مليار متر مكعب حاليًا (7. 7 تريليون قدم مكعب) إلى ما بين 50 مليار متر مكعب (مليار متر مكعب) و 75 مليار متر مكعب بحلول عام 2030.
وأوضحت أنه معدل تدفق خط أنابيب البلطيق يبلغ 62.4 مليون كيلوواط/ساعة وتبلغ سعة خط أنابيب البلطيق 10 مليارات متر مكعب سنويًا، وافتُتح رسميًا يوم الثلاثاء الماضي، أي بعد اكتشاف تسريب الغاز من نورد ستريم 1 بيوم واحد.
ومن المقرر أن يدعم خط الأنابيب البالغ طوله 182 كيلومتراً بلغاريا، التي تبذل جهوداً مضنية لتأمين إمدادات الغاز بأسعار معقولة، منذ نهاية أبريل 2022، عندما أوقفت شركة "غازبروم" الروسية عمليات التسليم بسبب رفض صوفيا الدفع بالروبل.