جول ريميه.. الأب الروحي لكأس العالم الذي قادته الصدفة لرئاسة الفيفا
لولا المحامي الفرنسي جول ريميه صاحب الفضل في ظهور أكبر بطولة عالمية ما استمتع الملايين ببطولة كأس العالم كل 4 سنوات والتي كان لريميه الدور الأكبر في ظهور نسختها الأولى للنور عام 1930.
جول ريميه من مواليد 14 أكتوبر عام 1873 في مقاطعة توليه لي لافينكور الفرنسية وكان والده يملك متجرًا متواضعًا لبيع الخضروات وانتقلت العائلة إلى باريس عام 1884 وكان عمر جول 11 عامًا.
عندما كان جول ريميه في سن السابعة عشرة أصدر البابا ليو الثالث عشر رسالته الدورية متضمنةً الحديث عن كرامة العمل وأهميته فكان لها تأثير كبير على جول وأثارت جهوده لتعزيز آرائه ودفعته للعمل والتصميم للوصول للأهداف ومن خلال مسيرته الدراسية أكد جول أنه طالب نموذجي وحصل على منحة لمتابعة دراسته في جامعة باريس ليحصل على شهادة في القانون ويصبح محاميًا.
رغم أن جول ريميه لم يسبق له أن مارس رياضة محددة على مستوى عال لكنه كان من عشاقها ووهب نفسه لها وكانت بداية إنجازاته في عالم الرياضة تأسيس نادي ريد ستار عام 1897.
وفي عام 1910 لعب جول ريميه دورا أساسيا في تأسيس بطولة كرة القدم الأمريكية والتي كانت البطولة الأولى في فرنسا وكان رئيسها الأول وبعدها أصبحت طموحات جول ريميه معطلة بسبب الحرب العالمية الأولى حيث كان وقتها ضابطًا في الجيش الفرنسي وبعد انتهاء الحرب التي استمرت من 1914 الى 1918 قام جول ريميه بتأسيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم عام 1919 وكان أول رئيس للاتحاد كما كانت دورة أنتويرب الأوليمبية عام 1920 أحد أفكار جول ريميه الرائعة ووقتها تعاقد معه الاتحاد الدولي " فيفا " ليصبح مسؤولًا عن الفيفا ومديرا له لفترة مؤقتة وبعد مرور عام تحقق حلمه وأصبح رئيسا للفيفا في مارس 1921.
كان جول ريميه يملك قدرة كبيرة على الإقناع ونجح بإصراره عام 1926 في ترشيح لجنةٍ خاصة لدراسة إمكانية إقامة بطولة عالمية وفي مؤتمره في مدينة أمستردام الهولندية عام 1928 وافق الاتحاد الدولي بموافقة 25 دولة مقابل رفض 5 دول على تنظيم كأس العالم كل أربع سنوات وتم إختيار أوروجواي لتنظيم البطولة الأولى عام 1930 بعدما وعدت ببناء ملعب جديد لكأس العالم كما أنها وافقت على تحمل تكاليف السفر والإقامة للفرق المشاركة في البطولة.
تحقيق أحلام جول ريميه لم يكن سهلا وأقيمت بطولة 1930 بدون تصفيات ووافقت 13 دولة فقط على المشاركة وسط خيبة أمل من ريميه الذي كان يطمع في مشاركة عدد أكبر ولكن الصدمة الأكبر كانت في موقف الاتحادات الأوروبية من هذه البطولة وعدم تقدم أي اتحاد أوروبي لاستضافتها لذلك لجأ ريميه إلى دول أمريكا الجنوبية وأسند تنظيم البطولة لأوروجواي وهو ما ساهم في تقليص فرص مشاركة المنتخبات الأوروبية بسبب معاناة السفر لدرجة أنه قبل شهرين فقط من انطلاق البطولة لم يؤكد أي منتخب أوروبي مشاركته.
تدخل جول ريميه بشكل شخصي لإقناع الاتحادات الأوروبية بالمشاركة وحصل على موافقة 4 منتخبات وهي فرنسا ورومانيا وبلجيكا ويوغوسلافيا وقامت المنتخبات الأربعة برحلة شاقة عبر البحر للوصول لأوروجواي لخوض البطولة وكانت أوروجواي عند حسن ظن ريميه باهتمامها شديد بمباريات البطولة فتم تخصيص 3 ملاعب وهي كينتيناريو وجران سنترال وبوسيتوس والتي تم إنشاؤها في ذكرى استقلال أوروجواي لاستضافة المونديال.
كانت البداية خجولة نسبيا وأثارت مخاوف ريميه ومسؤلي الفيفا بعد أن اقتصر الحضور الجماهيري على 4500 مشجع في مباراة فرنسا والمكسيك في افتتاح المونديال لكن الحضور زاد تدريجياً مع مشاركة أوروجواي والمنتخبات اللاتينية حتى وصل إلى 69 ألف مشجع في المباراة النهائية بين أوروجواي والأرجنتين.
أُعيدت تسمية كأس العالم بكأس جول ريميه عام 1946 اعترافًا بدوره الكبير وأشرف جول على البطولات الخمس الأولى قبل أن يسلم كأسها الأخير لكابتن المنتخب ألمانيا الغربية فريتز والتر في يونيو عام 1954وفي نفس الشهر أنهى البالغ ريميه من العمر 80 عاما فترة رئاسته للاتحاد الدولي التي استمرت 33 عامًا زادت خلالها عضوية الفيفا من 20 الى 85 دولة.
توفي ريميه في سوران بفرنسا عام 1956 بعد يومين من عيد ميلاده الثالث والثمانين وتم ترشيحه في هذا العام لجائزة نوبل للسلام وبعد وفاته تم منحه وسام الإستحقاق لكونه مخترع بطولة كأس العالم.