هل أهدرت الدولة المليارات فى مشروع العاصمة الإدارية؟ دراسة تجيب
نشر المرصد المصري، التابع للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، دراسة بعنوان "هل أهدرت الدولة المليارات في مشروع العاصمة الإدارية الجديدة؟"، للباحثة هبة زين، متناولة مشروعات العاصمة الإدارية الجديدة والشائعات المتدوالة حول أن الحكومة المصرية أنفقت المليارات عليها من الموازنة العامة للدولة.
وأوضحت الدراسة أن العاصمة الإدارية الجديدة مشروع واسع النطاق، أعلنته الحكومة في مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري في مارس 2015 -فهي واحدة من أهم المدن الذكية والمستدامة- وتبلغ مساحة المشروع عند اكتماله حوالي 700 كيلومتر مربع أي 170 ألف فدان، على أن يتم التنفيذ على 3 مراحل.
وتبلغ مساحة المرحلة الأولى من المشروع نحو 168 كيلومترًا مربعًا (40 ألف فدان) أي نصف مساحة القاهرة تقريبًا والتي تبلغ نحو 90 ألف فدان.
وتناولت الدراسة الإجابة عن سؤال من يمول مشروع العاصمة الإدارية؟، والتى تعد مسألة التمويل هي أكثر القضايا الشائكة والتي حظيت على الكم الأكبر من الشائعات التي نالت وتنال من المشروع، وكانت قد أوضحت الحكومة عدة مرات أن تمويل المشروع بالكامل خارج إطار موازنة الدولة، وسبق أن أوضحت وزارة المالية نجاح الدولة في إيجاد قيمة اقتصادية للأرض المقام عليها تلك المشروعات، فقد حصلت الشركة على أرض المشروع، وهي صحراء، وقامت بإنشاء المرافق العامة بها من طرق وكهرباء ومياه شرب وصرف صحى وإنارة للشوارع ووضع نظام للتحكم في المرور والصرف الصحي والكهرباء بأحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا الحديثة من تطور. وتحويلها إلى مصدر للتمويل بحيث تستخدم هذه القيمة الاقتصادية الناتجة عن بيع الأراضي للمستثمرين في تمويل عمليات الإنشاء وسداد مستحقات المقاولين والعمال بها؛ من أجل إقامة مجتمع عمراني بدرجة عالية من الرقي والتطور ينقل مصر نقلة حضارية جديدة.
وأشارت الدراسة إلى أنه تلقت شركة العاصمة الإدارية الجديدة حتى فبراير الماضي أكثر من 55 طلبًا لتخصيص أراضٍ بنشاط سفارات ضمن نطاق الحي الدبلوماسي، وتم توقيع عقود مع 10 دول، وجارٍ دراسة بقية العقود للبت فيها. وبلغ سعر بيع المتر المربع بحي السفارات حوالي 500 دولار، ومن المتوقع وجود زيادات سعرية خلال عام 2022 و2023، وسوف تتم التعاقدات الجديدة للسفارات وفقًا للأسعار الجديدة.
ووفقًا لمعلومات خاصة للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، فإن المشروع يحقق عوائد كبيرة. ونتيجة حصيلة البيع والتي تحصل الدولة منه على 20%، بالإضافة إلى الأقساط التي تحصل عليها الدولة عن مشروعات حق الانتفاع المؤقتة مثل محطات البنزين المتنقلة، استطاعت شركة العاصمة الإدارية أن تحقق سيولة تزيد على 40 مليار جنيه، إلى جانب أكثر من 40 مليار جنيه أخرى مستحقات لدى الغير.
وعن الجزء الذي تتحمله الدولة، فسبق أن أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء حاليا ووزير الإسكان حينها، أن تمويل مشروع العاصمة الإدارية سيكون من الباب السادس للموازنة، والمخصص لمشروعات المياه والصرف والخدمات الصحية والتعليمية. موضحًا أن الباب السادس للموازنة تابع لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة التي دورها هو بناء مدن جديدة. مشيرًا إلى أن الاتفاق مع الشركة الصينية في العاصمة الإدارية كان على جزأين أحدهما مباني الوزارات والأخرى الاستثمارية، وما لم يتم التوافق فيه هو مباني الوزارات بسبب التكلفة المرتفعة، ومن ثم أعلنت الدولة تنفيذ ما يخص مباني الوزارات من خلال تمويل المشروع نفسه.
وتطرقت الدراسة للشائعات حول المشروع، وحول مصدر تمويل الحي الحكومي، والتي تمحور أغلبها حول أن تمويل إنشاء الحي الحكومي بالعاصمة الإدارية الجديدة كبّد الموازنة العامة للدولة الكثير، وكان من الأفضل توجيه هذه الأموال لمشروعات إنتاجية، أو من حصيلة بيع المقرات الحكومية القديمة.
وهو ما نفته الحكومة مرارًا وتكرارًا. ورصدت الدولة حوالي 40 مليار جنيه لعملية الإنشاء، تمولها الشركة من ميزانية عائد بيع الأراضي. وبدورها تنشئ هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة حاليًا حيًا سكنيًا على أرض العاصمة الإدارية الجديدة، تحصل الدولة على ثمنها وثمن الأرض عند بيع وحدتها السكنية.
وأكدت الدراسة أنه بالرغم من التأكيد على عدم تحميل ميزانية الدولة بتكاليف إنشاء مشروع العاصمة الإدارية الجديدة وأن المشروع يتم تمويله من خلال بيع أراضٍ صحراوية ظلت لقرون دون قيمة أو استغلال، من خلال خلق قيمة استثمارية لها عن طريق بضعة مشروعات بنية تحتية أساسية. إلا أن ادعاءات البعض ذهبت نحو أن الدولة خسرت الأراضي التي كانت تملكها من أجل مشروع ليس ذا جدوى اقتصادية أو اجتماعية.
فمع افتراض صحة الادعاء بأن الدولة خسرت قطعة أرض قبل ترفيقها كانت توصف بأنها – صحراوية تفتقر للمرافق ليست ذات جدوى اقتصادية أو استثمارية يصعب استخدامها في أي أغراض تنموية أو سكنية– مجرد صحراء لا يمكن الاستفادة منها.
واختتمت الدراسة أنه يفتح التخطيط لإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة بل وكل المدن الجديدة آفاقا جديدة للتوسعة العمرانية الأفقية، ويمهد الطريق نحو فكرة «الخروج من الوادي»، فضلًا عن كونه مسعىً لاستدامة النمو العمراني الذي يتناسب مع النمو السكاني والاقتصادي.